في استعراضنا لمحتويات مجلة "كل شيء والدنيا" من اصدارات دار الهلال المصرية المعروفة ، ننقل اليكم اليوم مادة عن استحضار الارواح الذي ما زال البعض في عصرنا هذا يؤمنون به يستحضرون ارواح الموتى من خلال وسطاء ..
والمادة الآتية تشكف حيل الوسطاء في اتمام مثل تلك الجلسات ، نشر في عدد المجلة الصادر في تشرين الثاني 1934.
الدجل في استحضار الأرواح
كشف النقاب عن بعض الحيل العجيبة ؟؟؟
كل شيء والدنيا - 21 تشرين الثاني – 1934
لا شك في إن استحضار الأرواح له أصل من الحقيقة ، يدل على ذلك إن كثيرا من جهابذة العلماء في مختلف الأمم الراقية يشتغلون به ويركنون إليه ، و يهمنا أن ينجح استحضار الأرواح وان يجعل له أصول وقواعد حتى يصير علما من العلوم ، فان من شأنه إن يثبت وجود الروح ويوطد الإيمان و العقيدة الدينية في النفوس
غير إن كثيرا من المحتالين يعمدون إلى استحضار الأرواح فيتخذون من الخفاء المحيط بهذا الموضوع وسيلة للخداع و الاحتيال وهذا الذي دعا المغالين في الشك إلى إنكار الأمر كله و القول بأنه وهم وهراء ، ناظرين إلى خداع ( الوسطاء ) وحده ، وغافلين عن اهتمام العلماء المحققين وقد الفت لاستحضار الأرواح جمعيات في كل بلد ومنها جمعية في مدينة ميامي بأمريكا وقد راعها احتيال الوسطاء الذي يسيء إلى الغاية كلها اكبر إساءة ، فأرسلت المستر ستيل احد أعضائها في إثرهم ليكشف ألاعيبهم ويفضح حيلهم ، وقد بلغ في ذلك مبلغا محمودا ،
واظهر الوسائل العليمة العجيبة التي يلجأ إليها الوسطاء لتضليل الراغبين في استحضار الأرواح و التي تجوز على الأكثرين لدقتها وإحكامها . ونحن نذكر هنا أمثلة من تلك الوسائل نقلا عن الصحف الأمريكية .
الأرواح ترسم شكلا شنيعا ....
فمن الوسطاء الذين حازوا شهرة كبيرة في بعض مدن أمريكا امرأة بولونية اسمها هيلين كان الناس يقصدونها لاستحضار الأرواح فتجلسهم في غرفة ليس فيها سوى عدد من الكراسي وبيانو ولوحة رسم . فإذا أطفئت الأنوار جلست ( الوسيطة ) إلى البيانو فعزفت ألحانا محزنة وعندئذ يرى الجالسون صورة ترسم على اللوحة وتكون صورة قريب أو صديق لأحد الجالسين فلا شك في أنها صورة روحه قد تبدت له من العالم الآخر ...
وقد حضر المستر ستيل بعض الجلسات من هذا القبيل حتى أدرك سرها ، وعلم إن الوسيطة تحصل سلفا على صورة الميت الذي يراد استحضار روحه بهذه الطريقة فترسمها بنفسها أو بواسطة رسام بمادة ( الانتراسين ) التي تجعلها غير مرئية فإذا سلط عليها جهاز خفي يبعث الأشعة فوق البنفسجية بانت الصورة للناظرين وسط الظلام
وعلى ذلك حضر المستر ستيل جلسة وغافل المرأة في الظلام وهي تعزف على البيانو فرسم بالانتراسين صورة شنيعة غطت الصورة الخفية المرسومة من قبل . حتى إذا سلط عليها جهاز الأشعة فوق البنفسجية صاحت أرملة كانت تريد استحضار روح زوجها من فرط الجزع ولكن صيحة الوسيطة كانت أعلى واشد .... ولما أنفضح أمرها هاجرت من المدينة .
أرواح تلمس الأيدي .....
وذهب المستر ستيل إلى اورليانز الجديدة حيث كان وسيط أدهش الناس بصدق استحضاره للأرواح حتى إن المشاهدين كانوا إذا جلسوا في غرفة عنده في النور لا في الظلام ، شعروا بأشياء خفية تلمس أيديهم . وكان ذلك لوسيط يزعم إن تلك الأشياء التي تلمسهم ليست سوى مادة روحية تخرج من أجسامهم وقد بحث ستيل في ذلك الآمر حتى وقف على خافيته فإذا بذلك الوسيط ينشر غاز ثاني اوكسيد الكربون على أجسام الجالسين دون أن يدروا وذلك الغاز لا يرى في ضوء النهار ولا في النور الكهربائي ...
تلفون روحاني ....
وهناك خدعة أخرى كادت تجوز على المستر ستيل أول وهلة لولا دقته وبحثه ذلك إن احد الوسطاء كان وضع في غرفته تليفونين متباعدين وليس بينهما أي سلك منظور فإذا أراد احد أن يكلم روح قريب أو روح صديق من عالم الأموات امسك السماعة وطلب الروح المنشود فإذا به يسمع صوتا يجيبه من التلفون الآخر وكانت هذه الظاهرة باعثة على الحيرة فعلا لكن المستر ستيل وقف على سرها فإذا هناك جهاز لاسلكي خفي بالتلفونين وإذا بأحد أعوان الوسيط ( يذيع ) ما يريده فيسمعه طالب الروح ....
مصباح الروح ...
وعمد احد الوسطاء إلى حيلة بادية الغرابة وان تكن بسيطة في ذاتها . فقد اعد مصباحا صغيرا يشبه الأنابيب الصغيرة التي يستعمل في معامل الكيمياء وجعل به زيتا نقيا وزعم ( لزبائنه ) إن هذا المصباح يبين ( القوة الروحانية ) التي عند من يمسك به ، فبقدر هذه القوة يشتغل الزيت الذي بالمصباح دون أن يوقد وقد يبعث ضوءا قويا او ضعيفا حسب قوة الممسك به . وما لبث المستر ستيل حتى وقف على سر المسألة فإذا بالوسيط يضيف إلى الزيت مزيجا من الفوسفور ثم يغطيه بفلة ( سدادة ) فإذا امسك شخص بالا نبوية ( المصباح ) أزاح الوسيط تلك السدادة فيلامس الفوسفور الهواء ويكون اشتعاله بقدر الحرارة المنبعثة من يد الشخص ....
المادة الروحانية ...
ومن الوسائل التي يعمد إليها الوسطاء أنهم يبعثون من أجسامهم مادة روحانية ويزعمون ان الروح المستحضر يتجسد أمام الناظرين حتى ليصوره بعضهم بالفوتوغرافيا .وقد حقق المستر ستيل هذا الموضوع إذ غافل ( وسيطة ) حين اخذت تلك المادة تنبعث منها ووضع قليلا من الماء في قارورة وأغلقها بإحكام ولما حللها بمعمله ألفاها لا تعدو كونها ثاني اوكسيد الكربون ولكنه يظهر بذلك المظهر حين تسلط عليه الوسيطة أو احد أعوانها ضوء ( النيون )
هذه كلها أمثلة من الحيل العلمية الدقيقة التي يلجأ إليها الوسطاء فتجوز على الأكثرين على إن ذلك لا ينفي أن استحضار الأرواح قائم على الصول صادقة .