منذ عدة سنوات تابعت مسلسل أهل الراية على حلقات متقطعة استطعت منها أن أفهم القصة و كان اكثر ما شدني للمسلسل هو اغنية الشارة التي غناها الفنان ملحم زين ( نحنا اهل الراية) و ترسخت في ذهني لدى سماعها ترابطها مع العلم السوري و ذلك لانني حضرت عرض ازياء في الفورسيزن دمشق بعد العرض الاول للمسلسل على الشاشات السورية و كانت احدى المصممات السوريات قد ابتدات عرضها بفستان زفاف من الوان العلم السوري و الخلفية الموسيقية للعرض كانت اغنية " نحنا اهل الراية"
اطلتُ المقدمة قليلا و لكن قناة " سما " تعمل هذه الأيام مثل ( الشريك المخالف ) على حد قول الإخوة المصريين
عرض مسلسل اهل الراية بجميع القيم السلبية التي يطرحها لا يناسب اعلامنا في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ سورية
مسلسل يقدم البيئة الشامية كبيئة متخلفة تسيطر عليها الأفكار و المعتقدات الفاسدة و تكرس القيم المغلوطة من السيطرة الذكورية و الجهل و التخلف و سيطرة المال و ابتسار القضية كلها في امرأة غيورة طماعة تريد أن تقضي على كل من يحيط بزوجها لتحظى به لوحدها ( ذكرتني بزوجة أبي) و بشخصية كررتها كاريس بشار على الاقل مرتين في حياتها المهنية مما جعها تبدو مملة و سخيفة و مزعجة
ثم كرس قضية احقية الاب او الأخ بالقتل المسمى ( قتل الشرف) و من ثم كافأه عندما اكتشف خطأه بعودة ابنته التي لم تمت في جريمته الاولى و لتتلقى العقاب امراة اخرى ( في النهاية من يقع عليها العقاب هي امرأة )
حاول الكاتب تمرير قضية التحرر من الاحتلال العثماني كنوع من محاولة إعطاء العمل بعدا وطنيا قوميا في مشاهد بدت مقحمة و غير متناسبة مع السياق العام للعمل فهكذا مجتمع متخلف لا يمكن ان يفرز حركات تحررية حتى و ان كانت فردية خصوصا ان من يقوم بهذا الحراك هو شخص متناغم و متفاهم مع هذا المجتمع
لا تقوم اي شخصية بمحاكمة عقلانية منطقية في العمل و انما يمكنها ان تمار القتل في فورة الدم و تهرب لكي يصدر فيما بعد فرمان بالعفو من قبل السلطات و "يا دار ما دخلك شر"!
اعتمد العمل على ابراز جمال النساء في محاولة لخلق تضاد بين مستوى الجمال و القدرة على المكر و الأذى و الخديعة او الانصياع و القبول بالذل و الاهانة او البحث المحموم عن الزوج
العمل كتب بلغة ذكورية بحتة اعادتنا لعصور الظلمات الفكرية حيث كانت المراة مصدرا للشر و العار
لفظة " اسيادنا" تذكر في الحلقة الواحدة ما لايقل عن عشر مرات دلالة اخرى على مجتمع يحترم الاقوى و الاغنى فقط و حتى السلطة الدينية تسير في ركاب الاغنى و في ركاب السلطة الزمنية
و مما يحير هو اداء الفنان جمال سليمان , فقد اتى ليؤدي الشخصية الدمشقية القديمة دون سابق تجربة معتمدا على كاريزما و ادوار ناجحة مسبقا ليقع في فخ الشخصية التي يراد لها ان تكون بطلة العمل و ايجابية و منقذة الى شخصية سلبية جدا و منقادة و يستطيع الاخرين تحريكها بسهولة و نجح في هذا ضعف اداءه في العمل
و بالرغم من كل المقدرات المميزة التي قدمت للعمل من حيث التصوير و التمثيل و الديكورات و... الخ الا انه عمل لا يستحق ان يعرض مرتين على شاشة سورية و بالتالي فإن السؤال الملح : من الغبي الذي اقنع مخرج العمل بإخراج جزء ثان منه ؟