في موضوع ملاك أسمه
الروح ، طرحنا عدة أسئلة . قبل الإجابة عليها لابد من الإشارة إلى نقطة مهمة
ينبغي فهمها وإدراكها جيدا لأن عدم فهمها وإدراكها يجعل أي كلام نقوله ليس ذا معنى
.
لابد لنا أن نفهم من أن الهدف من المدونة هو
الارتقاء بمستوى الفرد إلى درجة عالية من الوعي يؤهله لأن يكون عنصرا إيجابيا في
المجتمع ، وأقصر السبل لتحقيق ذلك ، هو أن نجعله يدرك بأن أفكاره طاقة خلاقة من
خلالها يستطيع أن يحقق كل شيء وأي شيء يصبو أليه ،وحتى ينجح في ذلك لابد له أن
يؤمن في هذه الحقيقة ، وحتى يؤمن بذلك ثمة عقبة تقف في طريقه ولابد له من
تجاوزها ، والتغلب عليها .هذه العقبة هي القصور الذاتي.
ما هو القصور الذاتي ؟؟
القصور الذاتي: هو تلك النظرة السلبية للعالم ،
سوى كان العالم الخارجي (محيطنا الخارجي)، أو العالم الداخلي ( أي نظرتنا إلى
أنفسنا ) القصور الذاتي ليس جينا وراثيا ولا عوقا ذهنيا .
إي نظرة سلبية ، أو مفهوم سلبي ، أو تصور سلبي ،عن
النفس وعن العالم , هو بحد ذاته قصور ذاتي .وقد ضربنا مثلا على ذلك في موضوع التأمــــــــــــــــــــل
..
القصور الذاتي يغذيه الجهل ، وتبلغ خطورته مداها
الكبير عندما يصبح ثقافة مجتمعية . الخطورة متأتية من أن الفرد في مثل هكذا حالات
يضع خطا أحمر غير قابل للمراجعة أو المناقشة.في إي محاولة ، أو مسعى ، لتغيير ذالك
. مظاهر القصور الذاتي كثيرة ومتنوعة . تصور عدد الدجالين والمنجمين والسحرة
والعرافين ، الذين يعتاشون على الآلاف . لاحظ في أسواقنا اليوم العشرات من بائعي
الحصى الملون على أنه جالب للحظ وأشياء أخرى ، ألا يوجد إلى يومنا هذا بعض
الدجالين والسحرة من يمارسون ما يسمى بالكتابة على !!!!!؟؟ ، وإذا كنا نشعر
بالاستهجان لمثل هذه المظاهر ، فيجب أن نعلم بأن كل واحد منا لديه فهم سلبي في جانب
من جوانب الحياة .لذلك لابد لنا أن نفهم ،ونعي جيدا من أن ليست كل مفاهيمنا
وتصوراتنا عن العالم وعن أنفسنا دائما هي الحقيقة ،هناك كثير من المفاهيم والتصورات
أرادها الآخرون أن تترسخ في أذهاننا على أنها حقائق . لذلك تجد في حياة كل واحد منا
الكثير من الوهم والكثير من الزيف ،الكثير من المعتقدات الخاطئة ، فتش عن مثل هذه
التصورات والمفاهيم الخطأ .فكر قليلا بدون تعصب بدون عاطفة، وسترى بنفسك كيف أن
المعلومة الخبرية ، لم تعد مجرد معلومة خبرية تنقلها وسائل الميديا الحديثة ، الم
تسمع عن ما يطلق عليه اليوم بصناعة المعلومة .خبراء مختصون ، استوديوهات ،تخضع
المعلومة للتحليل أولا . ثم يعاد صياغتها بإطار جديد ،ثم يتم بعد ذلك تسويقها
للمتلقي ، لاحظ كيف أن بعض دول العالم وبعض المنظمات ،كيف تنفق ملايين الدولارات
،على مكائن غسيل المخ ، والتي لا تقتصر على وسائل الميديا ، فتش من حولك وستجد
الكثير منها .لماذا كل هذه الاستوديوهات ؟وكل هؤلاء الخبراء ، لماذا كل هذا الدعم ؟
لماذا هذا الإنفاق الكبير .؟ ما الهدف من وراء ذلك ؟؟
الهدف واحد وأن اختلفت هذه الوسائل في أساليبها
وأن اختلفت في رؤاها ، الهدف هو : كي يزداد الأغنياء غنا ، ويزداد الفقراء فقرا ،
ويزداد الجهلة جهلا ، ويزداد المتطرفون تطرفا .
.كل هذه الوسائل تنفذ إلى إدراكنا من خلال طريق
واحد هو غياب الوعي عند الفرد، وعندما تنجح هذه الوسائل في جعل المفهوم أو التصور
جزء من ثقافة العقل الجمعي ، يكون قد تحول المجتمع إلى قطيع .
مظاهر القصور الذاتي لا تقف عند هذا الحد فهي
كثيرة ومتنوعة ، فهناك مظاهر أخرى .لاحظ كيف إن الكثير منا عندما يمر ببعض
المنغصات في حياته اليومية ، لحظات فشل أو إحباط , فأنه تراه يصب جما غضبه على
محيطه الخارجي، قد يلعن اليوم الذي ولد فيه ،أو يلعن أمه التي أنجبته ، أو يلعن
نفسه ، أو قد تجده يفتش في ذاكرته عن أول شخص قابله في الصباح ليرمي عليه وزر فشله
،ويعتبره مصدر للشؤم أو النحس الذي لحق به ..البعض قد يذهب ابعد من ذلك وتراه يشعر
بأنه يتعرض إلى مؤامرة من المجهول . ........لا يا صديقي ، لا داعي أن تلقي باللوم
على أحد ،لا تلم أحدا لا تلم حتى نفسك ، لا أحد يتآمر عليك ، ما يحصل لك هو بسبب
قصورك الذاتي ، ذلك المفهوم السلبي الذي تبلور لديك في سنوات مبكرة من حياتك
،
وحتى تتأكد من ذلك تعال معي لترى بنفسك
ماذا يقول STUART GOLDSMITH في كتابه THE
MIDAS METHOD
(إلقاء أللوم على المحيط الخارجي هو أجراء تلجأ
إليه كي لا تتحمل مسؤولية اتخاذ الخطوات الضرورية التي من شأنها أن تغير حياتك
نحو الأفضل )
القصور الذاتي ينشئ في سنوات مبكرة من عمر الفرد ،
ينشأ ويتبلور في ذهن الفرد في أجواء غير طبيعة أجواء مشحونة بالخوف ، أو الشعور
بالذنب أو بالغيرة ، شعور بالدونية أو شعور بالفوقية ، مع مرور الزمن فأن هذه
المشاعر وهذه الأفكار تستقر عميقا في اللاوعي ، وتصبح جزا لا يتجزأ من مفهوم الفرد
لنفسه وللعالم وينشأ عنها أفكار ومعتقدات، يصعب على الفرد أزالتها أو التخلص منها
لأن العقل اللاوعي ينشأ حولها منظومة حماية صارمة تقف بوجه أي محاولة لإزالة أو
تغيير ، مثل هذه الأفكار أو المعتقدات .
مثل هذه الأفكار ، بمثابة سموم أو فيروسات ،تقف
حائلا بوجه الفرد ،وتمنعه من أدراك ذاته بالشكل الصحيح ، لذلك كان لزاما على
الفرد تغيير مثل هذه الأفكار وهذه المعتقدات.
يجب أن تذكر دائما وأبدا بأن العائق الوحيد
الذي يقف دائما حائلا بينك وبين تحقيق أهدافك المنشودة هو القصور الذاتي