مشكلة ضرب المرأة
مشكلة ضرب النساء هي مشكلة عالمية تعاني منها النساء في كل بقاع الدنيا.
ففي الغرب مثلاً يضرب الرجال النساء بشدة بحيث يتم كسرهن وقتلهن في أكثر الأحيان، وفي اسبانيا وحدها تموت أكثر من 500 امرأة من جراء الضرب كل عام، هذا ما تذكره جمعيات الإحصاء وما خفي أعظم ممن يمتن وهن مكتومات الأنفاس محبوسات البيوت.
ولكن الغربيين عندما يضربون النساء لا يقولون: إن دينهم هو الذي أمرهم بهذا، بل يعترفون بخطئهم.
أما نحن المسلمين فرغم أن الإسلام يحرم ضرب الحيوانات حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " دخلت امرأة النار في هرة حبستها" متفق عليه.
وحرم ضرب الحمار والبعير الذي جاءه يشتكي ظلم صاحبه.
وحينما خاصمته سيدتنا الفقيهة المجتهدة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، بسبب زيارته زينب بنت جحش رضي الله عنها، وشربه عسلها، فإنه آثر الاعتزال ولم يضرب ولم يسب ولم يشتم، ولو كان الضرب مشروعاً لكان الرسول أول من طبقه على زوجاته، فهذا تعليم للأمة في كيفية التعامل مع النساء.
وسيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عندما شرح كيفية الضرب قال: هاه وهاه بالسواك.
وفي الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم حينما أغضبته إحدى الجواري وقال لها" لولا القصاص يوم القيامة لأوجعتك بهذا السواك" كان في يده السواك. يستاك به.
إن ضرب الزوجة أو إهانتها أمر لا يليق بمسلم يعرف أوليات دينه، ويعلم أنه راع ومسئول عن رعيته، وهو خطأ ديني وخلقي وتربوي لا ينتج إلا الضرر على الفرد والأسرة والمجتمع.
فلا يجوز ضرب المرأة بحال، إلا في حالة أوجبتها الضرورة وهي " حالة النشوز" والتمرد على الرجل، وعصيان أمره فيما هو من حقوق الزوجية وهي ضرورة تقدر بقدرها.
وهو تأديب مؤقت رخص فيه القرآن بصفة استثنائية عندما تخفق الوسائل الأخرى من الوعظ والهجر في المضجع كما قال تعالى: ( وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ) سورة النساء 34.
وفي آخر الآية وعيد للرجال الذين يتطاولون على نسائهم المطيعات، فالله تعالى أعلى منهم وأكبر.
ورغم هذه الرخصة للضرورة فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" ولن يضرب خياركم" ومفهومه أن الذين يضربون نساءهم هم الأشرار والأراذل من الناس، ومن ذا يقبل أن يكون منهم؟.
فخيار الناس لا يضربون نساءهم، بل يعاملونهن باللطف والرقة وحسن الخلق. وخير مثال لذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال:" خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي" رواه الترمذي.
وقد عرف من سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه لم يضرب امرأة قط، بل لم يضرب خادمًا ولا دابة في حياته.
وقد استشنع عليه الصلاة والسلام من الرجل أن يضرب امرأته، فقال: " لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد، ثم يجامعها في آخر اليوم " رواه البخاري.
وعن معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: ما تقول في نسائنا؟ قال: أطعموهن مما تأكلون، واكسوهن مما تكتسون، ولا تضربوهن ولا تقبحوهن " رواه أبو داود.
وفي الحديث الصحيح أن عائشة رضي الله عنها ضربت يد الخادم فسقطت الصحفة فانفلقت، فجمع النبي صلى الله عليه وسلم فلق الصحفة ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة ويقول: "غارت أمكم" رواه البخاري.
وفي الحديث الآخر "أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل" رواه الترمذي.
فأين الضرب في أسرة النبي صلى الله عليه وسلم في حوادث لو فعلتها النساء في زماننا لتلونت أبدانهن من ضرب أزواجهن وإيذائهن.
وأخيراً: لا أجد أجمل من قوله تعالى: { وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} سورة النساء:19.