"عَبَريان" عضو برلمان
د. فايز أبو شمالة
"عبريان" كلمة عبرية تعني البلطجي في مصر وفي اليمن، وتعني الشبيحة في سوريا، وتعني الزعران في الأردن والضفة الغربية، وقد يخطر في بال القارئ أن "عبريان" هو ذاك المتطرف اليهودي ليبرمان، الذي صار عضو برلمان، وهذا صحيح، ولكنني سأسترجع مع القارئ ثلاثة مشاهد برلمانية متشابهة؛ توافق فيها سلوك البرلمانيين رغم اختلاف الثقافات، وتمايز الحضارات، وتعدد الطرق في الوصول إلى عضوية البرلمان.المشهد الفلسطيني أولاً: عندما صفق أعضاء المجلس الوطني وقوفاً للرئيس الأمريكي "بيل كلنتون" وهو يدخل قاعة رشاد الشوا الثقافية في قطاع غزة سنة 1998، لقد صفق أعضاء المجلس الوطني بهوس مثير للأعصاب، وبلا ضوابط، ووقفوا أكثر من مرة ترققاً وترفقاً لمجرد ذكر اسم الرئيس الأمريكي "كلنتون"، وظلوا يصفقون بعد كل جملة يقولها الرجل، وصفقوا عندما جاء ذكر زوجته، وصفقوا لحرس الرئيس، وصفقوا للعلم الأمريكي، وصفقوا عندما ذكر اسم كلبه العزيز، وصفقوا لكل شيء له علاقة بأمريكا!.إن أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني ليسوا منتخبين، لقد كانوا وما زالوا معينين، وهم يدينون بالولاء لولي نعمتهم، الذي عينهم، وأعطاهم المضامين، وهم فقراء ضعفاء يستجدون رواتبهم آخر الشهر، ويحلمون أن يحقق لهم الرئيس الأمريكي بعض أحلامهم في دولة، والتصفيق بالنسبة لهم استجداء واستخذاء أمام رئيس أكبر دولة في العالم.المشهد السوري ثانياً: عندما وقف جميع أعضاء البرلمان السوري، وراحوا يصفقون بشكل احتفالي، وبمظهر هستيري للرئيس السوري بشار الأسد الذي دخل القاعة في مارس من هذا العام، لقد ظل أعضاء البرلمان السوري يصفقون، ويبتسمون، ويهتفون، ويجاملون، ويتمسحون بالرئيس، يرقصون بين يديه حتى ظن المشاهد أن بشار الأسد ليس من بني البشر، وإنما هو ملاك نزل من السماء، وهو المعز والمذل، وهو المانح والمانع!إن أعضاء البرلمان السوري ينتمون إلى الحزب الوحيد الحاكم في سوريا، وهم غير منتخبين بشكل ديمقراطي، إنهم أولياء نعمة بشار الأسد، ومصالحهم ترتبط بمصالح رئيسهم، يضحكون لما يضحك له، ويفلسفون ما يتفلسف فيه، وجاهزون لفهم ما يريد لهم أن يفهموه، ولا يخجلون من أنفسهم، لأن وظيفتهم مصفقون، وهم رهن إشارة رئيسهم..المشهد الأمريكي ثالثاً: عندما وقف أعضاء مجلسي النواب والشيوخ الأمريكيين، ومن كلا الحزبين، وقفوا جميعهم لرئيس وزراء إسرائيل "نتانياهو"، وقفوا وصفقوا بهوس، وقفوا وهتفوا بغباء، وقفوا ورقصوا وغنوا على طريقة القذافي، لرئيس وزراء دولة صغيرة، تستجدي المساعدات السنوية منهم، وتعيش تحت رحمتهم، ومدينة ببقائها لهم!ما يميز أعضاء البرلمان الأمريكي أنهم منتخبون ديمقراطياً، ويتباهون على العالم بتطورهم، وهم فلاسفة حرية الرأي، فلماذا يخضعون بمذلة أمام "نتانياهو"، ويهزون ذيل ضعفهم أمام الذيخ الإسرائيلي؟ ألا يؤكد ذلك أنهم على دين سيدهم "العبريان ليبرمان"؟ وأن الرئيس الأمريكي ينتخب بالمال اليهودي، وأن كل قادة أمريكا مطروحون للبيع في سوق النخاسة اليهودي، وأن أعضاء البرلمان الأمريكي موظفون لدى الإعلام اليهودي، وأن القرار الأمريكي محكوم من اللوبي اليهودي؟أمريكا لا تحترم العربي الضعيف، ولن تشفق على الفلسطيني الخانع، وستظل السياسة العربية والفلسطينية ضد مصالح العرب والفلسطينيين طالما لم يحدد العرب موقفاً جريئاً من أمريكا، وطالما لم يضعوها في الموضع الذي وضع البرلمانيون الأمريكيون أنفسهم فيه!.