في ذكرى النكبة
***
شعر / صبري الصبري
***
ستون عاماً في العذاب وَنَيِّفُ = وقلوب أمتنا الكبيرة توجفُ
سكنت كهوف القاعدين بحسرة = ولها دموع في المآسي تذرفُ
والريح هائجة الجوائح تزدري = فينا المواقف بالخنوع وتعصفُ
أتكون نكبتنا شعار حياتنا = و بها نعيش مع المصائب نرجفُ ؟!
هانت علينا السابقات وما مضى = بالعز في درب المعارك نزحفُ
كنا وكنا في الزمان أعزة = فينا فخارٌ في العلاء مشرفُ
كنا الأوائل في الخلائق جيشنا= يرث البلاد مع الضياء ويخلفُ
والخافق الخَفَّاق في أعلى العلا = في جو آفاق الحياة يرفرفُ
ونقيم فيها العدل هَلَّ هلاله= بالكون يحكم في الأنام ويرأفُ
وشريعة الرحمن نتبع نورها= فيها الفضائل والشمائل تعرفُ
وبسنة الهادي الشفيع (محمدٍ)= نمشي ببستان الهداية نقطفُ
حتى انتكسنا في الظلام جراحنا= من فرط نكبتنا تئن وتنزفُ
بالذل تهنا في البلايا ما لنا= حصن حصين في حماه تَلَطُّفُ
فالكل يمعن في العذاب بأمةٍ= هانت وضاعت .. والضياع تخلفُ !
لما أتاها ويل نقمة غاصب= لبني الأفاعي والقرود تَخَطَّفُوا
أرضاً تسامت بالزمان وأينعت= وثوت بحوزتهم تضج وَتَصْرِفُ
تأبى الخضوع لغزو وغد ناهبٍ= وتبث شكواها لعينٍ تَطْرفُ
نام الجميع فما أجاب نداءها= أحدٌ هناك بقلبه يتعطّفُ
واستمرأ العُرْبُ الجدال فيا لهم= من لاعبين عن الركاب تخلفوا
كالغافل الحيران يسكر فَيْنَةً= ويفيق فينته القصيرة يعزفُ !
ويعيش في قصر مشيد فاخر= من كل أصناف المطاعم يغرفُ
خلوا الجواري بالمراقص والهوى= دعرا يلازمه السلوك المترفُ
ما كان منهم في الحروب تَصَبُّرٌ=أو كان منهم في الرخاء تعففُ
ورحاب أقصانا السليب بقبضة= للغاصبين به البلايا تشطفُ
وربوع (عكا) منذ باشا فخرنا= في حصن (عكا) بالدهور يًُصَنَّفُ
وجمال (حيفا) والجمال بها سرى= مثل النسيم مع الرحيق يزفزفُ
يا ويح قوم قد تنادوا بالرضا= بدويلة الأوباش فينا تعكفُ
هذي مرابعنا .. (فلسطينٌ) لنا= من نهر ضفتنا لبحر .. فاعرفوا !!
ستعود مهما قد أساءوا وانحنى= بعض الضعاف القاعدين وخرَّفوا
ستزول (إسرائيل) مهما أمعنوا= في المنكرات .. وأرضَ تين جفَّفوا
ومزارع الزيتون فيها جيشهم=بجميع آلات الدمار يجرِّفُ
ستزول نكبتنا وإن مَرَّت بنا= تلك العقود بها الرزايا تسقفُ
فبنا الإرادة والعزيمة بالهدى= تهدي الذين مع الخطايا أسرفوا
ستتوب أمتنا عن العجز الذي= حاكوه ثوبا للكرام وزيفوا
إني مررت على الحوادث أرتجي= فيها ادِّكارا من حماه أصنفُ
فقرأت تاريخ الزمان مسطرا= فيه الشعوب مع اصطبار تنصفُ
وتنال بالأحرار كل حقوقها= لَمَّا حشودهم الكثيفة صففوا
يا أرض (قدس) و(الخليل) و(غزة)= يا أرض مسرى (أحمدٍ) : ما أنصفوا !
إذ يتركونكِ بالقيود حبيسة= قد أقلق الحسناءَ وغدٌ مقرفُ
قد أزعج الفيحاء ظلم بَيِّنٌ=فيه اختلالٌ للعدالة مجحفُ
قد أنَّت العصماء : جرحي نازفٌ=ما جاءها يحنو الطبيبُ المسعفُ
يا درة الأقطار قلة حيلتي = شعري يواكبه الشعور المرهفُ
أنت الحبيبة للقلوب قضيتي=سأظل في كل المواقف أهتفُ
هيا إليها بالشموخ أحبتي =فلها بقلب المسلمين تلَهُّفُ
كم ذا أنادي : يا كرامُ استيقظوا= ستون عاما في العذاب ونَيِّفُ !!