ولا تمسوها بسوء !
( حالة المُمَانعة )
غيرُ مُجْدٍ في الملّة والاعتقاد ، ومنطق السّداد والرشاد ، لشعب شرّد عن دياره ، وعاث عدوّه فساداً وتدنيساً في مقدساته ، إلا أن يزداد على حقه ممانعة وعناداً ، ولنصرة هذا الخيار يزداد رِفداً واستِرفادا ! وذلك بأن نتداعى نحن معشر الفلسطينيّين بادئ ذي بدء على اختلاف أطيافنا وأصنافنا على رفد أنفسنا قبل استرفاد غيرنا ؛ بجنوحنا إلى كلمة سواء فيما بيننا ، تتنظم في سلك الممانعة والمراغمة والاستعصاء على محاولات قضم أرضنا ، وهضم حقنا ، والإطباق على تهويد قدسنا ، ولنكفّ عن الانشغال ببعضنا بعضا ، ولتخيّم علينا حالة الوصال والتوادّ ، دون الانفصال والترادّ ، ولتحلّ في ساحتنا حالة التواصل والائتلاف دون التفاصل والاختلاف ، حالة تحفّنا بكلّ خير ، ولا تحرقنا بكلّ ضيْر ، وتحملنا إلى كلّ خير ، وتنزعنا عن كلّ شرّ ، وليعمّ بيننا شعار : سلامٌ عليكم أهل هذه الأرض المباركة ، فقد كُتب عليكم الرباط والمرابطة والإباء والممانعة ، فاحذروا على أنفسكم من أنفسكم ، نزعة هوى تضلكم ، ولوثة أفاك تزلّكم ، ونزغة شيطان تفرق جمعكم ، واحذروا على أنفسكم من عدوّكم : موالاته وملاواته ومراوغاته !
وإذا كان ذلك كذلك فلا يكوننّ عدوّكم على باطله أصبرَ منكم على حقكم ! وعلى أهدافه أكثرَ جمعاً والتفافاً منكم على ثوابتكم ، وعلى مواجهة التحديات التي تحدق به أصلبَ منكم عوداً على مواجهة وحدة مصيركم ! وليكن خروجكم من مساكن أرواحكم أيسرَ من نزوحكم عن منازل دياركم ! وأهونَ من تفريطكم بشيء من ثوابتكم ! فإن لم نكن كذلك انحرقت في أنفسنا المعاني الخلقيّة الباطنية التي فيها قوام انسانيتنا ! وتبعثرت في عقولنا المسلّمات البدهية التي فيها مواطن رُشدنا ! وتشوّهت في مشاعرنا القيم النبيلة التي فيها دعائم عزّنا ! وانطبق علينا حينها قولُ الشاعر(تميم البرغوثي) :
إذا كان خذلانُ الأحبّة دأبَنا ... فمن عاشَ خسرانٌ ومن مات رابحُ !
وذا مقول قول حكماء العرب : ( فبطنُ الأرضِ حينها خيرٌ لنا من ظهرها )
وإذا لم تتجسّد فينا تلكم المعالم النيّرة وتصير سهلة النوال ، فسيظل عدوّنا الذي حمل أمثال الجبال ، من مساوي الجرائم وبشائع الأعمال ، منذ أن أطبق علينا الاحتلال ، سيظل ّيصبّ علينا أنواع المآسي ، ويُلحق بنا أصناف النكال !
وأخيراً : ولما كان الختام من مظنّات الاهتمام ، فإني أختم برد المَقطع على المَطلع فأقول : ذروا حالة الممانعة والمراغمة والإباء والصبر والمصابرة تجوب ربوع أرضنا المباركة فلسطين ، ذروها فإنها مأمورة بمجاراة السنن الربانيّة ، والنواميس الإلهيّة ...... ذروها عساها تستنهض هممنا ، وتتوحّد تحت رايتها صفوفنا ، وتجتمع عليها كلمتنا ... فذروها تجوب بطاحَ فلسطين وسهولَها وجبالَها وأغوارَها ولا تمسوها بسوء فيقصم ظهورَنا بطشُ احتلالٍ جبارٍ بغيضٍ عنيد !