شقيقة روحي
" في رثاء ابنة عم الدكتور جمال و شقيقة روحه التي وافتها المنية ليلة أمس "
نَمُوتُ بالوهـمِ أو نحيـا بـلا أمـلِ
و نحصدُ الهَمَّ لو نبكـي بـلا مُقَـلِ
تَفيضُ أحداقُنا ، و الدَّمـعُ مُحتبـسٌ
فيها ، فليس يرى للنورِ مـن سُبُـلِ
و لَيتَهُ إن جرى فوق الخـدودِ دمـاً
أراحَ ما وَقَرَت في القلبِ مـن عِلَـلِ
لكنـهُ آثـرَ الطوفـانَ فـي كَـبـدٍ
سقيمةٍ ، قَدَّها الترحـالُ مِـن قُبُـل
يا أختَ روحيَ ، والأحزانُ تعصفُ بي
قد جاءَ أمرُ الـذي سَـوَّاكِ فامتثلـي
( كُلُّ ابنِ أنثى و إن طالت سلامتهُ )
مَيْتٌ ، و ساعاتهُ محسومـةُ الأجـلِ
لو خلَّدَ اللهُ في الأكـوانِ مـن بَشَـرٍ
لكانَ أولـى بخُلـدٍ صفـوة الرُّسُـلِ
و لاستقرَّت بقـاعِ العيـنِ دمعتُهـا
لكنها حكمـة البـاري ، فـلا تسـلِ
أعمارنا كُتِبَت فـي اللـوحِ مـن أَزَلٍ
فهل سنعمرهـا بالصـدقِ و العمـلِ
و هـل سنمـلأُ بالخيـراتِ قِربَتَنـا
لعلنا نرتوي فـي الموقـفِ الجَلَـلِ
أم سوف نرحـلُ و الأسفـارُ خاليـةٌ
إلا من اللهوِّ و التدليـس و الخَطَـلِ
يا أختَ روحيَ ، هل طالَ الطريقُ بنا
فَرُحتِ تمشينَهُ قبلـي علـى عجـلِ
كم جاءكِ الموتُ خَطَّاباً و فـي يـدِهِ
مَهرُ العروسِ ، فمن عينيكِ لم ينـلِ
كيف استكانت له بنتُ الربيعِ ضُحـىً
و كيف يجـرؤ أن يُغريـكِ بالحُلَـلِ
أستغفر اللهَ ، هولُ المـوتِ أفجعنـي
بِفَقدِ مَن ذِكرُهـا كالعطـرِ لـم يـزلِ
أُساءلُ النفسَ و الأحـزانُ تسكنهـا
كأنَّها البومُ و الغربـانُ فـي طَلَـلِ
من ذا سينقـذُ خُطْواتِـي إذا عَثَـرت
من بعد موتك يا أختـاهُ مـن زَلَـلِ
و كنتِ صادقةً في النصـحِ مخلصـةً
و صوتُكِ العذبُ شلالٌ مـن العسـلِ
يـا كـم ترنَّـم بالأذكـارِ منكسـراً
عشيَّةً يذكـر الرحمـنَ فـي وجـلِ
فَتَحتُ دفترَ أمـسٍ ، رُحـتُ أقـرؤه
و القلبُ في شَغَفٍ و العقلُ في شُغُـلِ
فما رأيتُ سوى عُصفـورةٍ سَكَبَـت
ألحـانَ غُربَتِهـا للسَّهـلِ و الجبَـلِ
قالـت و نبضتهـا بالكـادِ أسمعهـا
أكرم بقصريَ في الجناتِ مـن نُـزُلِ
أكرم بصحبـةِ خيـرِ الخلـقِ كُلِّهِـمِ
ما كان لي بعدها في العيشِ من أملِ