ربع خطوة في ربع قرن...!!!
ربع خطوة في ربع قرن...!!!
كان الصيدلاني (ثابت أبو خطوة) بُعيد تخرجه يبحث عن أكثر المناطق تعرضاً للأمراض و أكثرها كثافة سكانية.... لإقامة الصيدلية...
و قد استقر اختياره و ترشيحه للمنطقة , بعد أن رأت عيناه مشهد الطفلين المُمسكين بـــ (شليمونتين=مصاصتي عصير),وهما يرشفان من المياه النتنة الراكدة على قارعة الطريق...
فقالا له uu: تفضل يا عمو...
فأجاب J : معذرة إنني أقرف من الشلمونة آه لو كانت جديدة لكنتُ شاركتكما في الرشف...!!
...و تمضي الأيام و من وراء الجهل بالأمور الصحية , أسس عَمُّنا ثابت وجودَه , متقنا ً دوره في التوعية الهادفة الصحية , حتى و لو كانت في أمور بسيطة , إلا أنَّ عائلة أبي فهمان كانت استثناء , فكلما حاول معها التوعية وجد أن هنالك مفارقات مدهشة تميزها عن باقي عائلات الحيّ
فمرَّة جاءه أبو فهمان يقول بأن الدواء الذي وصفه له ممتاز , و صحته أصبحت عال العال , و لكنه طلب منه أن يراجع الشركات الدوائية لتحسين قوام الدواء ... فقد أخذ يشكو أبو فهمان صعوبة بلع المضغوطة و لزوجتها الغير مقبولة ,أما التحاميل فمشكلتها عدم ثباتها في الداخل !!
أخذته عندها قهقهة و لكنه كتمها ليجيب أن مشكلته محلولة و ما عليه إلا أن يقلب المنافذ قاصداً قلب الدواء فمضغوطته تحميلة و تحميلته مضغوطة...!!
ومن فصول أبو فهمان أنه جاء مرة معاتباً مزمجراً...
- يكاد أن يكون للصيدلية مدمراً..-
على الدواء الذي سبب له آلاماً و تخريشاً ...
ثم أخرج الدواء قائلاL ( دواء البواسير هذا غير نافع ...)
الحقيقة أنه كان ماسورة ألتيكو لاصق تشابه ماسورة كريم البواسير شكلا ....
فصاح الصيدلاني J: (( يا أبو فهمان ...احذر مرة ثانية زوجتك فبدلاً من أن تعطيك مضغوطات دوائية تعطيك خردوات معدنية
و بدلا من التحاميل الشرجية تعطيك مسامير فولاذية ...
و بدلا من حقنة الإفراغ السفرية تعطيك أركيلة ذات نصلة خشبية...
يا أبو فهمان دع ْ زوجتك تعزل الأدوية ...
عن المواعين و الأدوات المنزلية....))
و مع ذلك فما زال ثابتٌ ثابتاً في تلك المنطقة أكثر من ربع قرن حتى أصبح حكيم المنطقة قد يكون ذلك لممارسة الحكمة مع أبي فهمان و أمثاله , و لكن الحقيقة رغم ثباته فإنه لم يتغير أبو فهمان خطوة واحدة بل ورثّ مورثاته لابنه الفهمان , فهو حين يأتي إلى الصيدلاني و يدنو منه و بصوت خافت يطلب منه قائلا u: أريد محارم إطفائية ...
فيجيبه بصوته العالي ليحرجه J : يا فهمان كم مرة قلت لك اسمها محارم صحية(نسائية)
فيجيب الصغيرu: يا عم لا تفضحنا ضعها في كيس أسود الله يستر عليك ...
يضعها السيد ثابت و كأنها عملية تهريب ...
و ينطلق فهمان مقلداً صوت سيارة الإطفاء u
وينظر السيد متأملاً إلى تلك الانطلاقة , و مراجعاً أيامه التي مرَّت عليه تـُراه هل تقدم خطوة في ميدان المنطقة التي عاش فيها , أم مازال يراوح مكانه.., مع عائلة أبي فهمان..أم تـُراه توقف عِلمُه عند عَمَلِه , و توقف عطاؤه عند جمعِ حفنة ...تــُ !!....
ابتسمَّ الصيدلاني ثابت وعاد للعمل فخواطره تلك قد لا تستحق التفكير و الوقوف عندها طويلاً..!!
ألأLبقلم فادي شعار J