والسلام على من اتبع الهدى
ليس المراد منه التحية، إنما معناه من أسلم سلِم من عذاب الله سبحانه وتعالى.
أمَر اللهُ نبيه موسى عليه السلام أن يقولها لفرعون، فقال الله تعالى: (فَأْتِيَاهُ فَقُولا إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى ) سورة طه : 47.
نجد في الآية تعريضاً بأن يطلب فرعون الهدى الذي جاء به موسى - عليه السلام - ويفهم من الآية : أن من لم يتبع الهدى لا سلام عليه، قال الزجاج : أي من اتبع الهدى سلم من سخط الله - عز وجل - وعذابه . قال : وليس بتحية ، والدليل على ذلك أنه ليس بابتداء لقاء ولا خطاب .
إذن ( السلام على من اتبع الهدى ) هذه الصيغة في السلام ليس بتحية، وتتضمن أن من تسلم عليه ليس ممن اتبع الهدى، وقد كتبها النبي صلى الله عليه وسلم للكفار في رسائله إلى بعض الملوك.
ففي حديث أبو سفيان بن حرب أن هرقل أرسل إليه في نفر من قريش وكانوا تجارا بالشام فأتوه فذكر الحديث قال ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه و سلم فقرئ فإذا فيه بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد عبد الله ورسوله ، إلى هرقل عظيم الروم ، السلام على من اتبع الهدى ، أما بعد ... ) رواه البخاري
وأخرج عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال: التَّسْلِيم على أهل الكتاب إذا دَخَلْتَ عليهم بُيُوتَهم " السلام على مَن اتَّبع الْهُدى ".
لذلك لا ينبغي للمسلم أن يعدل عن تحية الإسلام ويستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خَيْر، فتحية الإسلام : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عن أبي هريرة رضي الله عنه : "أن رجلاً مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في مجلس فقال: السلام عليكم
فقال: عشر حسنات
فمر رجل آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله
فقال: عشرون حسنة
فمر رجل آخر فقال : السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
فقال : ثلاثون حسنة
فقام رجل من المجلس ولم يسلم، فقال رسول الله صلى عليه وسلم: ( ما أوشك ما نسي صاحبكم ! إذا جاء أحدكم المجلس فليسلم؛ فإن بدا له أن يتطرق فليجلس، و إذا قام ـ وفي رواية ـ فإن جلس ثم بدا له أن يقوم قبل أن يتفرق المجلس فليسلم، ما الأولى بأحق من الآخرة ) رواه البخاري في أدب المفرد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته