كثير من الأهالي يرفضون في قرارة أنفسهم فكرة وجود طفل معاق
بينهم، فمنهم من يضيق به ذرعا ويلقي به إلى المصحة لعلاجه دون أن
يبذل أدنى جهد معه، ومنهم من يشعر بالذنب تجاهه، ومنهم من يفرط
في تدليله، ومنهم.. ومنهم.. لكن هناك من يتعلم كيفية التعامل معه..
فإذا جاز لنا أن نعرّف التخلف العقلي فهو يمثل تباطؤا أو تأخرا أو فقدانا
للنمو الذهني، نتيجة لتعرض الدماغ للتلف قبل أو خلال الولادة أو في
السنوات الثلاثة الأولى بعد الولادة، ويسمى الطفل بالطفل المعاق
(المعوق) عقلياً. وتبلغ نسبة حصول الإعاقة العقلية أو التخلف العقلي
1% من الأطفال.
درجات التخلف العقلي:
توجد خمس درجات للتخلف العقلي، وهي:
الدرجة الخفيفة جداً: يبلغ حاصل الذكاء 70 – 80% .
الدرجة الخفيفة: يراوح الذكاء عند المصابين بهذه الدرجة من التخلف
العقلي بين 50 – 70% .
الدرجة المتوسطة (المعتدلة): نسبة حاصل الذكاء في هذه الدرجة هي
35 – 50%.
الدرجة الشديدة (القوية): يراوح حاصل الذكاء فيها بين 20 – 35%.
الدرجة الشديدة جداً (الأكثر شدة) والعميقة للتخلف العقلي: حاصل
الذكاء فيها هو تحت 20%.
كيفه التعامل مع الطفل المتخلف عقليا؟ وكيف تظهرين مشاعرك حياله؟
معاملتك لطفلك المعاق عقليا سوف تنعكس على معاملة إخوته له،
كذلك فإن الأقارب والأصدقاء والجيران سيتأثرون بهذه المعاملة،
ويتخذونكم مثالا يحتذى به عند التعامل مع طفلكما المتخلف عقلياً.
إذا كنت ما زلت تعانين من مشكلات في الحكم على طفلك المتخلف
عقلياً، فقد لا تتقبلين تماماً الإرشادات التي تحدد لك ما يجب قوله
وفعله بالطريقة المناسبة واللائقة. ولكنك تستطيعين أن تستخدمي
تأثيرك الطبيعي في الآخرين للتأكيد من أن طفلك سيكبر، ويكون محاطا
ومغمورا بالحب والترحيب من عائلته وأصدقائه.
يجب أن تعاملي طفلك المتخلف عقلياً تماماً كما تعاملين أطفالك
الآخرين، لكن يجب أن تأخذي بعين الاعتبار المستوى الفعلي لتطوره
الذهني، فتستعينين بالله أولا، ثم عليك بالطرق والأساليب السهلة
والمبسطة لتعليمه. فعندما يكون الأهل مدركين لخصوصية وضع طفلهم
المتخلف عقلياً، يحسنون كيفية التعامل معه، لكن معظم العائلات ليس
لديها أفكار ورؤى واضحة حول ماهية التخلف العقلي، ويربطون بين هذا
التخلف وبين الخلل العميق أو المعتدل (المتوسط) للقدرات.
إن ولادة طفل متخلف عقليا في عائلة عادية، لا تتطلب جهودا مميزة أو
مواهب خاصة لمعرفة كيفية تربية ورعاية هذا الطفل. في حال وجود
مشكلات مرضية، مثل: النوبات المفاجئة أو الشلل الدماغي، المصاحبة
التخلف العقلي، فإن هذه الصعوبات تجعل تربية الطفل أكثر تعقيداً.
العديد من الأهالي يعتقدون أن النظريات العادية لتعلم الطفل، كأن يأكل
وحده، ويستخدم الحمام بمفرده، قد لا تنفع مع الطفل المتخلف عقلياً.
فتشعر الأم أحياناً بأنها ظلمت لإنجابها طفلاً متخلفاً عقلياً، وتصاب
بالحزن والكآبة عندما ترى ابن الجيران ذا الأعوام الثلاثة يقود دراجة، بينما
طفلها بدأ لتوه تعلم المشي. كما ستكون حالتها مأساوية عندما تلاحظ
أن الأطفال الآخرين يتعلمون القراءة في سن السادسة من العمر،
وقيادة السيارة في سن المراهقة، بينما طفلها لا!
كيفه تقبل الطفل المتخلف عقلياً؟
يرفض معظم الأهل في قرارة أنفسهم تقبل حقيقة أن طفلهم متخلف
عقليا، ويعتبرون ولادة طفل كهذا بمثابة خطيئة كبرى، ويتملكهم الشعور
بالذنب. لكن شيئاً فشيئاً – بالرغم من هذه المشاعر – ستتولد عندهم
عاطفة محبة قوية تجاه طفلهم، وهذه العاطفة ستحل مكان تلك
المشاعر السلبية. سيتقبلون طفلهم ببطء، وسيقنعون أنفسهم كأهل
لطفل متخلف عقلياً. التخلف العقلي لا يغيّب الشخصية، فمن يقضي
أوقاتا معينة مع المتخلفين عقلياً سيكتشف أن بعضهم يشعر بالسعادة،
والبعض الآخر لا يشعر بذلك، تماماً كما عند الأطفال الطبيعيين.
من المهم إظهار مشاعرك تجاه طفلك، فهناك أطفال يحبون العناق
والقبلات، كتعبير عن الحب والحنان، بينما نلاحظ آخرين، بسبب حدة
طباعهم، لا تعني لهم هذه الحركات الكثير. ولكن هناك طرقاً أخرى
للإفصاح عن مشاعرك نحوه، وأن يعبر صوتك عن عاطفتك، وأن تخصصي
له يومياً وقتا خاصا به، وأن تنشدي له أنشودة يحبها. وإذا كانت هناك
نشاطات تمتعه، كالسباحة؛ فأشركيه فيها. تأكدي من مشاركة طفلك
الفعالة في بعض النشاطات العائلية، كالنوم في خيمة في خلال رحلة
تقومون بها، أو التزلج على الثلج.. وهكذا.
مساعدة الأهل في تطور طفلهم المتخلف عقلياً
هناك عاملان أساسيان مؤثران في تطور الطفل: أولهما: قدرة الطفل
البيولوجية على التطور، وثانيهما: الخبرات التي تساعد وتصقل تطوره.
بالرغم من أن الأهل لا يستطيعون تغيير التركيب البيولوجي لطفلهم،
لكنهم يستطيعون التأكد من أن طفلهم يتلقى التعليم المناسب الذي
يمكنه من تطوير قدراته إلى أقصى الحدود. والتجارب تثبت أنه كلما بدأ
الأطفال المتخلفون عقلياً، في تلقي المساعدة المبكرة الهادفة إلى
تعليمهم، كانوا محظوظين أكثر في الوصول إلى أبعد الحدود في تطور
قدراتهم. فإذا استطاع الطفل السيطرة المبكرة على مهارات اللغة
والتحدث، سيكون لديه الحظ الأوفر للاتصال بالمهارات المتأخرة، كأن تصل
مهارة القراءة عنده إلى حدها الأقصى؛ لأن المهارات المتأخرة تعتمد
على المهارات المبكرة. فإذا أعطي الطفل برامج تدريبية مبكراً وتلقى
برامج تعليم خاصة، سيكون بمقدور الأهل مشاركته في هذه البرامج
ومساعدته فيها؛ كي يطور مهاراته المختلفة؛
منقول