دعيت إلى حفل مباركة عند إحدى جاراتي و ذلك لأن ابنها رزق بصبي ثان ( طبعا لو رزء ببنت لن يكون هناك مباركة و يكغيها ان يقولوا لها : الحمد لله على سلامتك) .
و في التقليد الدمشقي حفلة المباركة تعني الاغاني و الزغاريد و تقديم الكراوية بالمكسرات و الشوكولاته الملفوفة غالبا بسيلوفان سماوي ( طبعا لان المحتفى به مولود ذكر)
و لكن منذ فترة ليست بعيدة نسبيا( عشر سينوات تقريبا) انقلبت جميع احتفالاتنا من احتفال فولكلوري تقليدي و طقوس عريقة الى احتفال يسمى مولد تتم فيه قراءة القصة النبوية الشريفة و بعض الاناشيد التي تتخذ الحان اغان عصرية او قديمة و في سبيل هذا التحوير كتبت كلمات حديدة للاغنية على مقاس اللحن و تحتوي على اخطاء منطقية فاضحة ( فوق الحرم فوق على لحن اغنية ناظم الغزالي فوق النخل مثلا و طوال الاحتفال و انا افمر بقصة فوق الحرم يا هل ترى اعتلاء الحرم يكون باحنحة او بطائرة او بسلم ؟) و كل هذا الالتفاف و المخاتلة هو نوع من التملص من "اثم " الاحتفال التقليدي الذي اعتدنا عليه سابقا
الاحتفال بالولادة بإقامة (مولد) ليس سوى نكوص حضاري و اندثار لثقافتنا الدمشقية لصالح ثقافة ( ان صح تسميتها ثقافة ) تعتبر اظهار الفرح و التعبير عنه إثما لا غفران له و لذلك علينا ان نقلبه الى احتفال ديني لكي يكون مقبولا دينيا و الا فانه يصبح رجسا من عمل الشيطان
يقال ان العولمة بدعة اميركية و لكن يبدو ان العولمة لها شقين : عولمة غربية تريد ان تؤمرك كل شيء و عولمة دينية تريد ان تؤسلم كل شيء )
و انتهى الحفل بان وزعت ام شادي بركاتها على جميع النساء الحاضرات اللواتي لم يشاغبن و لم يثرثرن و اتين الى المولد لانه مائدة من موائد ذكر الله ( يعني صار من الغلط ان اتي لابارك لجارتي و اشاركها فرحتها )
و مع بركات ام شادي وزعت علينا بطاقات برقم تلفونها كدعاية لها في حال احبت احدى الجارات اقامة حفل مماثل
و هذا الموضوع شق اخر يمس بشكل كبير موضوع ( العلاقة الاقتصادية مع الله عز و جل )
و لو اتنتبهنا منذ عشرة سنوات على الاقل الى بداية التآكل في منظومتنا الاجتماعية و نسيجنا الثقافي لما وصلنا الى هذه الحالة من التشرذم و الفرقة و انتشار ثقافة التكفير و التعصب الديني الذي افضى الى كل هذا الخراب