ماهو القصد من قول عمر رضي الله عنه: [[من لم يعرف الجاهلية لا يعرف الإسلام]]، وهل هذا شرط في الدعوة؟
الجواب: هذه كلمة عظيمة وحكمة جليلة، ولها دلالات كثيرة: منها: أن الإنسان الذي عرف الجاهلية ثم هداه الله بالتوحيد فضلاً من الله ونعمة، حتى تصححت عقيدته ونظراته وموازينه، فاستقام منهجه، فهو لذلك يعرفه حق المعرفة، لأنه عرف الجاهلية وعرف حقارتها، ورذالتها، وانحطاط موازينها وقيمها، وانعكاس تصوراتها.. فلا شك أن من عرف ذلك فإنه يعرف الإسلام أكثر، ولذلك تجدون الشاب الذي كان منحرفاً عاصياً أو كان كافراً ثم أسلم معتزاً بالإسلام وبالطاعة، ويجد من المحبة له في الغالب أكثر من ذلك الذي أخذه بالوراثة ولم يعرف قيمته؛ لأن ذاك ذاق مرارة الشرك وعرف الظلم وعرف الظلمة التي تحيط بالقلب في حال الشرك والبدعة، تجد الإنسان -أيضاً- الذي عاش في البدعة ثم عرف السنة، تجده من أشد الناس تمسكاً بالسنة، فهذا نعيم بن حماد رضي الله عنه -شيخ البخاري- كانوا يقولون له: إنك شديد على الجهمية، قال: لأني كنت منهم!
كان منهم، فلما عرف الحق وعرف السنة، تمسك بالسنة أشدّ التمسك، فالإنسان بلا شك تزداد عنده قيمة الحق متى عرف الباطل، والشباب المسلم هنا إذا سمع عن أمريكا، وعن التكنولوجيا، والكمبيوتر، وغزو الفضاء، وحرب النجوم، وأشياء مذهلة، فإنه يذهل، فإذا ذهب إلى هناك، ورأى المآسي، ورأى الظلم والانحلال والفساد، فإنه يعتز بواقعنا الحاضر على مافيه من بعد عن الإسلام، ويؤمن بأن واقعنا هذا أفضل من أمريكا مليون مرة، فهذه في الحقيقة من الحكم الصادقة التي يدل عليها الواقع.
منقول