قصيدة توثيقية / كتبت في ذكرى النكبة )
قوموا اسْمَعوا مِنْ كُلِّ ناحِيَةٍ يَصيحُ دَمُ الشَّهيدْ
قوموا انْظُروا الْوَطَنَ الذَّبيحَ مِنَ الْوَرِيدِ إِلَى الْوَريدْ }( 1 )
هذا حَديثُ الرَّاحِلينَ إِلَى مُعانَقَةِ الْخُلودْ
فَاسْمَعْ هُتافَ الصَّابِرينَ عَلَى الْمَقامِعِ وَالْبَرودْ
وَاكْتُبْ نَشيدَ الصَّامِدينَ بِرَغْمِ تَكْسيرِ الزُّنودْ
وَانْظُرْ ضِياءَ الطَّالِعينَ بِلَيْلِنا الدَّاجِي الشَّديدْ
*********
سِتُّونَ مَرَّتْ يا بِلادي وَالشَّهيدُ يَلِي الشَّهيدْ
سِتُّونَ مَرَّتْ يا فِلَسْطينُ الأَسيرَةُ فِي الْقُيودْ
سِتُّونَ مَرَّتْ وَالَّليالِي الْجاثِماتُ بِلا حُدودْ
سِتُّونَ مَرَّتْ وَالصَّباحُ مُقَيَّدٌ خَلْفَ السُّدودْ
سِتُّونَ مَرَّتْ فِي الْمَحافِلِ وَالْقُضاةُ هُمُ الشُّهودْ
سِتُّونَ مَرَّتْ فِي نِقاشاتِ الْوُفودِ مَعَ الْوُفودْ
سِتُّونَ مَرَّتْ بِالْقَضِيَّةِ وَالْحُشودُ هِيَ الْحُشودْ
سِتُّونَ لَمْ تَرُقِ الْمَدامِعُ رَغْمَ أَكْداسِ الْوُعودْ
اللهُ أَكْبَرُ كَمْ تُقَتِّلُنا الْحَضارَةُ كَيْ نَبيدْ
جازَ الصُّعودَ دَمُ الشَّهيدِ فَلَيْسَ يُدْرِكُهُ الصُّعودْ
اللهُ أَكْبَرُ يا دَمَ الشُّهَداءِ يُلْغِي كُلَّ عيدْ
************
سِتُّونَ مَرَّتْ يا جَليلُ وَأَنْتَ فِي زَرَدِ الْحَديدْ
سِتُّونَ مَرَّتْ يا جَليلُ وَلَمْ تَذُقْ غَفْوَ الْمُهودْ
سِتُّونَ مَرَّتْ يا جَليلُ وَأَنْتَ تَنْظُرُ لِلْبَعيدْ
تَدْعو بَنيكَ الْحامِلينَ هَواكَ دَمْعَتُكَ الْعَنودْ
تَرْنو لِفَجْرِكَ مُنْذُ غادَرَ عَلَّهُ يَوْمًا يَعودْ
سِتُّونَ مَرَّتْ وَالْمُثَلَّثُ قِصَّةُ النَّقَبِ الطَّريدْ
سِتُّونَ مَرَّتْ يا مُثَلَّثُ وَالْجَرادُ عَلَى الْجُرودْ
يَغْزو مُروجَكَ فِي الْمَساءِ وَفِي الصَّباحِ تَلوحُ بِيدْ
سِتُّونَ مَرَّتْ حالُنا مِنْ حالِكَ الْقَلِقِ الْجَهيدْ
سِتُّونَ مَرَّتْ وَالْمَناكِبُ صَهْوَةٌ لِبَنِي الْقُرودْ
سِتُّونَ مَرَّتْ وَالْجَنوبُ مُحاصَرٌ بِاسْمِ " الْجَديدْ " ( 2 )
سِتُّونَ يا نَقَبَ الأَحِبَّةِ خَطْوُها خَطْوُ الْبَليدْ
وَدَقائِقُ السَّاعاتِ أَعْوامٌ ثِقالٌ بَلْ تَزيدْ
سِتُّونَ مَرَّتْ وَالْحَصادُ وُجودُكُمْ دونَ الْحَصيدْ
***********
سِتُّونَ مَرَّتْ وَالْخِيامُ مِنَ الثُّقوبِ تَرى الْوُجودْ
تَمْشِي بِها شَمْسُ الْخَليقَةِ وَالسُّؤالُ مَتَى نَعودْ
يَرْقَى لَها نَتَنُ الزَّقاقِ وَكَمْ تَعَرْبَشَ لِلْخُدودْ
وَتَصُدُّها زُرْقُ الذُّبابِ تَسيلُ عَنْ جُرْدٍ طُرودْ
سِتُّونَ مَرَّتْ وَالْحَياةُ نَباتُها عَفَنُ وَدودْ
سِتُّونَ مَرَّتْ وَالْحَديثُ رِضَى الزَّعِيمِ وَما يُريدْ
وَاسْأَلْ دِمَشْقَ وَسَلْ كَذا عَمَّانَ أَوْ بَلَدَ الرَّشيدْ
لا تَنْسَ تونُسَ وَالرِّباطَ كَذلِكَ الْيَمَنَ السَّعيدْ
وَكَذاكَ قاهِرَةَ الْمُعِزِّ مَعَ الإِمارَةِ وَالْعَقيدْ
وَاسْأَلْ مَنافِي الأَرْضِ ما حالُ الْفِلَسْطِينِي الشَّريدْ
مُنْذُ ابْتَدا صُبْحُ الرَّحيلِ عَنِ الْبِلادِ ثَرى الْجُدودْ
لِلَّيْلِ لِلْمَجْهولِ لِلْمَوْتِ الْمُكَشِّرِ فِي الْبُرودْ
لِلْغِيلِ لِلْغاباتِ تَفْتِكُ بِالْوَلودِ مَعَ الْوَليدْ
فِعْلَ السَّرابِ بِمُصْحِرٍ ظَمِئٍ يُجاهِدُ لِلْوُرودْ
حَتَّى إِذا قَطَعَ الْمَفازَةَ لاحَ مَنْهَلُهُ بَعيدْ
فَيَخِرُّ لِلْحَتْفِ الْمُشَرِّعِ شِدْقَهُ فَوْقَ الصَّعيدْ
**********
سِتُّونَ مَرَّتْ وَالنَّعِيُّ يَجيءُ فِي سودِ الطُّرودْ
يا شَعْبُ كَمْ غَدَروا انْبِعاثَكَ وَانْطِلاقَكَ وَالصُّمودْ
يا شَعْبُ كَمْ تُصْغِي لِمَنْ نَكَثوا مُقَدَّسَةَ الْعُهودْ
ما زِلْتَ تَأْمُلُ بِالْبِشارَةِ ما بَدا فَجْرٌ رَؤودْ
هذي فِلَسْطينُ الثُّغورِ هَدِيَّةً لِثُغورِ غيدْ
سِيقَتْ وَما أَدْراكَ بِالْمَلِكِ الْكَريِمِ وَما يَجودْ
سِيقَتْ وَما أَدْراكَ بِالْقَصْرِ الْمُكَدَّسِ بِالْقُدودْ
سِيقَتْ مُكَبَّلَةَ الْيَدَيْنِ لِحَتْفِها سَوْقَ الْعَبيدْ
سِيقَتْ وَما أَدْراكَ زَهْرُ الْمَوْتِ يَنْثُرُهُ الْجُنودْ
***********
سِتُّونَ مَرَّتْ وَالْكَلامُ عَلَى الْكَلامِ وَلا جَديدْ
سِتُّونَ مَرَّتْ وَالْمَجازِرُ شَعْبُنا فيها الْوَقودْ
نَسْتَصْرِخُ الْعَدْلَ الْمُؤَمَّمَ أَنْ يُناصِرَ أَوْ يَذودْ
نَسْتَصْرِخُ الْهَيْئاتِ فِي الأَبْراجِ نَنْتَظِرُ الرُّدودْ
نَسْتَصْرِخُ الْكَوْنَ الْمُحَدِّقَ فِي الْمَصيدَةِ وَالْمَصيدْ
نَسْتَصْرِخُ الإِنْسانَ مُعْتَنِقَ التَّحَرُّرِ لا " سَريدْ "
سِتُّونَ مَرَّتْ وَالدِّماءُ تَنِزُّ خالَطَها الصَّديدْ
سِتُّونَ قَدْ رَكَضَتْ بِنا حَتَّى تَقَطَّعَتِ الْكُبودْ
نَغْشَى الْعَواصِمَ سُجَّدًا حَتَّى اسْتَهانَ بِنا السُّجودْ
لَمْ نَجْنِ غَيْرَ جَنَى الْيَتيمِ أَتَى الَّلئيمَ أَبا الصُّدودْ
***********
سِتُّونَ مَرَّتْ وَالْخُطوبُ بِدارِنا لَيْسَتْ تَحيدْ
سَلْ " دَيْرَ ياسينٍ " تُجِبْكَ حِجارُها وَكَذا الرُّقودْ
كَيْفَ اسْتَفاقَ الأَهْلُ مَوْتَى وَالْمُدَجَّجُ بِالْوَصيدْ
يُصْغِي لأَنْفاسِ الصُّدورِ لِقَطْعِها الْقَطْعَ الأَكيدْ
يُصْغِي لأَنَّاتِ الْجَريِحِ مُعَجِّلاً بِيَدِ الْخُمودْ
يَدْنو لِمُثْقَلَةٍ تَحوطُ جَنينَها بِيَدٍ وَجِيدْ
فَيَشُقُّها وَكَذا الْجَنينَ يَشُقُّهُ الشَّقَّ الَّلدودْ
سِتُّونَ مَرَّتْ لَمْ نَزَلْ نَبْكِي الْفَقيدَةَ وَالْفَقيدْ
وَ " بِكَفْرِ قاسِمَ "- اُحْصُدوهُمْ - فَالدُّجى بَحْرٌ وَقيدْ
وَالْبَدْرُ قامَ يُبَدِّدُ الظُّلُماتِ كَيْ يَعْرى الرَّصيدْ
لِيَرى الأُلَى زَعَموا التَّنَوُّرَ نورَهُمْ لَيْلاً أَصيدْ
وَالْبَدْرُ خَرَّ يُسامِرُ الشُّهَداءِ أَشْعَرَ مِنْ لَبيدْ
لا تَنْسَ فِي " عَيْلوطَ " فِعْلَ الضَّبْعِ إِذْ ذُبِحَ الْعَديدْ
فِي الْحُرْشِ تَلْتَهِمُ الُّلحومَ كَأَنَّها قِطَعُ الثَّريدْ
وَسَلِ الْقُبورَ هُناكَ ما تَحْوي تُجِبْ : عَظْمًا جَريدْ
وَارْسِلْ عُيونَكَ صَوْبَ " شَجْرَتِنا " مُظَلِّلَةِ الْحَميدْ
"عَبْدِ الرَّحيِمِ" ( 3 ) وَقَدْ غَفا فِي حَقْلِ "ناجِي" ( 4 ) كَيْ يُجيدْ
شِعْرَ الشَّهادَةِ حامِلاً رُوحًا عَلَى كَفٍّ تَجودْ
"وَالْمَغْرِبِيِّ " ( 5 ) مُعانِقِ الاِقْدامِ مَفْخَرَةٍ نَجيدْ
يَلْقى الْعَدُوَّ كَعاصِفٍ مَرَّتْ مُخَلِّفَةً هَديدْ
وَاقْرَأْ بُطولاتِ الشِّهابِيِّينَ إِذْ طَلَعوا أُسودْ
نادَتْهُمُ فِي الْفَجْرِ "لُوبْيا" فَالثَّرى جُدُثٌ تَميدْ
وَ " بِعَيْلَبونَ " وَقَدْ تَخَضَّبَ قَلْبُها قَبْلَ الزُّنودْ
وَتَخَضَّبَتْ " عَرَبُ الْمَواسِي " وَالْخِضابُ دَمُ الشَّهيدْ
وَاسْتَفْزِزِ التَّاريِخَ يُخْرِجْ مِنْ خَفاياهُ الْمَزيدْ
"عَيْنُ الزَّتونِ " سُطورُها أَبَدِيَّةٌ لَيْسَتْ تَبيدْ
فِي الْوادِ بَيْنَ الشَّوْكِ خَرَّ الْمَوْتُ وَافْتَرَشَ الْخُدودْ
بِرَواسِمِ " الصَّفْصافِ " قِفْ وَسَلِ الثَّرى فَهْوَ الشَّهيدْ
ما زالَ يَذْكُرُ دونَ نِسْيانٍ تَقاطيعَ الْجُنودْ
رُبْدِ الْوُجوهِ قُلوبُهُمْ فاقَتْ صَلابَتُها الْحَديدْ
فِي "الْعَيْنِ" وَسْطَ الْماءِ راحَ الأَهْلُ مِنْ قَصْفٍ حَصيدْ
وَعَلَى " الْكُوَيْكاتِ " الْفَقيدَةِ لَمْ تَزَلْ قِطَعُ الْجَسيدْ
تَحْكِي إِلَى الأَجْيالِ مِيتَةَ مُبْدِعِي " جَفْرا " ( 6 ) الشَّرودْ
تَحْكِي إِلَى الأَجْيالَ قَبْضَ أَبِي رُغالَةَ لِلنُّقودْ
تَحْكِي إِلَى الأَجْيالِ ما نَسِيَ الْمُؤَرِّخُ أَنْ يَشيدْ
وَافْتَحْ كِتابَ الْمَوْتِ فِي صَفَحاتِهِ النَّبَأُ الْفَريدْ
أَنَّ الْبِلادَ تَجَرَّعَتْ سُمَّ الصِّلالِ مِنَ الْكَنودْ
فِي كُلِّ ناحِيَةٍ بَقايا مِنْ قُرًى كانَتْ وُرودْ
مَلأَتْ بِقاعَ الأَرْضِ بِالأَرَجِ الْمُطَيَّبِ وَالسُّعودْ
طافَتْ بِها أَيْدي النَّوائِبِ تَزْرَعُ الزَّمَنَ النَّكيدْ
وَارْكُضْ " لِشاتيلا وَصَبْرا " قَبْلَما يَطْغَى الْجَليدْ
وَيُغَلِّقُ الطُّرُقاتِ طوفانُ الَّليالِي وَالصُّرودْ
وَتُصابُ ذاكِرَةُ الْحَواضِرِ بِالتَّقَوْقُعِ وَالْجُمودْ
وَنَظُنُّ ما فَعَلَ الْغُزاةُ الرُّبْدُ وَهْمًا لا رَصيدْ
إِذْ ذاكَ نَنْسَى أَنَّنا يَوْمًا مَشَيْنا فِي الْعُقودْ
يا أَيُّها الشَّعْبُ الأَجَلُّ إِلامَ تُرْهِقُكَ الصَّعودْ
نَحَروا بَنيكَ بِحَضْرَةِ الدُّوَلِ الَّلقيطَةِ كَالْقَعودْ
فَدِماؤُهُمْ فَوْقَ الأَباطِحِ وَالْفَدافِدِ وَالنُّجودْ
تَرْنو إِلَى عَدْلِ السَّماءِ مِنَ التَّفَرْعُنِ وَالْجُحودْ
**********
يا أَيُّها الشَّعْبُ الأَجَلُّ مَتَى تُضيءُ عَلَى الْوُجودْ
وَمَتَى الصِّلالُ الْفاغِراتُ تُبيدُها مِنْكَ الرُّعودْ
آذَتْكَ فَاسْحَقْها جَميعًا لا تَذَرْ بيضًا وَسودْ
أَنْتَ الَّذي عَلَّمْتَ بَعْدَ اللهِ بِالْقَلَمِ السَّديدْ
أَنْتَ الَّذي كَحَّلْتَ جَفْنَ الدَّهْرِ بِالْفَجْرِ الرَّغيدْ
أَنْتَ الَّذي غازَلْتَ ثَغْرَ النُّورِ لا الطَّيْرُ الْغَريدْ
أَنْتَ الَّذي أَخْبَرْتَ ما الْعَلْياءُ ما الْمَجْدُ التَّليدْ
أَنْتَ الَّذي ... أَنْتَ الَّذي ... فَعَلامَ يَغْشاكَ الْهُجودْ
اَلْمَسْجِدُ الأَقْصَى حِماكَ وَفِي الْحِمَى سِيدٌ يَقودْ
باعَتْكَ يَعْرُبُ بِالنُّضارِ وَبِالْخُمورِ وَبِالنُّهودْ
باعَتْكَ يَعْرُبُ بِالْيَهودِ وَقيلَ مِنْ بَعْضِ الْهُنودْ
باعَتْكَ لا كانَتْ وَلا ارْتَفَعَتْ لِبائِعِكَ الْبُنودْ
يا أَيُّها الشَّعْبُ الْمُشَرِّشُ فِي الْفُؤادِ وَفِي الْوَريدْ
يَطْغى هَواكَ عَلَى الْهَوانِ فَلا تَهِنْ ، أَنْتَ الْمَجيدْ
أَنْتَ ابْتِداءُ الْقَوْلِ أَعْذَبُهُ وَما زاغَ الْقَصيدْ
أَنْتَ الْمَعارِجُ لِلُّحونِ وَأَنْتَ مُنْطَلَقُ النَّشيدْ
حاشاكَ تَهْوي عَنْ صُروحِكَ أَوْ يُصالِحَكَ الرُّكودْ
قَدْ سُدْتَ فِي الْماضِي الْمَدى فَرْدًا وَحَقُّكَ أَنْ تَسودْ
**********
ما كُنْتَ أَوَّلَ مَنْ يُشَمِّرُ لِلْحُقوقِ لِيَسْتَعيدْ
ما كُنْتَ أَوَّلَ مَنْ يُطالِبُ أَنْ تَكونَ لَهُ حُدودْ
ما كُنْتَ أَوَّلَ مَنْ يُجاهِدُ كَيْ يَعِزَّ لَهُ وُجودْ
حَقٌّ تُقَدِّسُهُ الشُّعوبُ ، أَلَسْتَ بِالشَّعْبِ الْمَجيدْ
ما كُنْتَ بِدْعًا فِي الشُّعوبِ وَلَسْتَ تَطْلُبُ مُلْكَ "مِيدْ " ( 7 )
فَاطْلِعْ شُموسَكَ فَالْفَضاءُ مَمالِكٌ حُفَّتْ بِصِيدْ
هَزَّتْ طَلائِعُها الْمَطالِعَ وَهْيَ طَوْعُكَ وَالْغُمودْ
وَانْهَضْ لِحَقِّكَ فَالسَّلاهِبُ ماثِلاتٌ وَالزُّرودْ
لا تَخْشَ قابِلَةَ الْفَناءِ بِشاطِئَيْكَ وَلا الْوَعيدْ
وَاحْذَرْ كَمَنْجاتِ السَّلامِ فَإِنَّها قَبْرٌ مَشيدْ
كَالْفَخِّ يُبْدي الطُّعْمَ تَحْسَبُهُ الطُّيورُ قِرًى وَجودْ
يَدْنو قَصيرُ الْعُمْرِ بادي الْجَهْلِ فِي خَطْوٍ وَئيدْ
هَزِجًا وَقَدْ بَصُرَ الْغِذاءَ ، وَحَتْفُهُ فيِما يَرودْ
يا أَيُّها الشَّعْبُ الْمُظَفَّرُ قَبْلَما خُلِقَتْ ثَمودْ
لا تَرْضَ بِالسِّلْمِ الْمُغَيِّبِ فَجْرَكَ الْعَبِقَ الْوُرودْ
لا تَرْضَ بِالسِّلْمِ الْمُحِلِّ الْقَتْلَ مِنْ غَيْرِ الْيَهودْ
وَانْقُضْ عُقودَ الْغاصِبينَ فَكُلُّهُمْ نَقَضوا الْعُقودْ
************
يا أَيُّها الشَّعْبُ الأَعَزُّ خُذِ الزِّمامَ مِنَ الْخَضيدْ
سِتُّونَ قَدْ مَرَّتْ عَلَيْكَ وَلَمْ تَنَلْ غَيْرَ الزَّهيدْ
سِتُّونَ قَدْ مَرَّتْ عَلَيْكَ وَلَمْ تُفارِقْكَ الصُّفودْ
سِتُّونَ قَدْ مَرَّتْ تَشُدُّ خُطاكَ أَشْطانُ الشُّرودْ
سِتُّونَ مَرَّتْ فَوْقَ ظَهْرِكَ طَعْنَةً تَفْري الْجُلودْ
سِتُّونَ مَرَّتْ وَالْفَراعِنُ طولَ قَهْرِكَ تَسْتَزيدْ
سِتُّونَ مَرَّتْ كُنْتَ عَبْدَ الْعَبْدِ خادِمَهُ الْمُريدْ
***********
ما لِلْمَساجِدِ وَالْكَنائِسِ عُرِّيَتْ بَعْدَ الْبُرودْ
تَبْكِي الْمَساجِدُ وَالْكَنائِسُ فَجْرَها الْعالِي الْقُدودْ
تَبْكِي الْمَساجِدُ وَالْكَنائِسُ عَسْفَ أَسْرَلَةٍ وَهودْ
تَبْكِي الْمَساجِدُ وَالْكَنائِسُ عَصْفَ أَرْبَدَ ذي صُلودْ
فِرْعَوْنُ وَالنَّمْرودُ لَوْ قِيسا بِهِ رَجَحَ الْمَريدْ
شَكَتِ الْمَساجِدُ وَالْكَنائِسُ أَقْرُدًا جُبِلَتْ أَديدْ
تَبْكِي الْمَساجِدُ وَالْكَنائِسُ مُنْقِذيها وَالْقُيودْ
يا دَمْعَ " إِقْرِثَ " مُذْ طَغَى التَّهْجيرُ تَنْزِفُهُ الْجُرودْ
قالوا سَنُرْجِعُ أَهْلَها ، حِبْرٌ مَحَتْهُ يَدُ الْبَريدْ
فَتَرى الْكَنيسَةَ فَوْقَ رَأْسِ التَّلِّ مِنْ غُصَصٍ تَجودْ
وَ " بِكَفْرِ بَرْعَمَ " أُخْتِها فِي الطَّرْدِ أَوْ تِلْكَ الْبُنودْ
لَمْ يَبْقَ فيها غَيْرُ آثارٍ تَنامُ عَلَى وُعودْ
وَتَصيحُ " سُحْماتا " إِلَيَّ بُنَيَّ فِي عُبِّي مَزيدْ
هَدَمَ الْعَساكِرُ جامِعِي وَكَنيسَتِي نَسَفُوا الْعُقودْ
وَحَفِظْتُ آياتِ الْبِلادِ وَآيَةَ الْقَسَمِ الْوَكيدْ
بِالتِّينِ وَالزَّيْتونِ يا وَلَدي ، فَمُقْسِمُها الْمَجيدْ
وَزَرَعْتُ فِي حَجَرِ الْكَنيسَةِ تينَةً فَعَسَى تَعودْ
وَزَرَعْتُ زَيْتونًا بِجانِبِ مَسْجِدي فَعَسَى الْعُهودْ
مِنْ بَعْدِ نِسْيانِي تُسَطِّرُ أَنَّنِي صُنْتُ الْعُهودْ
وَتُخَبِّرُ الأَهْلينَ أَنْ طالَ الْبُكاءُ عَلَى الْحُدودْ
************
تِلْكَ الْمَساجِدُ ساءَلَتْ يا جَبْهَةَ الشَّيْخِ الْقَعيدْ
أَيْنَ الأُلَى خَطَروا عَلَى السَّاحاتِ بِالْحُلُمِ الْعَتيدْ
أَيْنَ الأُلَى جَرُّوا الصَّباحَ لِبابِنا وَجَثا الْعَنيدْ
أَيْنَ الأُلَى رَكَزوا الْقِبابَ عَلَى السِّماكِ بِلا عَمودْ
أَيْنَ الأُلَى كانوا وَكُنَّا ، ثُمَّ لا خَبَرٌ يُفيدْ
اَلْمَسْجِدُ الْكَمِدُ الْمُقَيَّدُ صاحَ فِي سَمْعِ السُّجودْ
أَقْصاكُمُ أَنا كَيْفَ يُقْصونِي أَلا رَجُلٌ رَشيدْ
كُلُّ الْمَساجِدِ سائِلاتٌ حالَتِي بَعْدَ الْوَليدْ
كُلُّ الْمَساجِدِ باكِياتٌ فَجْرَ خالِدَ وَالرَّشيدْ
كُلُّ الْمَساجِدِ ساءَلَتْنِي ما لِلَيْلِكَ لا يَقيدْ
كانَتْ تَرى مِصْباحَ مِئْذَنَتِي يُضيءُ بِلا خُمودْ
وَالآنَ تُبْصِرُ ظُلْمَتِي وَظُلامَتِي دونَ الْعَديدْ
كُلُّ الْمَساجِدِ كُرِّمَتْ وَأَنا عَلَى كَرَمِي مَكيدْ
كُلُّ الْمَساجِدِ قُدِّسَتْ وَأَنا عَلَى قُدْسِي وَئيدْ
أَصْبَحْتُ كَالْعَبْدِ الذَّليلِ فَجُدْ بِغَوْثِكَ يا وَدودْ
***********
يا أَيُّها الشَّعْبُ الْمُهَجَّرُ فِي الزَّمانِ وَفِي الْجُدودْ
سَلَّمْتَ أَمْرَكَ لِلزَّعامَةِ وَهْيَ حِرْباءٌ حَرودْ
وَكَشَفْتَ سِرَّكَ لِلْمُلوكِ مَظَنَّةً تُزْجِي الْجَريدْ
فَأَتاكَ مِنْ قِبَلِ الْمُلوكِ الْغَدْرُ يَمْشِي كَالْخَريدْ
حَتَّى تَرَبَّعَ فِي الْمَنازِلِ ، أَسْفَرَ الْوَجْهَ الْكَديدْ
فَرَمَوْكَ رَمْيَةَ غادِرٍ ، وَحَماكَ رَبُّكَ لا الْعُقودْ
لَوْلا حَماكَ اللهُ لاقْتَلَعوكَ مِنْ زَمَنٍ بَعيدْ
لَوْلا حَماكَ اللهُ لاغْتَبَقوا دِماكَ مَدًى مَديدْ
لَوْلا حَماكَ اللهُ لاقْتَسَموكَ فِي سوقِ الْعَبيدْ
وَلَقَدْ أَرادوا ذاكَ وَانْتَدَبوا الْخَبيثَ مِنَ الرَّصيدْ
لكِنَّ رَبَّكَ كانَ بِالْمِرْصادِ لِلرَّصَدِ الْكَسيدْ
غِيظوا لِذلِكَ فَامْتَطُوا الْمَكْرَ الْمُجازَ مِنَ الْحَقودْ
فَإِذا السِّياسَةُ وَالنَّجاسَةُ عِمْلَةُ الزَّمَنِ النَّكيدْ
فَإِذا السِّياسَةُ لِلدَّخيلِ ثِمارُها شَهْدٌ وَديدْ
وَتَبَدَّلَتْ بِحُلوقِنا لِمَرارةٍ ، أَيْنَ الْهَبيدْ
أَقْصَتْكَ عَنْ مَرْعاكَ وَاغْتَصَبَتْهُ ، فَالْمَرْعَى صَلودْ
أَقْصَتْكَ عَنْ ماءِ الْحَياةِ ، وَقيلَ يَسْتَعْصِي الْوُرودْ
وَنُثِرْتَ فِي بِيدِ الرَّمادَةِ كَيْ يُوافيكَ الْهُمودْ
وَنُثِرْتَ فِي لَيْلِ الْمَنايا السُّودِ فِي أَشْداقِ سُودْ
نَثَرَتْكَ أَيْدي الْمارِقينَ وَأَنْتَ واسِطَةُ الْعُقودْ
نَثَرَتْكَ إِذْ جَهِلَتْكَ قَدْرًا لا اهْتَدَتْ نَهْجًا سَديدْ
نَثَرَتْكَ إِذْ أَنْتَ الَّلآلِئُ زَيَّنَتْ صَدْرَ الْوُجودْ
نَثَرَتْكَ يا شَجَرَ الْحَياةِ وَأَنْتَ ذو الطَّلْعِ النَّضيدْ
نَثَرَتْكَ فَانْتَثَرَ الْجَمالُ فَلا ارْتَقَوْا رُكْنًا وَطيدْ
نَثَرَتْكَ لا اجْتَمَعَتْ مَجالِسُهُمْ إِلَى الأَبَدِ الأَبيدْ
************
شَعْبِي حَمَلْتَ الْقُدْسَ لِلدُّنْيا فَرَدَّتْكَ الصَّيودْ
شَعْبِي حَمَلْتَ الْجُرْحَ عُمْرَكَ كاتِمًا أَلَمَ الْكُتودْ
وَرَجَعْتَ فِي " خُفَّيْ حُنَيْنٍ " لَمْ تَفُزْ حَتَّى بِيودْ
جُرِّعْتَ وَحْدَكَ غُصَّةَ الْمَأْساةِ وَالْمَرْقَى الْعَنودْ
وَوُقِيتَ ماحِقَةَ الْمَصارِعِ لَمْ تَنَلْكَ وَلَنْ تَبيدْ
شَعْبِي جِراحُكَ سَوْفَ تُشْفَى فَارْتَقِبْ فَجْرًا يَهيدْ
فَلَقَدْ صَبَرْتَ عَلَى النَّوائِبِ مُؤْمِنًا بِغَدٍ سَعيدْ
فَاسْمَعْ تَهاليلَ الْبَشائِرِ فِي الْحَفيدَةِ وَالْحَفيدْ
لَمْ يُلْهِهِمْ لَعِبُ الطُّفولَةِ عَنْ مُلاعَبَةِ الْبَرودْ
لَمْ يَسْمَعُوا إِلاَّ صَدى الأَجْدادِ تَعْزِفُهُ الأُبودْ
غَنُّوا الصَّدى خَلَعوا الرَّدى زَرَعوا الْمَدى غَدَكَ الْعَتيدْ
فَإِذا الْبَنادِقُ وَالْمَتارِسُ خامِداتٌ لا تَنودْ
حَجَرٌ يَطيرُ عَنِ الزُّنودِ إِلَى الْجُنودِ هُوَ الْوَقودْ
فَإِذا الْجُنودُ مِنَ الشِّهابِ كَلا وُجودٍ فِي الْوُجودْ
شَعْبِي فَدَيْتُكَ آنَ أَنْ يَسْتَيْقِظَ الْبَأْسُ الشَّديدْ
شَعْبِي فَدَيْتُكَ آنَ لِلْبُرْكانِ اِشْعالُ الْمُرودْ
فَاخْلَعْ سُباتَكَ لِلْمَسيرِ وَفَجِّرِ الَّليْلَ الْكَؤودْ
وَاسْرِجْ خُيولَ الْمَوْتِ تُقْصِ الْمَوْتَ بِالْمَوْتِ النَّجيدْ
شَعْبِي رُمِيتَ إِلَى الْمَهالِكِ فَارْمِ بِالْعَدَمِ الْمُبيدْ
لِتَرُدَّ أَلْوِيَةَ الظَّلامِ إِلَى الظَّلامِ وَتيهِ بِيدْ
لِيَعودَ اِشْراقُ الْحَياةِ إِلَى الْحَياةِ كَصُبْحِ عِيدْ
لِنَرى فِلَسْطينَ الْحَضارَةِ صَرْحَ عِزَّتِها تُعيدْ
وَنَرى فِلَسْطينَ الْحَضارَةِ تَرْتَقِي دَرَجَ الْخُلودْ
وَنَرى فِلَسْطينَ الْحَضارَةِ نَهْضَةَ الدُّنْيا تَقودْ
وَنَرى فِلَسْطينَ الْحَضارَةِ جَبْهَةَ الدُّنْيا تَسودْ
ــــــــــــــ
* القصيدة في الأصل كتبت في الذكرى الحمسين للنكبة ، وقد تم تبديل ( خمسون بـ ستون) ، وقد نشرت القصيدة في كتاب .
الاسماء بين الأقواس ، أسماء قرى ومواقع بعضها هدم وبعضها ما زال موجودا
1 ـ من شعر أبي سلمى
2 ـ المقصود بالجديد هو اليهودي القادم من اصقاع الارض ليأخذ مكاننا
3 ـ هو الشاعر الشهيد عبد الرحيم محمود ، الذي استشهد في قرية الشجرة عام 48 .
4 ـ هو الشهيد ناجي العلي رسام الكاريكاتير الشهير ، ابن قرية الشجرة
5 ـ قائد استشهد في معركة الشجرة ، وروى لي عمي أطال الله في عمره فقد كان رجل الاسعاف في تلك المعركة ، أنه سمع آخر كلام الشهيد محمود سليم الصالح " المغربي " حيث استشهد برصاصة بين عينيه وهو مقبل غير مدبر فخر ساجدا وكان آخر كلامه أن نطق الشهادتين ، وأصيب عمي وهو يحاول اسعافه .
6 ـ الجفرا ـ هي الاغنية الشعبية المشهورة ( جفرا ويا هالربع ) وهي أغنية فلسطينية مبدعها أحمد عزيز من قرية كويكات .
7 ـ ميديا كما في شاهنامة الفردوسي " تعريب مؤيد ابراهيم " .