رؤية نقدية لديوان الشاعر زياد مصطفى الجزائري
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
شرفني المهندس الأستاذ مهند الكوسا بإهدائه ديوان الشاعر /زياد مصطفى الجزائري:
وقد كان ديوانا جديرا بالتوقف فغلافه أولا لافتا موفقا , ويعتبر أدبيا فاتح شهية للقارئ لذا العناية به هام جدا وهو يشكل نصف انجاز للكتاب, ثانيا احتوائه على قصائد عمودية فقط, فمن عادتنا أن نجد دواوين قد تمزج بين تجربة الشاعر العمودية وشعر التفعيلة و النثر والموزون لكنه اقتصر على العمودي وهو يعتبر إنجازا قيما جدا.
أسماه/هموم وأشواق وهو اسم على مسمى فقد حوى في جله على هموم الشاعر مرهف الإحساس ففي حين يتهم بعض الشعراء بذاتية المشاعر في دورانهم حول ذاتهم في أغراض الشعر نجد انه خصص جله لأغراض وطنية عربية وتأبينية أو لمناسبات هامة.
بدأنا بالإهداء الذي اعتبرناه عرض لفكر وقلب الشاعر , رغم رقة التعبير وبصمته الإنسانية لكنها أتت تقليدية في حين غدا الإهداء مختزل بجمل مركزة تختصر كل شيء ورد في العمل, لكن أهم ما كان فيها هديته لسر الهامة ولجمعية الإبداع وهو يعد من أنواع العرفان الذي بدأ فضاءه ينكمش قليلا في زمننا المتوثب السريع التغير.
قدم له رئيس الجمعية/المحامي محمد هشام الحساني وكانت مقتضبة مكثفة جديرة بالتوقف لأنه قدم شاعرنا كجامع لتجارب شعراء عرب سامقون سبقوه.
مقدمة أخرى للشاعر بدت وكأنه زج بها كان يكفيه الإهداء ليختزل فيه كل بوح يهمه.
الأديب يكتب كتابا واحدا كتجربة شعورية وفكر وطريقة بوح كما قال الأستاذ الحقوقي محمد واصف الحكيم,[1] لكن الدكتور سهيل زكار[2] يقول ربما لكنه مادام يطور تجربته الأدبية ويود لو راجع وغير من جديد ما كتب سابقا فهو يتطور في كل شيء.
بدأ الديوان بشعر قومي وطني يحكي ألمنا العربي عبر جراحات البلاد العربية في العراق ولبنان وو ويواجه أمريكا في قصيدة موفقة جدا لكنها أتت كلاسيكية على غالبيتها لم تأت بجديد. حتى دخلنا قسم ثان يخص التجربة الحياتية والإنسانية والتي تجلى فيها شعر الحكم في أبدع صوره ولنا في قصيدة:
حوارٌ لا دمارٌ وقفة نقدية حيث أن شعر الحكم يعد من أثمن ما كتب الشعراء لأنه يبقى في ذاكرة الشعوب يترنمون بأبياته ولن ننسى هنا المتنبي والشافعي وابن الفارض وغيرهم.
الرأي يقنع لو رعاه حوار=والعنف ليس به الحياة تدار
لتصير قنبلة تفجر حينما=يلهو بها الأغراب والأشرار
من قال :إن الدين إجرام ومن=أفتى بأن القتل فيه شعار
إن كنت مظلوما ستدعى ظالما=ويذم منك الرأي والأفكار
لو رحت تردي الأبرياء تعسفا=وتقول :شاء الله والأقدار
الله في القرآن كرم خلقه=والناس في آرائهم أحرار
لا ضغط (لا إكراه) في دين ولم=يبح الدماء لمن هم أغيار
إن شئت تقنعني برأيك فاستمل=قلبي فقلبي بالوداد يثار
إن جار غيري كيف تزهق مهجتي؟=أينال من غير الجناة الثار؟
يا تائها في الرأي يصدر حكمه=متوهما أن الورى كفار
فكر بمن يلقيك في وادي الردى=ما يبتغي؟كم خلفه أسرار
لم يجعل الرحمن جنته لمن=سلبوا العقول وباعهم تجار
من ساق مثلك لم يرد إلا الأذى=بالدين وهو مخطط مكار
لا لست إلا طائعا ومنفذا=وهو الذي –لا أنت –من يختار
************
شعر الحكم من أصعب أنواع الشعر فهو ذو وزن ثقيل في مسيرة الشاعر وقلت الدواوين التي تحوي منها الكثير لشاعر واحد وقلت القصائد الطويلة حول هذا الغرض. وتعد تلك القصيدة من قصار قصائد الشعار , وربما لفت نظرنا هذا البيت:
لا ضغط (لا إكراه) في دين ولم=يبح الدماء لمن هم أغيار
ولو كان همُ الأغيار لكان على الأذن أكثر لينا وهناك العديد من قصائده تحمل نفس الأمر البسيط لكنه يلفت النظر كنغمة عروضية.
هي فكرة واحدة يحوم حولها الشاعر بالنصح لمن يكفر ويكيل العداوة لمن لا يوافقه الرأي , ورغم وضوح معانيها وقرب غرضها من المتلقي, لكنها حوت من الحكم الجميل والبديع الذي يملأ القلب ويوافقه, يحسم أمر مشاعره الحارة إحصائية الـ م/ع الرقمية والتي كما نعلم تعتمد على الخواص التجويدية في رسم الحساس البياني:
البيت الأول:8/6=1,3
البيت الثاني:8/7=1,1
البيت الثالث:10/7=1,4
البيت الرابع:11/6=1.8
البيت الخامس:9/7=1,2
البيت السادس:/9=0,8
البيت السابع:8/8=1
البيت الثامن:9/6=1,5
البيت التاسع:8/7=1,1
البيت العاشر: 8/6=1,3
البيت الحادي عشر:9/9=1
البيت الثاني عشر:7/7=1
البيت الثالث عشر:1/5=0,2
البيت الرابع عشر:10/6=1.6
نجد أن المشاعر ذات وتيرة عالية بشكل عام في متن القصيدة وبلغت الذروة في البيت الثامن:

إن شئت تقنعني برأيك فاستمل=قلبي فقلبي بالوداد يثار

وفعلا كانت حكمة ذهبية لا يعيها إلا كل من يتقن فن الحوار بجدية وجودة ويعتبر هذا البيت هو البيت الذهبي في القصيدة كلها.
المخطط البياني:
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
نجد أن التغير فيه طفيف جدا لا يكاد يرى لقلة النزول والصعود وهذه ديدن معظم قصائد الحكم.
كانت لغة القصيدة بسيطة خلت من غريب الألفاظ ,والحشو من غير داع,كانت بلغة المخاطب وهي أقوى الطرق الشعرية,ومرت بسياق واحد حواري حار.
عرج بعدها الشاعر في ديوانه لقسم قصائد الغزل الرقيقة العفيفة والتقليدية كذلك وختمها بقائد المناسبات الجميلة.
يعتبر الديوان بحق بصمة على جدار عالم الشعر وفي تاريخ شعراء سوريا, لما فيه من فيم عالية نريدها ونبحث عنها ومازلنا نطالب بالكثير الجميل لأننا نرى أن قلنه يستحق أن يكون سيلا لعطش القراء الذين يبحثون حصرا عن الغرض الشعري السامي.
دمت بخير وتقبل عملي المتواضع وسامح إن كان هناك بعض غبش وتقصير في الرؤية فلست ناقدة متخصصة إنما هو اجتهاد فقط..
ريمه عبد الإله الخاني
14-6-2011






[1] مفتش دولة سابق في دمشق

[2]دكتور محاضر في التاريخ في جامعة الفتح بدمشق