ريم بدر الدين
كتب على صفحته الشخصية يوما هذه العبارة :عش في الأهوار و في الجبايش بالذات و في قصبة الزنوج و اقرأ بينهم و أتحداك الا تكون قصصيا ..
أعادتني إلى صانع الخبز كونوفالوف في مجموعة مكسيم جوركي " مولد إنسان" و كأن هذه العبارة استوحت مادة حياتها من تلك الأجواء
وهذه العبارة المهمة سنعود بها اليه دون غيره صاحب البصمة الرائعة في عالم الفن القصصي القاص الكبير فهد الاسدي
انتهى الوقت الذي نستطيع ان نتحاور معه مباشرة فقد عبر نحو تلك الضفة الاخرى بعد صراع مع المرض كبير لكن ترك عطر سيرته الرائعة من انسان عصامي شق طريق مجده بهدوء و تؤدة ليصل الى مصاف كبار كتاب القصة في العالم..
كان تأثره واضحا بالادب الروسي و لم ينكر هذا حتى أنه عندما تكلم عن ليف تولستوي بدا كما لو أنه يتلو ترنيمة مقدسة و قال : زرت بطرسبورغ عام 1977 و كنت أمشي على خطى العظماء و كانت دموعي تنهمر
القاص فهد الأسدي رحل عن عالمنا يوم 7-1-2013 في عقده الثامن بعد صرع مع المرض لم ينل من روحه و قدرته على العطاء في مستشفى الشيخ زايد ببغداد بعد إصابته بجلطة دماغية رابعة، إذ عاش طوال الأشهر الماضية تحت العناية الصحية المركزة، فقد خلالها النطق ومن ثمّ أصيب بشلل نصفي.
ولد القاص فهد الأسدي عام 1939 و تخرج من الجامعة المستنصرية في بغداد كلية الحقوق و كان هذ عمله الرئيسي و أدركته حرفة الكتابة فصور بيئة الأهوار من خلال اعماله القصية و اقتصر في مجموعاته طبور السماء و معمرة علي على هذه البيئة و بدلامن أن تحده البيئة التي يستقي منها مادته نقلها إلى العالمية و كأنني بهذا الجيل الذي خرج في ستينيات القرن الماضي أخذ على عاتقه ان يكون سفيرا لبلاده بما يمتلك من امكانيات فكانت فيروز سفيرة لوطنها لبنان و كان نزار قباني سفيرا نقل الشام الى ربوع الارض و كان سفير الاهوار البيئة الغنية بالمادة القصصية المهمة و التجارب الانسانية المتنوعة الراحل فهد الاسدي
وقد عانى هذا الاديب الكبير من التهميش و النسيان في وطنه و من هنا يمكننا أن نعتبره ليس فقط شاهدا على العصر الذي عاشه و مدونا لتفاصيل بيئته العراقية و لكن ايضا نعتبره شهيدا عندما تفقد الثقافة العراقية و العربية و العالمية قامة شامخة كفهد الاسدي