الرحمة !!!
ضاق صدره من طلبات أولاده الثمانية، وأثاث منزل متهالك قديم، يصرخ قائلا :أرجوكم تخلصوا مني ،دعوني أتقاعد، ينظر إلى زوجته صامتا واجما جلست بجواره، تحكي له عن طلبات شهر رمضان وطلبات العيد ، قرر الخروج هربا من جحيم المنزل.وصل الشارع ، الناس في كل مكان ما بين غائد ورائح،، بدأ يمشي، وهواء تموز الحار يلفح وجهه ،شعر براحة كبيرة، سيختفي في الزحام ،ومن الدنيا ولو لساعة واحدة . لمح شبحا من بعيد ،نظر إليه جيدا ، يا إلهي صاحب المنزل ...، عاد أدراجه بسرعة ،يظل البيت أرحم وأستر !!================================================ ==
فنجان قهوة .. .
.قبلت زوجها على جبينه ، وضعت شرشفا أبيضا عليه بحب وحنان ،استأذنته بالخروج لشراء فنجان قهوة التي تعشقها هي وكل أولادها ،ضحك منها قائلا : قهوة ..حسنا لالاتتأخري !!خرجت من غرفة زوجها، هو مريض منذ أكثر من شهر ،بحمد لله بعد معاناة طويلة ، استطاع الدخول لأن ابنتها الكبيرة تعمل بالمستشفى ،وفتحت له ملفا للعلاج المجاني ، ذلك وفر للعائلة مبلغا كبيرا ،فالعلاج والدواء أسعارها خيالية ،وليلة بمستشفى بسيط جدا، تعدل مبيت ليلة في الانتركنتننتال!، تحمد الله كل يوم هي وزوجها على تلك النعمة ، فابنتها ملتزمة ومثال للنجاح، وحريصة على بر والديها ، ذهبت للمطعم اشترت القهوة ، أمسكت الكوب لتعود لغرفة زوجها ، كان ممر المستشفى مليئا بنساء ورجال ،طبيبات وأطباء ،عاملات من جميع الجنسيات ، لمحتها من بعيد تلبس بنطالا من الجينز ،طويلة رشيقة جدا، فوقه جلباب أبيض اللون أنيق ،تضع حجابا يظهر عينيها فقط تمسك بيدها كوبا من القهوة، نظرت إليها وقالت: هاهي المرأة العاملة ،هذا ما تريده المرأة في بلادنا ،تتسكع في الطرقات بحجاب مثير ،وتمسك بيدها كوب القهوة ، لتعود منزلها وتقول.. أوه أنا في غاية التعب ، ..ما أن اقتربت منها فوجئت يا إلهي ,,إنها ابنتي !========================
=سارة ممتازة ومظلومة ..
أجمعت كل المدرسات على استدعاء والدتها ،فهي طالبة مغرورة جدا ، ترد بكل صفاقة ووقاحة على مدرساتها ، ترتكب العديد من المخالفات المدرسية مثل وضع المكياج الصارخ ، التاتو ،مشاكل عديدة مع زميلاتها لأنها تصر على إرسال رسالة للجميع أنا فتاة ثرية ،بل فاحشة الثراء ،عدم انضباطها في الفصل وتمردها على أوامر المدرسات اجتمعت المدرسات في غرفة المديرة لمناقشة وضعها مع والدتها ،كلما دخلت مدرسة تجلس بهدوء وتبرق عينيها من المفاجأة !! جلست الأم بكل عنجهية ، ترتدي ملابس باذخة جدا ، جدا ،سترة سوداء ،مع عقود لؤلؤية ،وتنورة قصيرة سوداء ، ترتدي ساعة ش مطرزة بقطع من الألماس الباجيت، كل ذلك يصرخ أنا شانيل !!وضعت حقيبتها ليوي فيتون على الأرض ، وخلعت نظارتها الكريستيان ديور،في يديها خواتم كبيرة جدا من الألماس والزمرد من كارتييه،كانت تتكلم وأظافر يديها قد طرزت بأكثر من أربع ألوان فاقعة !مع مكياج صارخ ومثير،أهداب اصطناعية طويلة .
أخذت تطرق بيديها مكتب المديرة قائلة :إن لم تستطيعوا حل مشكلات ابنتي فهذا يدل على ضعف الإدارة وشخصية المدرسات!!أنا أعرف كيف أتصرف معها في منزلي أما في المدرسة فهي مسؤوليتكم !وعلى المدرسة حل المشكلة مع سارة داخل الفصل !!أؤكد داخل الفصل ! عليها أن لا تطلب مساعدة مني أبدا !
سكتت المدرسات وعم الوجوم ،خرجت أستاذة مايا من الغرفة ،قائلة لصديقاتها ريم التي كانت ستدخل :أوه صدقيني بعد مقابلتي للأم... سارة طالبة ممتازة ومظلومة جدا ! =====================
=نظرة ب 50دينار ..
كان يرقد على سريره الأبيض ، جاء أولاده لعيادته ، والدهم كبير في السن ، مهاب ومحترم جدا ، الكل قلق عليه ،فقد أجرى عملية كبيرة في الكبد ، وخطيرة جدا ، وها قد مرت أربعة أيام ،وحالته ولله الحمد مستقرة ، كثير من الأطباء يمرون خلال الجولة الصباحية عليه ، وممرضات يتابعن حالته في كل ساعة .
كان نائما ،وقف على باب الغرفة رجل ، سأل كيف حال الحاج ؟
رد ابنه الكبير: إنه نائم.
رد باقتضاب: حسنا أهو بخير ؟
.رد الابن : نعم ولله الحمد
.رد الرجل: حسنا
.ثم خرج ، تعجب الابن قائلا : من يكون ؟لا بد انه من ألئك الذين يقومون بزيارة لمرضى لا يعرفونهم رغبة بالثواب من الله، لكنه مستعجل.
بعد أسبوع ، قدمت المستشفى فواتير مبدئية للحساب بناء على طلبه، شاهد الفواتير ،المبلغ حوالي 40ألف دينار ،دقق بالأرقام :الغرفة :150دينار بالليلة المرافق : 35دينار بالليلة و،و، طبيب نفساني 50دينار!،
استغرب لكننا لم نطلب لوالدي طبيبا نفسانيا ؟ولم يره طبيب نفساني !!
رد المحاسب: سيدي، لقد عاينه الطبيب النفساني وتأكد من حالته النفسية وتقبله للعلاج !!
سكت على مضض ، في بلادنا لا تستطيع مناقشة طبيب أبدا أو أي موظف حكومي، فأنت لا تفقه شيئا ، واحترم نفسك، حتى لو كان سائقا للقطار أو الباص .
بينما كان يمشي في أروقة المستشفى نحو الخارج ليشرب سيجارة ، سلم عليه بحرارة رجل وقال له:كيف حالك ؟كيف حال الوالد؟؟
رد باستغراب: الحمد لله
رد ضاحكا : ألم تعرفني ؟؟أنا الطبيب النفساني الذي عاين والدك!!هل تذكرتني الآن ولو يا رجل !
!تذكره جيدا ،ضحك باستغراب :نعم نعم
.رد: ها ،كيف حال الوالد؟؟
رد بسرعة : الحمد لله ،
ثم أسرع بالخروج قائلا في نفسه :يا خوفي أن يعتبر ذلك اللقاء معاينة ثانية لوالدي !