اللهجة الديرية وأصولها في فصيح اللغـةمقدمةواضعو العربية وناطقوها الأُول وسّعوا علينا، بينما يضيّق علينا مثقفونا ودعاة ثقافتنا الفُرج، ويسدونها الواحدة تلو الأخرى إذا ما سمعوا أحدنا ينطق بكلمة دارجة في لهجتنا. فيتهموننا بعاميتها، وما ذلك إلا لكون آذانهم قد اعتادتها، حتى لنجد أنفسنا ضمن قوقعة محكمة لا تتيح التنفس حتى لأصحابها، ونجدهم في الوقت ذاته يتقولون ويدّعون أن لغتنا العربية كائن حي يتطور وتطور الإنسان والحياة، لتلبي حاجاته المتجددة.
لقد تناول بحثي اللهجة الديرية كما نطقت بها العرب، فأوردت بعضها كما جاء بها قرآننا العظيم، وبعضاً منها كما قالوه في أشعارهم، بينما وجدت ما تبقى منها مخزوناً في أمهات معاجمهم (كتاج العروس و لسان العرب والمحيط و الصحاح وغيرها).
فما وجدته في القرآن الكريم ثبتّه دون نقاش، لأنه لا جدال فيه. فهو مَنْ أعجز العرب يوماً في صميم بلاغتهم وفصاحتهم. وما لم أجده فيه، لم أشك في عروبته، فالقرآن لم يورد كل كلمات العرب، ولم يُنـزَّل لمثل هذا الدور، فهو ليس كتاب أدب خالص و لا عِلْمَ صرف، إذ وجدتُهم قد حفظوا ذلك في خزائن أدبهم شعراً ونثراً وأمثالاً وحكماً ووصايا.
وقد تطرقت فيه إلى فنون حرفية وصوتية أدت إلى تنوع العربية وشمولها كالقلب والاستنطاء والعنعنة والنحت وغيرها، وكانت الكشكشة قمة ما طرقت، كونها مست جوهراً أساسياً ميّز لهجتنا بل ووضعها على طريق الاستفهام.
وكان لفنونٍ أخرى في بحثي هذا نصيبٌ كالنحت النحوي الذي متى طبّقتُه فسأجد عبارات وكلمات كثيرة صحيحة فصيحة، في حين تبدو لسامعها للوهلة الأولى بعيدة عنهما.
http://syrbook.gov.sy/content/%D8%A7...BA%D9%80%D8%A9