-
باحث في علم الاجتماع
مؤتمر بانرمان
مؤتمر لندن عام 1905 حقيقي وليس وهمي:
مصطفى إنشاصي
علق أحد الأصدقاء على منشوري عن وعد بلفور قبل أمس:
بارك الله فيك أستاذ مصطفى إنشاصي لكن بعض المؤرخين اعترض على وجود مؤتمر كامبل بنرمان واعتبروه لم يحدث لكن لا شك ان تفتيت الوطن العربي والعالم الاسلامي تم بمخطط من القوى الكبرى.
وعدته أن أكتب له عن حقيقة مؤتمر لندن ونا يشكله من خطورة على الأمة كلها قبل فلسطين:
فلسطين قضية الأمة المركزية
لقد أقلقت نظرية كون الحضارات تمر بدورات متعاقبة تنمو وتزدهر، ثم تشيخ وتذبل وتندثر،التي أطلقها الفيلسوف الألماني (أوزوالد شبنجلر) في النصف الثاني من القرن التاسع عشر متأثراً بأفكار ابن خلدون عن زوال الدول، وقد كان أول من تنبأ تنبؤاً قاطعاً بانهيار الحضارة الأوروبية الحالية، أقلقت بال زعماء الدول الأوروبية التي كانت تحتل معظم أراضي العالم القديم والجديد. ومما زاد من قلق الغرب في ذلك الوقت على مستقبل حضارته المادية، تصاعد مقاومة الشعوب المحتلة، وإصرارها على التحرر من احتلاله واستغلاله لثرواتها، واستعباده لشعوبها. وقد صاحب تلك المقاومة محاولات جادة فكرية وثقافية وسياسية لتوحيد الأمة في إطار جامع، واستعادة نهضتها. وقد آمن المؤرخ البريطاني (جيمس أرنولد توينبي) بنظرية شبنجلر عن صعود وهبوط الحضارات وزوالها، لكنه قال: "أن هذا لن يحدث للحضارة الراهنة ـ الغربية ـ، والسبب في رأيه أن الحضارة الراهنة تعلمت من التاريخ وعرفت الخطر فهي سوف تتمكن من أن تتجنب تكراره". فما هو ذلك الخطر المحدق بالحضارة الأوروبية الذي عرفته وتعمل على تجنب تكراره؟ يجيب على هذا السؤال:
مؤتمر لندن وتقرير كامبل بنرمان
لقد كان مؤتمر لندن الذي عقد عام 1905م أخطر عمل قام به المستشرقين الغربيين ضد الأمة والوطن، فقد عقد المؤتمر بدعوى من حزب المحافظين البريطاني، وكان يهدف المؤتمر إلى تكوين جبهة من الدول الأوروبية ذات المصالح المتوافقة في العالم آنذاك، وهي: بريطانيا وفرنسا وهولندا وبلجيكا والبرتغال وإيطاليا وأسبانيا. وقد اتفقت هذه الدول على التعاون الودي فيما بينها، وتأليف لجنة من خبرائها تتولى الدراسة والبحث في نمو مصالحها المشتركة التي كانت تتمتع بها. وقد اشترك في المؤتمر مجموعة من كبار علماء التاريخ والاجتماع والزراعة والبترول والجغرافيا والاقتصاد، وأضخم نخبة من المفكرين والسياسيين الأوروبيين ممثلين عن الدول الصليبية المشاركة فيه.
وقد كان الموضوع الوحيد المطروح للدراسة والبحث في هذا المؤتمر، كما جاء في خطاب (كامبل بنرمان) رئيس وزراء بريطانيا عن حزب الأحرار آنذاك، هو: "... فهل لديكم أسباب أو وسائل يمكن أن تحول دون السقوط والانهيار، أو تؤخر الاستعمار الأوروبي وقد بلغ الآن الذروة وأصبحت أوروبا قارة قديمة استنفذت مواردها وشاخت معالمها بينما العالم الآخر لا يزال في شبابه يتطلع إلى مزيد من العلم والتنظيم والرفاهية". وقد حدد كامبل بنرمان الخطر الذي يهدد الحضارة الأوروبية في خطابه الافتتاحي عندما قال: "إن الحضارة الأوروبية مهددة بالانحلال والفناء والواجب يقضي علينا أن نبحث في هذا المؤتمر عن وسيلة فعالة تحول دون انهيار حضارتنا".
بعد سنتين أنهى المؤتمر دراسته وقدم نتائج ما توصل إليه على شكل تقرير سري خاص إلى وزارة الخارجية البريطانية، التي عندما رأت خطورته أحالته إلى وزارة المستعمرات البريطانية، ثم اختفى التقرير من غير أن يعرف أحد به. إلى أن نشره صحفي بريطاني صهيوني في معرض الدفاع عن فكرة "الوطن القومي اليهودي" في فلسطين، واستشهاداً بآراء الحكومة البريطانية وقراراتها وموافقة سادة الاستكبار العالمي على ذلك، وتبريراً لقيام الكيان الصهيوني كضرورة اقتصادية وسياسية واجتماعية لأوروبا ومصالحها وسيطرتها على الشرق.
وقد حدد التقرير موطن الخطر الذي يهدد الحضارة الأوروبية، بأنه يكمن في الشعب الواحد الذي يعيش على الشواطئ الجنوبية والشرقية للشريان البحري الحيوي لتلك الدول وللتجارة العالمية ـ البحر المتوسط، والتواصل بين تلك الدول ومناطق احتلالها. لذلك كانت توصياته العاجلة تتمثل في: "ضرورة فصل الجزء الإفريقي من المنطقة العربية عن جزئها الآسيوي وضرورة إقامة الدولة العازلة إذ أن إقامة حاجز بشري قوي على الجسر الذي يربط أوروبا بالعالم القديم ويربطهما معا بالبحر المتوسط بحيث يشكل من هذه المنطقة، وعلى مقربة من قناة السويس قوة عدوة لشعب المنطقة، وصديقة للدول الأوروبية ومصالحها هو التنفيذ العملي العاجل للوسائل والسبل المقترحة".
وقد كان من الوسائل والسبل أيضا: "العمل على إيجاد التفكيك والتجزئة والانقسام وإنشاء دويلات مصطنعة تابعة لتلك الدول وخاضعة لسيطرتها وأوصى التقرير بشكل خاص على محاربة اتحاد هذه الجماهير العربية أو ارتباطها بأي نوع من أنواع الاتحاد الفكري أو الروحي أو التاريخي وبضرورة إيجاد الوسائل العلمية القوية لفصلها عن بعضها بعض ما استطاع الاستعمار إلى ذلك سبيلا".
وأخيراً صدر وعد بلفور في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 1917، ليجسد التحالف اليهودي – الصليبي واقعاً في فلسطين وتحويلها إلى وطن لليهود، لتكون راس الحربة للصهيونية واليهودية العالمية والغرب العلماني في كل شيء الصليبي مع المسلمين!
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى