روما الجديدة: امبراطورية قوى السوق الكونية
حازم خيري
ما يحدث في مجتمعاتنا، من تخبط وارتباك – مثيرين للشفقة –، مصدره جهل السواد الأعظم من أبناء مجتمعاتنا بالتحول الكوني الراهن، وهو جهل تُغذيه دولة العسكر وأنصارها، على أمل اطالة عمرها لأبعد مدى ممكن، فضلا عن خشية الاسلاميين من تعرية الحقيقة نفسها، لضعف ثقتهم بالشعوب، وقناعتهم بأفضلية عدم معرفتها لما يزيد عن حاجاتها اليومية.

نحن نعيش في عصر العولمة!! نحن مواطنون في جمهورية، أو لنقل امبراطورية، قوى السوق الكونية. انها روما الجديدة، السوق فيها هو السيد، والمواطن فيها هو المستهلك. انها دولة افتراضية، الرأس يوجد حيث عاصمة قوى السوق الكونية - الولايات المتحدة الأمريكية -، أما الجسد فمترامي الأطراف، انه العالم بأسره، بقاراته المختلفة، وحضاراته وثقافاته المُتعددة.

لم يعد ثمة معنى للحدود!! المواطنة العالمية تعني أن الدولة – الأمة وما يرتبط بها من أمور، لا مستقبل لهما! غير أن ما يُؤسف له كثيرا هو أن فكرة الدولة – الأمة تُغادرنا ولم نستفد منها، نُدفع اليوم بعيدا عنها، وقد أصبحت محض أوحال. أفهمنا العسكر أن الدولة لا تتجاوز ولا ينبغى لها أن تتجاوز تخوم الوطنية المُتشنجة المُعادية للحرية وهو ما أورثنا فشلا وفسادا.

الاسلاميون هم الأكثر التصاقا بخصائصنا الحضارية، يجعلهم هذا من ناحية الأكثر تضررا من افلاسنا الحضاري، ومن ناحية أخرى يجعلهم هذا الخيار الأفضل حاليا، لضمان وقوف حضاراتنا ومجتمعاتنا وجها لوجه أمام أوجاعها وآلامها، بعيدا عن التبريرات الكلاسيكية، بأن ما نعانيه محض عرض، يختفى فور استعادة الماضي والانحشار في الميراث الحضاري.