منذ مائة عام نبض قلب نابليون الثالث إمبراطور فرنسا ووقع في حب فتاة تدعى (ماري أوجيني) إحدى كونتيسات فرنسا وأجمل نساء المجتمع حينها , ولقد توفرت في تلك الزيجة كل مقومات النجاح حيث الجاه والمال والصحة والقصور والخدم والحشم فكان الحب بينهما في بداية الزواج كالبركان الثائر, واجلس نابليون محبوبته على عرش قلبه وألبسها تاج الود .وبعد فترة ليست بالقصيرة وإذا بنيران الحب تستحيل رماد وواحات العشق صارت صحارى مقفرة واستحالت الدنيا الوسيعة إلى مفحص قطاة, فماهو ياترى السر في تلك الانقلابة العجيبة وتحول الحب إلى كره عظيم ونفور رهيب!؟ للأسف أن ذاك القلب النابض والحنان المتناهي والكرم الشديد من الامبراطور لم يمنع ماري أوجيني من ممارسة هواية محببة لدى بعض النساء ألا وهي اختلاق ( النكد) وصناعة الهم والتنغيص على الزوج فقد تملك الكونتيسة شيطان الغيرة وبدأت في عدّ أنفاس نابليون الثالث ورصد تحركاته بل وأنكرت عليه الانفراد بنفسه قليلا فكانت تدخل عليه حتى في أوقات راحته أو وقت تصريف شؤون الدولة كل هذا خشية أن يتخذ غيرها زوجة أو عشيقة ! فماذا كانت النتيجة؟ وماهي الثمرة التي قطفتها ماري أوجيني؟ ضاق الحال بنابليون فكان كثيرا ما يخرج ليلا متدثرا بالظلام.. ميمما نحو غادة قد اتخذها خليلة!
ومن أشهر صانعات النكد في التاريخ زوجة الأديب الروسي الشهير (تولستوي) والذي يصنف ضمن أبرع الروائيين في التاريخ والذي يؤكد أنه لم ينعم بليلة هانئة مع تلك الزوجة التي غذيت اللؤم في اللبن ، رغم ما حظيت به من جمال باهر حيث امتهنت صناعة النكد وتنغيص حياته وتحقير انجازاته وتسفيه أفكاره , وكانت تزبد وترعد وتسب إذا لم يستجب لها فجعلت بيته قطعة من جحيم , وعندما قارب التسعين بلغ الأمر منه المخنق وفاض به الكيل وعجز عن احتمال النكد والشقاء الذي ظلل بيته فخرج هائما على وجه في ليلة عاصفة باردة مطيرة خرج حاف بلا أفكار أو ذكريات أسير دمعة حارة يجر أذيال الوجع . لاتفارقه وحدته لدغته جروح القهر فهرب إلى عالم الخيال لعل القلب المنهوش يجد له مداوياً فوجد أن الحياة بعيدا عن تلك الزوجة الشقية حتى ولو في الطرقات انعم واهنأ, وقد كتب التاريخ نهاية حزينة لهذا المبدع سببها الأول زوجته النكدية فقد وجد ميتا في أحد الشوارع بعدما أصيب بالتهاب رئوي وقد أوصى أن لاتدفنه زوجته!!
واعرف شخصا لين الجانب خافض الجناح قد ابتلي بزوجة خرقاء سليطة اللسان جافية الطبع ، سيئة الأخلاق لاتدعه يهنأ بحل ولا ترحال وقد كانت من الحماقة والشراسة بمكان لايصدقه عقل وكنت اسمع من قصص غلظتها ما يجعلني احبس أنفاسي دهشة وألما ، وكان صابرا محتسبا حتى انتبه ذات يوم وملكته عزة النفس فأزور متأخرا عن مقام الذل و مطارح الهوان ، فتخلى عنها بعد أن ظنت أنه لايقدر على ذلك!! وعاش حياة جديدة ندم على أنه لم يُبكر لها ! وربما يقال أن هناك ما دفع هولاء النسوة لما فعلنه! وأقول ربما كان هذا ولكن هل ساعدت صناعة النكد الزوجة على تغيير حياتها وتحقيق ما تتمنى!؟ أجزم أنها لم تجني سوى الأسى والمرارة , استبقي حياتك أيتها الزوجة وحافظي عليها ولاتكوني مصنعا للنكد فتشقين وتُشقين!
ومضة قلم:
ما يرهقك ليس الجبل الذي تحاول تسلقه ولكنها حبة الرمل الموجودة داخل حذائك!
د خالد بن صالح المنيف
تعليقي الخاص .. النكد لا يتعلق بالزوجات فقط ولكنه صفة عند بعض البشر والذين يحرمون انفسهم بانفسهم من السعادة