حِكْمَةُ الختان بين الرجل والمرأة في الطب والتشريع

الختان : circumcision

التعريف:
هو قطع القلفة عند الذكر ويسمى "إعْذاراً " ،
أو قطع جزء من الشفرين عند الأنثى ويسمى في هذه الحالة "خَفْضاً " .

قبل طرح الموضوع يجب طرح مفاهيم أساسية يجب أن تكون أرضية للقارئ لكي يتم فهم الموضوع من جميع جوانبه .

أولاً : نظرة تشريحية :

إنَّ أعضاء الفرج الظاهرة عند الذكر والأنثى في الأصل الجنيني متماثلة .
أ‌- الحشفة عند الذكر (رأس القضيب) وما يغطيها من جلدة منثنية عليها لها مقابل عند الأنثى هي البظر وما يغطيه من جلدة منثنية من التقاء الشفرين الصغيرين .
ب‌- الجسمان الكهفيان اللذان ينتعظان بامتلاء الدم فيهما(عند الذكر) يقابلهما عند الأنثى الشفران الصغيران وهما العضوان الناعظان مع البظر عند المرأة .
وهذه الأعضاء هامة جداً في اكتساب النشوة أثناء العمل الجنسي وخاصة الحشفة ورأس البظر عند الجنسين . ولذلك فإنَّ قطع هذين العضوين جريمة بحق النفس الإنسانية ومتطلباتها.

ثانياً : مفاهيم عامة وتاريخية

1- الخِتان عملية تجرى قبل الإسلام ، وكان أول من اختتن سيدنا وجدنا ابراهيم عليه السلام وورد أنه اختتن بالقدوم .
2- الأصل في الختان إزالة القُلْفَة (الجلدة المحيطة بالحشفة) ، فهي ذات غشاء مخاطي مفرز للمخاط بقصد تطرية الحشفة ، ولكنها تجمع بقايا البول والأوساخ في ثنيتها العميقة بشكل مادة بيضاء تسمى اللخَنُ . وهي مزيج من البول والعوالق .. وقد تبين أنها ترفع نسبة الإصابات بالسرطان لما تحتوي عليه من مواد مخرشة .
3- إنَّ بتر الأعضاء محرم في الإسلام ما لم يكن لضرورة مؤكدة في صالح الإنسان كاستئصال اللوزتين إذا صار بقاؤهما مضراً بالصحة.
4- ختان المرأة بالطريقة الفرعونية (إزالة جميع الأعضاء الظاهرة للمرأة والإبقاء علة فتحة صغيرة لسيلان البول والحيض) عادة تجرى في السودان والمناطق المجاورة وهي عادة ورثت منذ عهد الفراعنة ولا علاقة للدين بها .
5- قد يولد الذكر بلا قلفة ، أي مختون خلقة ، ونبينا عليه الصلاة والسلام من هذا النوع كما ورد في الأثر ، ولم يؤثر بأن النبي عليه الصلاة والسلام قد اختتن لأنه مختون ربانياً .
6- قد يكون غلاف بظر المرأة وشفراها الصغيران كبيرين جداً قد تصل إلى حد إعاقة العمل الجنسي السليم . وذلك في بعض المناطق الحارة من العالم ، وبحسب الوراثة أو البنية الهرمونية .. وبالمقابل فهناك عروق تورث صغر البظر وغلافه أي هي بحكم المكرمة المخفضة ربانياً .
7- أقرت الشريعة الإسلامية ختان الذكر الأقلف لما فيه من فوائد صحية ونظافة مؤكدة . وأما الذي يلد بلا قلفة فلا ختان عليه .
8- اعتبرت الشريعة ختان المرأة مكرمة لها إذا كانت ترث أعضاء معيقة لعلاقتها مع زوجها .

تفصيل حكم الختان في المذاهب :

عند الحنفية والمالكية سنة للرجل مكرمة للمرأة استناداً للحديث الشريف :
" الختان سنة في الرجال مكرمة في النساء " .
عند الشافعية واجب على الذكر والأنثى .
وأما الحنابلة فقد اعتبروه واجباً على الذكر مكرمة للأنثى استناداً للحديث الشريف : " أَشِمِّي ولا تَنْهَكي" أي اقطعي جزءاً يسيراً ولا تزيدي على ذلك .مما يدل على أن الأمر للكرامة بقطع الزائد فقط .
ولدراسة أمر الحقائق الطبية في الختان أبينه مستقلاً بحسب الجنس :

1- الختان عند الذكور (الإعذار)

أفضل وقت لتنفيذه هو الشهر الأول بعد الولادة حيث تكون القلفة حرة الحركة على
الحشفة ، ويكون عزلها وقطعها أفضل تقنياً ، كما إنّ الجرح في هذه السن سريع الاندمال ونادراً ما يتقيح مالم يكن هناك اضطراب مناعي خلقي عند الطفل . ويجب التأكد من عدم وجود مرض نزفي دموي في العائلة كالناعور لأخذ الاحتياطات المناسبة .
ويستحب أن يكون الختان في اليوم السابع من الولادة إذا كان عضو الطفل مناسباً لذلك ، فإن كان صغيراً جداً أو غائراً بسبب بدانة الطفل فيؤجل الختان حتى يحين الوقت المناسب .ويفضل أن يكون التنفيذ في يوم من مضاعفات السبعة بالنسبة ليوم الولادة ( 7 - 14 - 21 ...) ليكون مقارباً قدر الإمكان للسنة النبوية .وخلال فترة التأجيل يجب أن تهتم الأم بنظافة عضو الطفل وتحريك القلفة على الحشفة باستمرار بـإرجاعها للخلف وإعادتها لكي لا تلتصق بها عند حدوث الالتهابات فتعيق الختان الناجح .
نادراً ما يحتاج الطفل إلى التأجيل أكثر من ثلاثة أشهر ، وتبقى هذه الفترة جيدة النتائج لسرعة اندمال الجرح وقلة حركة الطفل الذي يُـلَفُّ غالباً بالمهاد خلال هذه الفترة . ثم تزداد الحركة بعد الشهر الخامس لذلك يفضل بعض الجراحين تأخير الختان حتى يعي الطفل ( إذا لم يجر له الختان قبل هذه السن ) لكي لا يَرُضَّ نفسه . ويجب التنبه إلى عدم تنفيذ الختان إلاّ بيد خبيرة خصوصاً عند الأطفال ، وأما الكبار فلا يجرى عادة إلاّ بيد الجراح المختص في المشافي .
هناك بعض الأطفال يولدون بقلفة ناقصة التشكل لا تغطي الحشفة وقد لا تحتاج للعمل الجراحي وهو ما يدعى عند العامة بالختان الولادي الرباني .

الختان عند الإناث : ( الخفض )

تشريحياً يختلف حجم البظر والشفرين الصغيرين عند الإناث في المناطق الباردة وخصوصاً في العرق الأبيض (والعرب منهم) عمّا هو عليه في المناطق الحارة وخصوصاً في العرق الأسود فيكون صغيراً في المجموعة الأولى لا يحتاج للختان (الخفض) فهو بحكم الختان الطبيعي عند الذكور ، وكبيراً في المجموعة الثانية قد يصل إلى درجة تعيق العمل الجنسي أو تسبب الهياج المستمر للمرأة مما يؤدي إلى إنهاكها عصبياً وجسمياً وعندئذ لابد من الختان كمكرمة للمرأة يريح أعصابها ويكون أحظى لزوجها ، كما أشارت إليه الأحاديث الشريفة ، ويجرى الآن كعملية تجميلية .ولقد علَّم النبي صلى الله عليه وسلم من يَـقُمْنَ بهذا العمل عند النساء بألاّ يتجاوزن في القطع كثيراً بحيث يضر المرأة ويحرمها حقها من زوجها فقال :
"يا أم عطية إذا خفضت فلا تنهكي فإنه أحظى للزوج وأسرى للزوجة "( في كنز العمال برقم 17451 . وفي رواية أخرى برقم 17453 " إذا خفضت فأشمي ولا تنهكي فإنه أحسن للوجه وأرضى للزوج .")
الختان الفرعوني :
يجرى في بعض مناطق السودان وما حولها ، ويقوم على أساس قطع الشفرين الصغيرين والبظر وجزء كبير من الشفرين الكبيرين مع سد الفرج نهاياً بالجلد والإبقاء على فتحة صغيرة لتمرير البول ودم الحيض ، وكثيراً ما تحتاج المرأة عند الولادة إلى إعادة شق مكان الخياطة . وفي هذا العمل حرمان المرأة من حقها في المتعة الزوجية ، وتعذيبها في عمليات الولادة بإعادة الشق ..
وهذا في الواقع من أشنع ما قرأت عنه بحق المرأة والجناية عليها بقطع أعضائها التناسلية المهة في حياتها الجنسية .


هل يؤثر الختان على الشهوة الجنسية ؟ :

لا يُـؤَثِّر الختان على شهوة المرأة إذا أُجرِيَ بشكل صحيح ووفق استطبابه ، وإنما شرع ليكون أحظى للمرأة والرجل حيث يقطع الزائد الذي يعيق قضاء الوطر . فضلاً عن أنَّ بعض النسوة تختلف عن البعض الآخر في مناطق الاستثارة والإشباع الجنسي وقد تكون لديهن في غير منطقة الختان .
وأما عند الرجل فلا يؤثر إطلاقاً لأنه لا علاقة للقلفة المستأصلة باستثارة الشهوة عند الرجل . وعلى العكس فإن للختان فوائد صحية عظيمة ثبتت بالدراسات الطبية الحديثة وأهمها الوقاية من سرطانات الحشفة والقلفة حيث تبين أن المسلمين هم أقل الناس إصابة بهذه السرطانات .
فإزالة القلفة تمنع تراكم الأقذار بينها وبين الحشفة فتكون هذه المنطقة نظيفة وجافة باستمرار . وبذلك نتلافى التخريشات الكيماوية المحرضة للتسرطن .
وأخيراً لابد من تذكير الأهل بأنَّ عمليات الختان أصبحت سهلة جداً في الوقت الحاضر وتنوعت طرق إجرائها ، فقد أنتجت بعض المصانع قوالب خاصة لإجراء الختان على مبدأ قطع الدم عن القلفة فتتموت وتنطرح خلال سبعة أيام أو عشرة ( تشبه حالة ربط حبل السرر بعد الولادة ) .
كما أنتجت أدوات حادة مزودة بمخثر كهربائي بحيث تتخثر الأوعية مباشرة عند قطع القلفة فلا يحدث أي نزف .
عن كتاب المرشد الفقهي في الطب – للدكتور ضياء الدين الجماس/إصدار مركز نور الشام للكتاب
وللمزيد راجع كتاب دراسات طبية فقهية معاصرة للمؤلف نفسه ومركز النشر نفسه .