محمود محمد الطناحي , أبو أروى ..من أعلام اللغة العربية والتحقيق والتراث.
محمود الطناحي واحد من المحققين العاملين والعلماء البارزين باللغة والتحقيق والتراث. ورائد من رواد التراث العربي النحويَّ والتحقيق ، أمضى سني عمره في تعليم أصول النحو العربي و فن التحقيق. وكان ليكون خليفة أستاذه شيخ العربية العلامة: محمود شاكر . لو لا أن توفي مبكرا وبعد وفاة شيخة واستاذه: محمود محمد شاكر بعامين تقريبا لكنه .وتوفي الطناحي وهو في أتم صحة وعافية في (6 من ذي الحجة 1419هـ = 23 من مارس 1999م)رحمه الله.
برع في علم المخطوطات فناً وعلماً، ووصفاً، وأضاف في علم التحقيق من سعيه واجتهاده الحثيث شيئا يذكر له من بعده، وأفنى عمرَه ينشر درر التراث، ومدافعاً عن العلم والعلماء .
للطناحي مؤلفات أصيلة دار أكثرها حول نشر التراث، وهو العلم الذي قضى حياته خادمًا له، من ذلك كتابه النفيس "مدخل إلى تاريخ نشر التراث العربي" وقد وضعنا له رابطاً لمن يريد الاطلاع والقراءة, نهاية هذه التعريف بعالمنا واستاذنا الطناحي.
تعرض فيه لبواكير نشر التراث العربي، وتتبع مداخله في مصر وغيرها، وعرض لمراحل تطوره والأدوار التي مر بها، ومدارس التحقيق وأعلامه في مصر والعالم العربي، وتطرق لجهود دور النشر الأهلية والرسمية في نشر التراث. وله أيضًا: الموجز في مراجع التراجم والبلدان والمصنفات وتعريفات العلوم.
وتعد المقدمات التي كان يكتبها الطناحي للكتب التي قام بتحقيقها كتبًا أصيلة، تحدد أصول المنهج الذي ينبغي أن يلتزم به من يقوم بالتحقيق.
ووضع فهارس علمية لبعض كتب التراث، وهي تعد نماذج لما يجب أن تكون عليه الفهرسة للكتب التراثية، وهو عمل يحتاج إلى دقة ودأب وصبر، فوضع فهرسًا لكتاب "الأصول في النحو" لابن السراج ونشره في القاهرة سنة (1407هـ = 1986م)، وفهرس الأشعار لكتاب "ديوان المعاني" لأبي هلال العسكري، ونشره في العدد السابع والثلاثين من مجلة معهد المخطوطات العربية. وله بحوث علمية دقيقة نشرها في المجلات العلمية المتخصصة.
وفي العشر السنوات الأخيرة من حياته طلع على الناس بمقالاته البديعة التي كان يكتبها بانتظام في مجلة الهلال فكشفت عن جوانب جديدة، وأبانت عن تمكنه الشديد من الثقافة العربية، مع قدرة على الإبانة في أسلوب طلي جذاب، ومن يطالع هذه المقالات يعرف أن الرجل قد احتشد لها واستعد فهي ليست مما يقرؤه الناس من بعض الأقلام تحمل خواطر وآراء، وإنما هي تحمل علمًا وأدبًا، يدهشك ما ينثره بين ثنايا مقالاته من فوائد لغوية وتاريخية، هي خلاصة خبرته وملازمته للكتب ومشافهته أهل العلم.
وجمع الطناحي إلى علمه الواسع صفات وخلالا أسرت كل من التقى به وخالطه وجالسه فهو كريم الخلق، نقي النفس، خفيف الروح، عذب الحديث، فإذا تكلم وحكى بهر جلساءه بظرفه وفصاحته ونوادره التي لا يمل حديثها، فكان زينة المجالس والمحافل مع هيبة واعتداد بالنفس.
وهو وفي لشيوخه ومعلميه كثير الدعاء لهم إذا استشهد بواحد منهم أو عرض لذكراه، فإذا كانوا من الأحياء دعا لهم بمثل قوله: أطال الله في الخير بقاءهم" ، وإذا كان أحدهم من الأموات قال: "برَّد الله مضجعه" أو "طيَّب الله ثراه".
وعلاقته بشيخه محمود محمد شاكر مثال نادر للوفاء, يقدمه تلميذ لشيخه، فكان دائم الثناء عليه، ذاكرًا له في كل موضع، معترفًا بفضله، حريصًا على حضور مجلسه الأسبوعي في منزله في يوم الجمعة مهما كانت الشواغل، وكان الطناحي لا يترك مناسبة إلا ذكر الناس بفضل شيخه وقيمته في الثقافة العربية، يقول عنه في أحد المواضع من كتابه "مدخل إلى تاريخ نشر التراث": "كيف أكتب عنك أيها الشيخ الجليل، ومن أين أبدأ، وكيف أمضي وإلى أين أنتهي؟ فالحديث عنك إنما هو عن تاريخ هذه الأمة العربية: عقيدة ولغة وفكرًا ورجالاً.. ومعذرة ثم معذرة شيخي أبا فهر إذ أكتب عنك بهذه الوجازة التي تراها.. ثم معذرة من بابة أخرى، وهو أن كثيرًا مما ستقرؤه إن شاء الله منتزع من كلامك، مدلول عليه بفكرك، فأنا إنما أكتب عنك بك، وأتقدم إليك بسابق فضلك وموصول علمك...".
مؤلفاته:
1 - مدخل إلى تاريخ نشر التراث العربي.
2 - الموجز في مراجع التراجم والبلدان والمصنَّفات وتعريفات العلوم.
3 - فهارس كتاب غريب الحديث لأبي عبيد القاسم بن سلَّام.
4 - فهارس كتاب الأصول في النحو لابن السرَّاج.
5 - ديوان المعاني لأبي هلال العسكري، وشيءٌ من التحليل والعَروض والفهرسة.
6 - الفهرس الوصفيُّ لبعض نوادر المخطوطات بالمكتبة المركزيَّة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
7 - الكتاب المطبوع بمصر في القرن التاسعَ عشرَ.
8 - مُستقبل الثقافة العربية.
9 - وله عشراتُ الأبحاث والمقالات نُشرت في مجلَّات عدة.
تحقيقاته:
1 - النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير الجَزَري، (خمسة أجزاء).
2 - طبقات الشافعية الكبرى لابن السُّبكي، (عشرة أجزاء) بالاشتراك مع الدكتور عبد الفتاح الحلو.
3 - العِقد الثمين في تاريخ البلد الأمين، لتقيِّ الدين الفاسي ( الجزء الثامن).
4 - الغريبين، غريب القرآن والحديث، لأبي عُبيد الهَرَوي ( الجزء الأول).
5 - الفصول الخمسون في النحو، لابن معطي.
6 - تاج العروس شرح القاموس للزَّبيدي ( الأجزاء 16، 18، 20).
7 - مَنال الطالب في شرح طُوال الغرائب لابن الأثير الجَزَري.
8 - كتاب الشعر- أو شرح الأبيات المشكلة الإعراب- لأبي علي الفارسي ( جزآن).
9 - أمالي ابن الشَّجَري (ثلاثة أجزاء).
10 - ذكر النِّسوة المتعبِّدات الصوفيَّات، لأبي عبد الرحمن السُّلَمي.
11 - أعمار الأعيان ، لابن الجوزي.
12 - أُرجوزة قديمة في النحو لليَشْكُري.
أقوال العلماء في الطناحي:
الأستاذ محمود محمد شاكر: (لقد أدخلنى وفاء محمود الطناحى النادر في باب التاريخ الذي من دخله لم يخرج منه).
الأستاذ عبد السلام هارون: (لم أفاجأ بما رأيت في تحقيق الطناحى للجزء الأول من كتاب الغريبين للهروى من علائم الجهد والعناية والإتقان فمن قبل رأيت نحو ذلك في تحقيقه لكتاب النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير).
الأستاذ أحمد راتب النفاخ: (إن وفاة العالم والمحقق الكبير والصديق العزيز الأستاذ الدكتور محمود الطناحى لخسارة كبيرة للعلم والبحث الجامعى ولأصدقائه وطلابه وعارفى فضله).
الأستاذ الدكتور ناصر الدين الأسد: (إن لفراق الأخ والصديق العزيز العلامة الأستاذ الدكتور محمود الطناحى أثر كبير في نفوس إخوانه ومحبيه الذين افتقدوا علمه وفضله ولطفه).
الأستاذ الدكتور إبراهيم شبوح: (لقد كان الطناحى في كل مكان ينزل فيه فارسا من فرسان التراث العربى المجيد ورجلا من رجالات اللغة البارزين ولقد خسرت الأمة الإسلامية بوفاته عالما من أجل علمائها وخسرت أنا شخصيا بفقده أخا غاليا وصديقا عزيزا وخسر زملاؤه العارفون له بعلم وافر وعطاء متصل وخلق رفيع وتدا من أوتاد التراث في وطننا العربى).
الأستاذ الدكتور عبد الله يوسف الغنيم: (لقد تابعت كتابات الطناحى في مجلة الهلال وأحمد له دائما هذا النزوع نحو التحقيق والتثبت وتصحيح المفاهيم والنقد العلمى الرصين والتعريف بأمهات كتب التراث العربى مما يجعله في طليعة العلماء الأكادميين المشتغلين بالثقافة والتراث العربى والمنقطعين إلى العلم تدريسا وتطبيقا).
الأستاذ الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجرى: (ان الباحثين مدعوون إلى العكوف على دراسة منهج الطناحى وقراءة كتبه وقبل هذا تمثل مراحل حياته التي أوصلته إلي هذه القمة العالية من العلم والفضل والتي تصورها سيرة حياته الثرية بالتجارب ثم الاستفادة من تلك التجارب التي صقلته والتي سطر منها كثيرا في كتبه وهوامشه).
الأستاذ الدكتور عبد الله حمد محارب: (إن الطناحى وان غادر الحياة الفانية بجسده إلا أنه لايزال يعيش بين الناس بأخلاقه وعلمه وفضله فلقد فقدت ساحة العلم والمعرفة وتحقيق التراث برحيله واحدا من أهم وأبرز رجالاتها معرفة وخبرة ودراسة).
الأستاذ الدكتور عبد الله بن عبد الرحيم عسيلان: (لقد لقى الطناحى ربه وهو مرابط في ثغر اللغة العربية يدفع عنه البلايا ويذود عن حياضها فقد عاش طيلة حياته منغمسا في بحر الحياة الثقافية العربية سابحا في محيط الفكر العربى وقد ماج كلاهما في عمره القصير الكثير العطاء بآلاف الأفكار والأحداث التي أدلى فيها بدلوه فكان عادلا لايجور منصفا لايحيف وكان ميزان هذه العدالة ومعيار ذلك الإنصاف يتمثل في عوده الدائب إلى قضية اللغة العربية وحراستها والذود عن حياضها والرباط في ثغورها).
الأستاذ الدكتور محمد سليم العوا: (الطناحى هو خلاصة السلف الكريم من أعيان المحققين وشيوخ اللغة والأدب وسلالة النبع الروى من جبابرة التراث العربى الأصيل ووارث علم السلف العظيم الذي حفظ للسان العربى عبق القدامى في قوارير عصرية وبقية ماترك الأصمعى والمبرد وابن الأثير موصولا بالأخوين أحمد ومحمود شاكر وعبد السلام هارون ولكننا على الرغم من هذا فاننا لم نفد منه الإفادة المرجوة فهو مدرسة قائمة بذاتها في تحقيق التراث ولم نفد منه عضوا بمجمع اللغة العربية وكثيرون من أعضائه ليسوا في قامته وبرحيله المفاجئ التاعت أفئدة كان وجوده يذكرها بنقصها وترك محبوه وهم أكباد وارية وعيون باكية وأضلاع صادية فأى علم رفع برحيلك يا طناحى ؟!!).
الأستاذ الدكتور عبد اللطيف عبد الحليم: (لقد اتصلت الأسباب بينى وبين محمود الطناحى على مدى سنوات طوال فلم أعرف فيه إلا دماثة الخلق وطيب العشرة وحب الخير للجميع يجمع ذلك إلى التواضع وعدم الادلال بعلمه والوفاء لأساتذته وزملائه وعفة اللسان لقد حورب حتى في رزقه ولكنى لم أسمعهيذكر أحدا بسوء حتى أولئك الذين آذوه لم يجر على لسانه إلا طلب المغفرة لهم وفى ذلك من نبل النفس والترفع عن الصغائر مالانجده إلا في نماذج نادرة من الرجال كان الطناحى أحدهم).
الأستاذ الدكتور محمود علي مكي: (كان الطناحى نعم الدارس والعاشق للتراث حيث نشأ في رحابه وتربى على يدى خيرة من رجاله فذاق حلاوة العمل فيه وعرف متعة الكشف عن المجهول والمستغرق والساقط منه فكان لهذا كله خير تلميذ لخير أساتذة).
الأستاذ الدكتور حسين نصار: (حين تقدم الطناحى للترقية إلى درجة الأستاذية كان من حسن طالعى أن كنت أحد الفاحصين لإنتاجه وما أن بدأت في قراءة أعماله أيقنت أن إطار الدرجات العلمية الرسمية هو الذي قلب الحقائق وأدركت أننى التلميذ وأن الطناحى هو الأستاذ فقد كان واحد من الذين يذكروننا دائما أن الخير معقود في هذه الأمة وأنه مهما كثر الغثاء فان النافع موجود وباق وقد ترك لنا الطناحى علما كثيرا وعملا نافعا ومنهجا مستقيما وظل طيلة حياته حارسا أمينا للغة القرآن الكريم).
الأستاذ الدكتور. أحمد عرفات القاضي: لقد كان محمود الطناحي -أينما حلَّ- زينةَ المجالس التي تشنَّف لها الأسماع وتَشخَص لها الأبصار بحبٍّ وإعجاب وتقدير واحترام.
الأستاذ الدكتور أيمن فؤاد سيد: عرفتُ فيه صفاء الطبع وكرم الخُلق والطبيعة المرحة، وروح الفُكاهة والظَّرف، وحسن الحديث وطلاوته.
المصادر :
- محمود علي مكي - محمود محمد الطناحي أديبًا ومحققًا - مجلة الهلال - العام السابع بعد المائة - مايو 1999م.
- أيمن فؤاد السيد - محمود محمد الطناحي عالم التراث والمحقق الموسوعي - مجلة الهلال - العام السابع بعد المائة - يونيو 1999م.
- (محمود الطناحي، عالم العربيَّة وعاشق التراث)، للأستاذ أحمد العلاونة، وهو الكتاب رقم (9) في سلسلة: (علماء ومفكرون معاصرون، لمحات من حياتهم وتعريف بمؤلفاتهم) التي تصدرها دار القلم بدمشق، الطبعة الأولى، 1422هـ - 2001م.
- ويكيبديا الموسوعة الحرة: محمود محمد الطناحي.
- ترجمة الطناحي :المكتبة الشاملة.
- موقع الالوكة:محمود الطناحي .. عالم العربية وعاشق التراث-أحمد بن محمود الداهن
وفي ختام هذه الترجمة المتواضعة. نضع لكم رابط أهم مؤلفاته التي نجدها من المؤلفات المهمة في مجال التراث العربي والتحقيق .
مدخل الى تاريخ نشر التراث العربي - pdf
http://www.waqfeya.com/book.php?bid=196