السلام عليكم
--------------------------------------------------------------------------------
الإتنولوجية النباتية
الإتنولوجية النباتية ethnobotany علم يدرس خبرة شعب من الشعوب في نطاق النباتات، وهي مجموعة المعارف والتقاليد والمعتقدات المرتبطة بالعالم النباتي. ويرتبط علم الإتنولوجية النباتية بعلم الإتنولوجية الحيوانية ليؤلفا علماً واحداً يعرف بالإتنوبيولوجية، وهي تعالج خبرات الشعوب وتقاليدها وعاداتها في التعامل مع وسطها، من جماد ونبات وحيوان. (والكلمة اليونانية «Ethnos» تعني الأُمة أو الشعب).
التطور التاريخي لمفهوم علم الإتنولوجية النباتية
يمكن إيجاز التطور التاريخي لمفهوم علم الإتنولوجية النباتية في ست حقب هي: التاريخ القديم -العصر الروماني -العصر الإسلامي -العصر الأندلسي -مطلع القرن الثامن عشر ثم القرن العشرين.
1- الإتنولوجية النباتية في التاريخ القديم:
تتلخص أفكار علم الإتنولوجية النباتية في التاريخ القديم بوجود ارتباط وثيق بين الإنسان والطبيعة. ففي هذه المرحلة الطويلة التي امتدت 10 آلاف سنة ونيفاً، كان هذا الارتباط واضحاً في مفاهيم الحضارات القديمة، كالسومرية والكنعانية واليونانية والرومانية. ففيما يتصل بالحضارة السومرية في جنوب الرافدين -ما بين النهرين - وجدت قوائم خاصة باستعمال النبات والحيوان، كشفها الأب شيل Schell، بعد دراسته الرقم (الألواح الطينية) الأثرية التي عُثر عليها في مدينة لارسا Larsa السومرية، ويرجع تاريخها إلى القرن التاسع عشر قبل الميلاد. وقد صُنفت تلك الكائنات تصنيفاً نفعياً، فقسم عالم الحيوان إلى أسماك ومفصليات وأفاع وطيور وذوات أربع. كما قسم عالم النبات إلى أشجار وبقول وبهارات وعقاقير وحبوب. وجعلت الأشجار المثمرة كالتين والتفاح والرمان في مجموعة واحدة. ومن أبرز هذه الرقم الأثرية رقيم بالخط المسماري وجد في مدينة نيبور Nippur (نُفَّرْ)، يرجع إلى القرن السابع عشر قبل الميلاد، درسه عالم السومريات الشهير صموئيل نوح كرامر S. N. Kramer، وبين أنه مؤلف من 108 أسطر، تشرح الأعمال الزراعية، المعتمدة في ذلك العهد في بلاد الرافدين. كما وجد العالم كامبل طُمسُن Campel Thomson نحو 600 رقيم دُون فيها أكثر من 250 اسماً لنباتات طبية، كان يستعملها أهل سومر وبابل وآشور في مداواة المرضى.
وفي الحضارة الكنعانية (الفينيقية)، التي انتشرت في حوض البحر المتوسط في الألف الأول قبل الميلاد، تمثل علم الإتنولوجية النباتية في رسالة في الزراعة دونها في تاريخ غير معلوم عالم قرطاجي يُدعى ماغو Mago، وترجمها إلى اللاتينية الكاتب الروماني ماركوس فارون M. Varron (116-27ق.م) الذي عدّ ماغو القرطاجي أبا الزراعة.
وفي الحضارة اليونانية تمثل علم الإتنولوجية النباتية في قصيدة «الأعمال والأيام» التي نظمها الشاعر اليوناني هزيودس Hesiodes في منتصف القرن الثامن قبل الميلاد، وهي تُمثل التقويم الزراعي الذي شاع استعماله في تلك الأيام؛ كما ترجم كاسيوس ديونيسيوس Cassius Dionysios كتاب ماغو إلى اليونانية في مطلع القرن الأول للميلاد.
2- الإتنولوجية النباتية في العصر الروماني:
ومن أشهر المؤلفات التي ظهرت في هذا العصر كتاب في علم الأعشاب الطبية أو الأدوية المفردة، ألفه طبيب يوناني الأصل، يدعى بيدانيوس ديوسقوريدس Pedanius Dioscorides، عاش في القرن الأول للميلاد، وهو من مدينة عين زربة شمال حلب، وعمل جراحاً في الجيش الروماني في عهد الإمبراطور نيرون (54-68م). وكان يجمع في أثناء تنقله النباتات الطبية، ويدرس خصائصها الدوائية وصفاتها، ومكان انتشارها، ويصنع منها أدوية مركبة. ثم قام بعدئذ بتصنيف كتاب «الحشائش» ضمنه خمس مقالات وهي:
المقالة الأولى: ذكر فيها أنواعاً من العطور والتوابل والصموغ والأدهان.
المقالة الثانية: وفيها مجموعة من العقاقير الحيوانية المنشأ، إلى جانب حبوب وبقول وأعشاب حريفة.
المقالة الثالثة: جمع فيها النباتات التي تستعمل جذورها أو بذورها.
المقالة الرابعة: وتشتمل على أعشاب باردة، وأخرى حارة أو مسهلة أو مقيئة، أو مضادة لتأثير السموم.
المقالة الخامسة: وخصصها المؤلف للكلام عن شجرة الكرمة، وأنواع الأشربة والأدوية المعدنية.
وأُلحق بكتاب ديوسقوريدس مقالتان نسبتا إليه، جاء في الأولى منهما وصف لأنواع الطيور، وبعض الأسماك والحيوانات البحرية والبرية، وما يستفاد من ألبانها وأصوافها وشحومها ومراراتها وأزبالها وأبوالها. وفي الثانية كلام عن السموم والاحتراز من تناولها وعلاج الضرر إذا وقع فيها، وقد بلغ عدد العقاقير والأدوية التي جاء ذكرها في كتاب الحشائش لديوسقوريدس نحو 950 عقاراً، أما النباتات الطبية فبلغ عددها نحو 550 نباتاً.