شمس العرب تشرق على اليونان آخر تحديث:الجمعة ,21/11/2008
صالح الخريبي
أبحث عن أية معلومات عن الفيلسوف الفينيقي سيروس، استاذ سقراط الذي علم فلاسفة اليونان كيف يفكرون. فقد كان هذا الرجل الذي يعني اسمه “السوري” معلماً كبيراً في الأدب والفلسفة والعلوم والفلك، ولكن المصادر الغربية تغفل حتى الإشارة إليه أو إلى دوره في فلسفة سقراط، لكي تظل الفلسفة اليونانية غربية خالصة، ولتبقى الحضارة اليونانية أم الحضارات.
وفي 25 يناير/كانون الثاني 2005 كتبت مقالاً في هذه الزاوية قلت فيه إن أسخيلوس، أبو المسرح اليوناني، كان عربياً فينيقياً يتحدر من أبوين فينيقيين، كتب كل مسرحياته باللغة الفينيقية لا باليونانية، وأعطى بعض شخصيات مسرحياته أسماء فينيقية، وبعض مواضيعها كانت عربية. ومسرحية “بروميثيوس مقيدا” التي ترجمها الدكتور لويس عوض إلى العربية ترمز الى الانسان العربي الفينيقي وتصور معاناته في سبيل نشر الحضارة بين متخلفي ذلك الزمان، ومن بينهم الإغريق القدامى، بل إن اليونانيين القدامى كانوا يطلقون على الفينيقيين اسم “المعلمين”.
وها هي كريستيان تويكلور، عالمة المصريات المعروفة، تقول إن مسرحيات أوربيدوس هي في الأصل مسرحيات مصرية قديمة كانت تمثل بأبيدوس خلال الألف الثاني قبل الميلاد، أي قبل ولادة المسرح في اليونان بما يزيد على 1500 سنة، و”مسرحية آلام” تصور بالأساس موت أوزيريس وكيف تناثرت أشلاؤه، وكيف جمعتها أخته وزوجته إيزيس ثانية. والعديد من المسرحيات التي نظن أنها يونانية هي في الأصل فرعونية قديمة كانت تمثل في الحفلات الدينية المصرية، إلى جانب مسرحيات أخرى تستملي الأساطير، غير أن أحداث هذه المسرحيات الأخرى لم تكن خفية الرمز بل أقرب إلى الواقع وأكثر صلة بالحياة، وكانت الأوثان فيها، على عكس المسرحيات الدينية، تقوم بما يقوم به البشر وتتكلم كما يتكلمون، كما هو الحال في القصص الشعري. ويلمح ألاردايس نيكول، مؤرخ الدراما المعروف، إلى أن المؤلفين اليونانيين القدامى أفادوا من المسرحيات الفرعونية القديمة التي لم تكن مجرد “محاولات درامية” كما يقول النقاد الغربيون.
والحضارة الغربية مدينة لنا بالكثير، ولكنها لا تريد أن تعترف أن نبع الحضارة العالمية انبثق من هذه المنطقة، وليس من أثينا. وكم نظلم أنفسنا عندما نهمل تاريخنا ونترك للآخرين حرية تزييفه.