توفيق أمين زيّاد (7 أيار 1929 - 5 تموز 1994)، شاعر وكاتب سياسي فلسطيني من مدينة الناصرة
==========================
= يعد من أقوى شعراء الأرض المحتلة فناً وتجربة, وتتضح في شعره الفكرة العميقة والكلمة الجريئة النافذة, يبوح شعره بعاطفة الحب للوطن المحتل متشحة بنوايا مخلصة, وهو ينظر إلى حركة التاريخ نظرة الفلاسفة الذين يدرسون التطور التاريخي فيقول:
لا بد للمحنة من أن تصل إلى ذروتها ثم تبدأ بالنزول إلى الحضيض, وينتهي إلى نتيجة وهي أنه لا بد للباطل أن يزول, فيقول:
عملاق هو هذا العصر
الباني الهدام
فليصنع ما شاء الأقزام
فالغد آت يحمل للطغيان
للعلق البشري ورأس المال
الحبل المجدول وحكم الإعدام..
ونرى أنه من أكثر شعراء الأرض المحتلة توفيقاً من حيث النهاية السعيدة المشرقة بالتفاؤل في القصيدة, فقليلا ًما نجده يشكو ومعظم قصائده تنتهي بنهاية سعيدة, ولعله أخذها من المدرسة الواقعة الاشتراكية وأثر ناظم حكمت ومايكوفسكي في شعره واضح. وتعد قصيدته هنا باقون –1965– من أجمل ما قيل في موضوع التشبث بالأرض ورفض الانسحاب من فلسطين, وكأن كلماتها صخور جرفها سيل عارم فأقبلت تهوي غاضبةً ثائرةً متفجرة في نبرة خطابية مباشرة يواكبها عنصر جمالي من عناصر التصوير الفني الحسي والمعنوي وفيها يقول:
كأننا عشرون مستحيل
في اللد والرملة والجليل
هنا.. على صدوركم باقون كالجدار
وفي حلوقكم
كقطعة الزجاج.. كالصبار
وفي عيونكم
زوبعة من نار
نجوع.. نعرى.. نتحدى
ننشد الأشعار
ونملأ السجون كبرياء
ونصنع الأطفال.. جيلاً ثائراً.. وراء جيل
إنّا هنا باقون
فلتشربوا البحرا
نحرس ظل التين والزيتون
ونزرع الأفكار كالخمير في العجين
برودة الجليد في أعصابنا
وفي قلوبنا جهنم الحمرا
إذا عطشنا نعصر الصخرا
ونأكل التراب إن جعنا.. ولا نرحل..
وبالدم الذكي لا نبخل..
هنا.. لنا ماض.. وحاضر.. ومستقبل
وهكذا نرى شعر توفيق زياد مليئاً بالحنين للوطن مليئاً بالتشبث بالأرض ورموزها ومليئاً بالتحدي للعدو.
ونحن نعيش أيام الانتفاضة المباركة نرى شعره متمثلاً بالأطفال التي تعتصر الصخرة وتحمل الحجارة, نرى شعره متمثلاً بالمجاهدين الذين ينسفون أنفسهم مدمرين عدوهم يملئون قلوبهم رعباً, إنها فلسطين الأرض المباركة التي لا تنبت إلا الأبطال الذين رفعوا رأس كل العرب وجعلونا نناطح السحاب فخراً وعزاً بأعمالهم.
--------------------------------------------
قسم من دراسة نشرتها من سنوات بعنوان - شعراء الأرض المحتلة -