هيكل يعود للأهرام ونفاد النسخ:: يوم أمس - 04:38 مساءًً
لأول مرة منذ 30 عاما نفذت جميع طبعات جريدة الاهرام أمس الثلاثاء منذ مساء الإثنين بسبب مقالة الكاتب محمد حسنين هيكل بالصفحة الأولى بالأهرام، والتي جاءت بعنوان "عن الأزمة الطائفية وغيرها".
وذكرت مواقع إلكترونية مصرية أن العديد من القراء حرصوا على شراء الجريدة منذ مساء الإثنين تحسبا لنفاذها فى الصباح، الأمر الذي تسبب في طوابير من المواطنيين منذ صباح أمس الثلاء في القاهرة والمحافظات أمام أكشاك الصحف لشراء نسخة من الجريدة، التى يعود من خلالها هيكل إلى الكتابة فى "الأهرام" لأول مرة منذ أكثر من 30 عامًا.
وكتب الأهرام أمس الثلاثاء على صدر صفحتها الأولى: "عادت الأهرام إلى رائدها مثلما عادت إلى قارئها: ففي حوار مطول ومهم أجراه الأهرام مع الكاتب الكبير الأستاذ محمد حسنين هيكل بعد سنوات طويلة من الفراق طرح الأستاذ هيكل رؤية شاملة لقضايا الشأن المصري والعربي والدولي..
وبعد ساعات من الحوار الذي أجراه لبيب السباعي، رئيس مجلس الإدارة مع الأستاذ هيكل، والذي تبدأ الأهرام بنشره يوم الجمعة المقبل اندلعت أحداث الفتنة الطائفية بصورتها المفزعة.. وقد استشعر الأستاذ هيكل أن القضية بخطورتها لا تحتمل الانتظار فرأى ـ لاعتبارات السرعة ـ أن يرد على السؤال كتابة وبقلمه في قضية ملحة فرضت نفسها خارج سياق الحوار المهم الذي تنشره الأهرام على ثلاثة أيام بدءا من الجمعة".
في ما يلي مقالة هيكل:
عن الأزمة الطائفية وغيرها...
* هذه أزمة تفرض على كل الناس مواجهتها بنزاهة، لأنها في هذه اللحظة أكبر من كونها فتنة طائفية.
في هذه الأزمة بالفعل جانب طائفي له أسبابه التي تأخرنا كثيرا في علاجها، مثلما تأخرنا في علاج مشكلة مياه النيل مع تماثل في أهمية المشكلتين: واحدة تتعلق بحياة البلد، والثانية تتعلق بسلامته، وكلا المشكلتين دخلت مرحلة التعقيد ـ ولا أقول الاستعصاء ـ بسبب عدم الفهم، أو بسبب قلة العزم!!
ولقد تحدث كثيرون في المشكلة الطائفية، وطمأنوا وحللوا واقترحوا، وكانت الفرصة متاحة للنظام السابق مرة تلو الأخرى، وضاعت الفرص، كما ضاعت فرص كثيرة سبقتها في نواح أخرى.
وكل المشاكل بما فيها المشكلة الطائفية هذه اللحظة يمكن أن تأخذ أبعادا أكثر خطورة، وأبرز الأسباب بوضوح أن هناك التباسًا في ممارسة سلطة الدولة، لابد له من حل سريع، لأن سلطة الدولة في أي بلد في الدنيا هي أساس ضبط إيقاع الحركة فيه، وملخص القول هنا يمكن اختزاله في نقطتين:
الأولى: ‘ن درس التاريخ يعلم الجميع أن حالة الفوضى ملازمة بالطبيعة لحالة الثورة في ظروف تغييرات أساسية تجري في أي مجتمع، والذي حدث لأسباب كثيرة أن قوى الثورة في مجتمعنا انصرفت لكي تعطي الفرصة للتغيير، لكن قوى الفوضى اندفعت لكي تستغل فرصة التغيير، ومع وجود شراذم من نظام قديم، وهاربين عمدا من السجون، وعناصر جموح يتعلل بالدين، ومطالب عيش تأخر الوفاء بها، وفساد يتفجر يوميًا على صفحات الجرائد، وموجات الإذاعة وشاشات التليفزيون ـ فإن هناك بالفعل حالة قلق، تحاول أن تبحث عن نقاط ضعف تفلت منها.
وكل ذلك يتدافع في مناخ إقليمي خطر ودموي، وفي مناخ عالمي متحفز ومتوجس.
والثانية: إنه في هذا الوقت الذي تشتد فيه الحاجة إلى ضابط إيقاع ينظم الأداء السياسي فإن السلطة في مصر تواجه معضلة:
- القرار هناك في مجلس أعلى للقوات المسلحة ـ موثوق فيه ـ لكنه يدير دون أن يظهر.
- وتنفيذ القرار هناك في مجلس وزراء ـ وفيه عديد من الرجال المحترمين ـ لكن هذا المجلس يظهر دون أن يدير.
- ثم إن قوى الإجبار في الدولة ـ وهي ركيزة أي استقرار ونظام وحسم ـ معلقة على بوليس هو حاليًا ـ لا يقدر، وعلى قوات مسلحة ـ هي بالحق ـ غير مختصة.
وهنا فإن المجال مفتوح لفراغات كبيرة، وبصراحة فذلك أول ما يجب الوقوف أمامه وعلاجه، ليس للمشكلة الطائفية فقط، ولكن لغيرها كثير، بحيث تبين وتتأكد خطوط السلطة ومصادر ومسارات صنع القرار واحترامه وتنفيذه، وأن تكون الخطوط محددة، خصوصًا في مرحلة انتقال - فالإنتقال تأسيس لما بعده وليس تأجيلا محولا إلى غدٍ لم تظهر بعد سلطته
المصدر
http://knspal.net/arabic/index.php?act=Show&id=21686