عباس ماذا بعد؟
مصطفى ابراهيم
30/9/2014
توجه الرئيس محمود عباس الى الامم المتحدة لعرض خطته السياسية لحل الصراع الاسرائيلي الفلسطيني وفق جدول زمني محدد، وقدم خطاب جديد بكلمات لم يتعود الفلسطينيين على سماعها مقارنة بخطاباته وتصريحاته السابقة، ربما اطربت كلماته آذان الفلسطينيين مع قناعتهم انها مجرد كلمات وتجربتهم مع الرئيس وأنه لم يتم تكرارها في السلوك والفعل الحقيقي.
قبل التوجه للأمم المتحدة التقى الرئيس عباس مجموعة من رجال الاعمال والقطاع الخاص وآخرين من قطاع غزة في مقر اقامته في رام الله، واظهر امتعاضه من حديث هؤلاء عن الاوضاع المأساوية التي تمر بها غزة على اثر العدوان الاسرائيلي والخراب والدمار الذي الحقته اسرائيل، و لم يشفي غليلهم بسرعة إنهاء الانقسام وخرجوا من عنده وهم فاقدو الامل بقرب انهاء الحال المأساوي الذي تمر به القضية الفلسطينية ونكبة غزة الجديدة.
خاطب الرئيس عباس العالم في الامم المتحدة بشكل جيد، ولعب على مشاعر الناس ونبض الفلسطينيين بعد صمود المقاومة و استبسالها في مقاومة العدوان على غزة، وقدم خطته السياسية للعالم لكنه لم يقدمها للفلسطينيين ولم يشرح تفاصيلها و إمكانية نجاحها ولم يجيب على السؤال المهم ماذا بعد؟
في ظل حال الانقسام والتيه وعدم اليقين لدى غالبية كبيرة من الفلسطينيين في مدى نجاح خطته السياسية التي تم الترويج لها منذ فترة، والتصريحات النارية التي كانت في زمن ماضي، و القول ان الرئيس عباس سيشن "حربا سياسية شاملة" على اسرائيل وغيرها من التصريحات والمفاجآت التي نسمعها منذ فترة.
كان على الرئيس ان يخاطب الفلسطينيين ويخبرهم بشكل علني وليس من خلال تسريبات الصحافة خاصة الاسرائيلية و عرض خطته على الجانب الاسرائيلي قبل ان يسمعها الفلسطينيين، وعليه ان يعمل بشكل جدي و حقيقي على مقاطعة اسرائيل وعدم تكرار انه لا يعمل على نزع الشرعية عن اسرائيل و تبهيت النضال الفلسطيني وان التنسيق الامني مقدس.
ما ذكره الرئيس عباس في خطابه هو استعراض لمسيرة الجرائم والانتهاكات اليومية التي ترتكبها اسرائيل ونكبة الفلسطينيين منذ العام 1948، هو اعاد ذكر الحقائق المعروفة كما يفعل كل عام في الامم المتحدة وهي اقل ما يقال عن المعاناة والظلم الواقع على الفلسطينيين، والعالم يعرف ذلك ويعلم عن جرائم عصابات المستوطنين الفاشيين الذين كانوا "بشر" قبل شهرين، كما يعلم العالم ان امن الفلسطينيين مفقود ويتعرضون في كل للحظة لانتهاك حقهم في الحياة من الجيش الاسرائيلي والمستوطنين، وان الارهاب الاسرائيلي سابق لكل التنظيمات التي تمارس الارهاب، فالقضاء على الارهاب يعني ويتطلب القضاء على الاحتلال وهذا بحاجة الى فعل وممارسة وليس مجرد خطابات تدغدغ عواطف ومشاعر الناس.
اما الحديث عن فشل المفاوضات وانه من المستحيل العودة الى دوامة المفاوضات التي قتلتها اسرائيل بغول الاستيطان، وان تتبنى الامم المتحدة ومجلس الامن جدول زمني يتضمن انهاء الاحتلال للأراضي الفلسطينية المحتلة العام 1967، وتحديد أسس الحل، على ان تبدأ بعد ذلك مفاوضات لترسيم الحدود، والتوصل الى اتفاق سلام شامل. هذا ما يعني العودة للمفاوضات وانه لا صوت يعلو فوق صوت المفاوضات.
خطاب الرئيس عباس جيد، ولكن ماذا عن الاسئلة التي لم يجيب عنها، ومنها ماذا عن الوحدة الوطنية وتجسيدها بشكل حقيقي، والشراكة والخطة الوطنية الفلسطينية الجامعة التي سينطلق منها الرئيس وما هي الاسس التي سيتوجه بها لاحقا للعالم في حال ان مجلس الامن رد الطلب الفلسطيني ولم يقرر وذلك هو المرجح من خلال الرد الامريكي على خطابه وخطته؟
دائما تلقى على مسامعنا ما هو البديل عن المفوضات، ونحن نقول للرئيس ماذا هو البديل عن فشل خطته؟ ما هو الموقف من محكمة الجنايات الدولية؟ وماذا عن خطاب نتنياهو وكذبه وجرائمه؟ البديل لدى الرئيس هو الاصرار على الاستمرار في مسار المفاوضات والرهان قائم على كيري ووعوده.
البديل واضح بالنسبة للفلسطينيين وهو عدم الاستمرار في الرهان على الدور الامريكي، والعودة لمفاوضات معلومة نتائجها مسبقا، ومطلوب من الفلسطينيين القيام بمراجعة وطنية شاملة لمسيرة النضال الفلسطيني، و اذا عادوا للمفاوضات مطلوب منهم الاصرار على تحديد مرجعياتها والضمانات الدولية والاستناد الى قرارات الامم المتحدة المتعلقة بالقضية الفلسطينية.
و ان يوحدوا جهودهم بالتوجه للعالم من خلال حملة دبلوماسية وسياسية لا تكون موسمية، والانضمام الى الاتفاقات الدولية واستغلالها وضرورة الاسراع في التوقيع ميثاق روما المنشأ لمحكمة الجنايات الدولية وملاحقة قادة دولة الاحتلال وعدم التلكؤ لأسباب سياسية، والاستمرار في حملة المقاطعة التي يعتبر ابطالها المجتمع المدني والقائمين على حملة المقاطعة من الفلسطينيين، وان يتفقوا على وسائل النضال المختلفة التي تكلف الاحتلال وتجبره على الاعتراف بالحقوق الفلسطينية، والقيام بإجراءات مرافقة من اجل ان تكون بدائلهم جاهزة فعلاً وليس قولاً.