عدم التوافق المتأخر
في بستان للفستق الحلبي، لاحظ أن إحدى الشجرات، تقل سماكة أسفل ساقها عما فوقه، ففي حين كانت سماكتها من الأسفل بقطر حوالي عشرة سنتمترات، كان قطر الساق فوقه مباشرة بحوالي عشرين سنتمتر، سأل من يرافقه وكان خبيرا بتلك الشؤون عن هذه الظاهرة والتي بدت كأنها طابق من البناء صنعت له شرفات تزيد عن الطابق الذي أسفل منه ببعد واضح.
أجابه الخبير: إنها ظاهرة عدم التوافق المتأخرة، وأشار الى تلك الشجرة بأنها من صنف العاشوري الإيراني المطعم على أصل (بطم) صيني، وأخذ الخبير يعدد مثل تلك الحالات في أصناف الحمضيات التي تطعم على صنف معين وبعد عدة سنوات تنفصل الشجرة عن أصلها وكأنها قطعت بسيف حاد بضربة واحدة.
ذهب خياله بعيدا، والخبير يشرح ويعدد تلك الحالات التي تمر بها النباتات. فأسقط تلك الظاهرة على اعتناق أناس لدين ثم تركهم له فيما بعد، أو اعتماد الناس لنمط من الملابس، ثم تركهم لهذا النمط فيما بعد، أو التفاف الناس حول نمط حكم معين وشتمه ولعنه فيما بعد.
انتبه الخبير فسأله: أين شردت بذهنك؟ فأجابه، لا لم أشرد، لكن لي سؤال لو سمحت، لماذا تكون تلك الظاهرة؟ أي لماذا يعتمد الناس (أصلا) ليطعموا عليه برعما لم يتأكدوا من توافقه معه؟
ضحك الخبير، وكأنه عرف مقصد السؤال، فسأله: ألم يحدث أن رأيت أناسا يفتتنون بشخص جاء يخطب ابنتهم، وبعد أن يتم الزواج بعدة سنوات يحدث الانفصال والطلاق؟ هز رأسه موافقا، وعلم أن الخبير قد خبر مقصده، لكنه لم يعطه الجواب!