الصرصور يغرق النملة
النملة لا تحب اللهو أبداً..تخبيء ماتجمعه في أمكنة لاتخطر
على بال ..ولكن الصرصورالذي لا يفعل شيئاً غير مراقبتها
..يلبس لباس الطيبة والوقار ويذهب الى العظاءة الجائعة العمياء
ويقول لها:أنا مخلوق يعشق المرح..يحب الصخب والتجديد
وجارتي النشيطةالرائعة لا تتوقف عن العمل ولا تحيد عن
طريقها الذي لا تغيره أبداً...إنك ترينها هناك..تتلمسينها
حالما يسطع ضوء النهار..وأحياناً في الليالي المقمرة..
تعمل دون كلل..كم أحب فيها ذلك الطبع ..رغم أنني مختلف تماماً
..وتهز العظاءةرأسها وتسأل:هل تعتقد أن طعم النمل طيب
مثلما أعتقد أنا؟ ويتجاهل الصرصور السؤال..ويقول:
يا لها من صبورة..تمر من نفس المكان دائماً..طريق صنعته
بنفسها..تعرفينه أنت تماماً..يمر بمحاذاة الصخرة التي
تقفين عليها لتوديع الشمس كل مساء...قد تمر قربك تماماً
وهي مشغولة عنك بجمع القش والحب..لا تسمعك ولا تسمعينها..
وفي مكان اخر ترى الصرصور يمتدح النملة قائلاً :
اسمع أيها المخلوق الذي لا أعرف اسمه..إنني أراك مهتماً
كثيراً بالحبوب..لا بد أنك تجدها لذيذة جداً..مثل جارتي
النملة الرائعة..أروع جارة..طيبة جداً لم تؤذني قط..
وفوق كل ذلك خارقة الذكاء..إنها لفرط حكمتها تخبيء
كميات كبيرة من القمح في حفرة تحت الأرض هناك قرب
الجذع اليابس لشجرة التفاح التي ضربتها الصاعقة ..
إنك تعرفها أنا متأكد ..رأيتك يوم فاض النهر مع اثنين من
رفاقك تعتليان الجذع..إنه مكان مقفر لا يطرقه أحد..
ولكنها بذكائها النادرجعلته مخزناً لغلاتها ..بالله عليك
أليست جديرة بكل تقدير.؟.لقد قالت لي في اخر مرة:
أيها الجارالطيب..إنك تغرقني بمديحك المستمر
وتحاصرني به..أرجوك توقف عن ذلك..أتدري أيها
المخلوق ماذا قلت لها؟لقد قلت لها يا لك من متواضعة..
تتواضعين وأنت في قمة المجد...تعطين لي الحب في
أيام البرد والحاجة ..تحتملين فضولي وصخبي طوال الليل
وفوق كل ذلك تتواضعين وتتحلمين..انت حقاً تستحقين
المديح..ولسبب ما لا تعثر العظاءة على النملة..
ولا يهتدي المخلوق إلى الحبوب ولا يتوقف الصرصور
عن المديح والثرثرة والمراقبة.. ولا تنتهي هذه
القصة ابداً ابداً....
مع تحيات عبدالحكيم ياسين