التجمع المدني الفلسطيني المستقل حالة فلسطينية جديدة
بقلم : أ . تحسين يحيى أبو عاصي – غزة فلسطين – ( 17 - 4 – 2011م )
--------------------------------------------
تقرير ورسالة
وراء كل فكرة على مدار التاريخ البشري رجل واحد ... وانطلاقا من المشكلات الصعبة المتراكمة ، السياسية والثقافية والاقتصادية ، والمجتمعية والتعليمية ، والصحية والحقوقية وحتى الدينية ،والتي وصلت بنا إلى أفق مسدود ، وعصفت بقضيتنا الفلسطينية ، بل بوعينا وبثقافتنا وبتاريخنا وحضارتنا ، بدأت مشاوراتي واتصالاتي بعدد من رجالات الحركة الفكرية في قطاع غزة ، من أجل ضرورة إيجاد حالة مدنية جديدة ، تنبثق عن الحراك الفكري والثقافي والسياسي الذي يجري بصمت في قطاع غزة ، والذي طالما تمنيت أن يتمخض عن مثل هذا الحراك شيء ملموس ، خاصة بعد الانقسام وانعكاساته الأفقية والرأسية ... فمن غير المقبول على المفكرين والمثقفين والأدباء والكتاب أن يتفاعلوا في صالوناتهم وندواتهم ولقاءاتهم من أجل الترف والتعارف وكسر الوقت فقط ، ومن الممنوع عليهم بحكم واجبهم الوطني والأخلاقي أن يعيشوا على هامش الحياة بدون أن يكون لهم الوزن والحراك الواضح ، شأنهم في ذلك شأن كل من يرتقب وقوع الحدث ، وكأننا جميعا نساق إلى حتفنا من حيث ندري أو لا ندري بدون حراك وبدون تأثير حقيقي ملموس يمنع أو على الأقل يخفف الأضرار الناتجة عما يحدق بنا من مخاطر كبيرة ، ويشعرنا بحقيقة انتمائنا لوطننا والذي يجب أن ندفع ضريبة هذا الانتماء ونحترق بناره ...
بدأت فعالياتي بعد إعلان قطع علاقتي بتجمع الشخصيات الفلسطينية المستقلة قبل حوالي ستة شهور ، وحاولت أن أنشر هذه الفكرة أو الحالة ، لعلي أنجح في إيجاد حالة جديدة ليس فقط في غزة ، بل وفي الضفة الغربية والشتات الفلسطيني ، بحيث تشمل جميع أبناء الشعب الفلسطيني ، خاصة تلك الفئات الصامتة المهمشة ، ولعلنا ننجح في المشاركة والتأثير على الخارطة الفلسطينية السياسية ، وذلك من خلال توجهنا المدني السلمي الإنساني ، فنعيد من جديد بناء الإنسان الفلسطيني ماديا ومعنويا ...
بدأ حراكي وحيدا بقوة ، وحمّلت نفسي ولا زلت ما لا أطيق ، على أمل أن تنجح هذه الفكرة – الحالة - ، متسلحا بإيماني العميق بأن هذه الحالة المنوي إنشائها سيقطف ثمارها أولادنا والأجيال من بعدنا ، معتمدا على الله أولا ، ثم على جهود جميع المخلصين من أبناء شعبنا ، وبادرت بالاتصال بعدد كبير من الشخصيات الفلسطينية المستقلة ، منهم وزراء سابقين ، ومدراء لوزارات سابقة ، ووقادة سابقين مشهورين في القوى الفلسطينية ، وأساتذة جامعات ، وأكاديميين ، وأطباء ، ومثقفين ، ورجال فكر ، ورجال دين ، ورجال أعمال ، ورجال المجتمع المدني ، ووجهاء ، وطلاب ، وصحفيين ، وحقوقيين ، ومهندسين ، ومدرسين ، وعمال ، وفلاحين ، بالإضافة إلى العنصر النسائي الهام .....
عرضت على كل واحد مهم الفكرة ، وبرفقتي صديقي الكريم محمد محمد ماضي ( أبو وديع ) ، الذي آمن بالفكرة إيمانا عميقا ، وجعل نفسه جنديا مجهولا من أجلها ، ثم صديقي الغالي الدكتور فؤاد حمادة ، والذي يعتبر من أشهر الشخصيات الفكرية والتحليلية في قطاع غزة ، ووضع بين أيدينا كل ما يملك من قدرات وإمكانيات من أجل هذه الحالة الجديدة ...
وقدمت لكل من قابلته من اجل الحالة بروشورا خاصا يتعلق في رؤية عمل التجمع المدني ، ودخلت مع كل واحد منهم في حوار ممتع عميق ، فلمست منهم تشجيعا ودعما وتأييدا منقطع النظير ، وأبدوا رغبة جوهرها الكيمياء المشتركة والعميقة ، إلى درجة مشاركتي هذا العبء الكبير الذي أقوم به ، فمنهم من نذر جل وقته فشاركني زيارتي الميدانية ، ومنهم من تبرع بمقر لنا ، ومنهم من فتح بيته لاستقبال أعدادنا ، ومنهم من جعل مؤسسته المدنية في خدمة مشروعنا ، ومنه من تبرّع بأجرة مقر ، ومنهم من رغب في تقديم اشتراك شهري أو سنوي ، ومنهم من فتح لنا صفحة في موقع الفيس بوك تحت اسم : التجمع المدني من أجل الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ، ومنهم من أعدّ لنا مجموعة عنكبوتية للتواصل ... لقد أجمعوا أن المناخ الآن مهيأ لفكرتنا وأن التربة صالحة لذلك ...
تجمعنا المدني الفلسطيني هو تجمع مستقل لم نعلن عن ولادته بعد ، وهو تجمع من أجل الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ، ولا زال في خطواته الأولى ، نحشد للفكرة ، ونستقطب من أجلها ، نلتقي ونتحاور ونتحابب ، نتزاور ونجتمع في بيوتنا ، ونبني نسيجا قويا وجميلا ... وسنتصل قريبا بإذن الله في حكومتي غزة ورام الله ، وبباقي قادة القوى والفصائل الفلسطينية ؛ لكي نضع بين أيديهم تصورنا ، عازمين على ألا نكون تحت عباءة أحد ، ندعو إلى المصالحة والوحدة والوفاق ، وإلى إعادة بناء ثقافة المواطن ، وتحقيق هويته الفلسطينية التي يجب أن تذوب في بوتقتها كل الو لاءات والانتماءات الأخرى ...
إننا في التجمع المدني مثلنا كمثل الذي يحفر بأظافره في الجبل بإرادة لن تهين ، فلم ننزل بالبروشوت من السماء لكي نحتل قمة الجبل ، ولم تصنعنا الكاميرات ولا الواسطة ولا أموال الغير ، بل الذي صنعنا وسيصنعنا أرحام المعاناة التي نكتوي بها ليلا ونهارا ، فوُلدنا منها وتذوقنا مرارتها ، وعمق رؤيتنا ، وإصرارنا على الاستمرار في مسيرتنا الطويلة الشاقة ، مدركين حجم الصعوبات التي ستواجهنا ، على أمل أن نكون الوجه المشرق لشعبنا أمام العالم كله ، من خلال حالة فلسطينية مدنية سلمية ، إنسانية حضارية ، أخلاقية واعية ... حالة جديدة تبني ثقافة جديدة ، لا مكان فيها للكراهية وشطب الآخر ، ثقافة نعرف من خلالها متى وكيف نقاوم ونبني ، ومتى نقول لا أو نعم ... وكيف نحافظ على كرامة الإنسان الفلسطيني ، وكيفية المطالبة بحقوقه وقيامه بواجباته ، ثقافة يتم من خلالها تنمية القدرات البشرية على مستوى الفرد والجماعة ماديا ومعنويا ، وتنمية الوعي من خلال التخطيط والترشيد والمشاورة ، والتعاون والمحبة والعمل التطوعي ... نسعى إلى أن نكون ناصحين ومرشدين لجميع المؤسسات الرسمية فنبني ولا نهدم .. ونحقق التقدم البشري بشكل اجتماعي سلمي عقلاني ، نتكامل عن طريق التنسيق والاستشارة والنصيحة ، ونجسد الديمقراطية بأسمى معانيها ، ونبني نسيجا متشابكا قويا من العلاقات بين التجمع المدني والدولة ، يقوم على التفاهم وتحمل المسئولية ومعرفة الحقوق والواجبات من خلال إقامة المؤسسات والهيئات والمراكز المدنية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والدينية والحقوقية ...
لقد حان وقت دق الخزان خاصة ، على ضوء الأزمات التي تشهدها الساحة الفلسطينية ، وعلى ضوء خطورة الوضع الراهن .
حان وقت العمل معاُ من أجل تحقيق برنامج المواطنة المنسجم مع المرحلة ، وتحقيق التغيير الملموس الذي نصبوا إليه .
حان الوقت لكي يقوم الشباب بدورهم ، ولكي يحققوا مستقبلهم ...
آن الأوان لكي ننطلق جميعا من رحم المعاناة ، ومن خلال شعورنا بالمسئولية الوطنية والأخلاقية والإنسانية تجاه شعبنا ، بشكل مدني ديمقراطي سلمي جديد ؛ من أجل كرامتنا وكرامة من بعدنا ...
آن الأوان لرفع قيم الحداثة ، من أجل بناء الدولة الحديثة ، وبناء الشخصية الفلسطينية ، واحترام الآخر ، والمساواة في كل شيء ،
آن الأوان ليكون كل فلسطيني جندي يخدم هذه الفكرة ، فكرة بناء مجتمع مدني حديث ، وبناء تيار كبير قوي غير حزبي ، مفتوح للجميع على أسس من الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ، فالمجتمع المدني في الدول الراقية يحضن مؤسسات الدولة لا يدمرها ؛ لأنها قامت على احترام آدمية الإنسان ، ولعلنا نستفيد من تجارب الشعوب ، ومن حركتها الآنية والسابقة والمستقبلية ، فنقارن بين أوضاعنا وأوضاع غيرنا ، بين ثقافتنا وثقافة الآخرين ، بين مجتمعاتنا ومجتمعات الأمم من حولنا ...
إن العمل المدني يعني بناء الدولة الحديثة ، ويعني الترابط والتكامل بين المجتمع المدني والدولة ، ونقيض ذلك هو حالة من الصراع الدموي ، والحكم الدكتاتوري الشمولي ، والقمع اليومي ...
إن دعوتنا في تشكيل حالة التجمع المدني تحمل رسالة العقلانية في كل شيء وتدعو إليها ، وإلى جعل الحوار أرضية لتحقيق المصالحة والوحدة واللحمة المجتمعية ، وتدعو إلى احترام الآخر وقبوله ، وإلى حماية الحقوق ، ومحاربة الفساد والقمع والتسلط ، ورفض التمييز ، وتغيير جميع صور الولاءات الحزبية والعشائرية ، والمناطقية والأيديولوجية إلى الولاء للوطن وللوطن فقط ... كما تدعو إلى عدم تهميش المواطن وإذلاله وهدر كرامته ، وإلى احترام البيئة ، ومحاربة الفقر والبطالة ، وإلى تشجيع الطاقات ، وإلى تعليم أبنائنا وعلاج مرضانا ، ورعاية الطفل وحمايته ، وحصوله على كامل حقوق طفولته المتعارف عليها عالميا ، و بناء الأم والأسرة ، ومكافحة الأمية والجهل والتخلف ، وتوفير فرص العمل للجميع ، والارتقاء بقدراتنا ، وتُشجع على السم المجتمعي بدلا من العنف ، وندعو إلى أن تأخذ المرأة دورها الريادي ، كأم وقائدة وعاملة ومثقفة وقاضية ومُشرّعة ، وعدم المساس بحقوقها المتساوية مع حقوق الرجل ...
إننا في التجمع المدني لسنا ضد أحد ، ندعو إلى الشفافية والمساواة والمحاسبة ، كما ندعو إلى الترشيد والتكامل والتعاون ، فعلاقتنا مع الحكومة يجب أن تكون علاقة تقارب وتعارض وتكامل وتشاور في آن واحد ، علاقة تشجيع وترشيد ، ومشاورة ونصائح ، علاقة توجيه ومساءلة ومحاسبة ، علاقة تبني ولا تهدم ... نتبنى خطاب التسامح ، وندعو إلى التنمية البشرية والمادية ، والتطور والتحرر من الأوهام ، وبناء مجتمع ديمقراطي ، وتوفير كافة أشكال الرعاية بمواصفات عالمية عالية ، وإقامة الأندية بجميع أشكالها ، والتنسيق مع الحكومة لإيجاد المشاريع الكبرى ، والتي نؤهل من خلالها الفرد والأسرة والمجتمع ، إلى التكيف مع الصعاب ، والارتقاء إلى مستوى التحديات الجسام ، التي تنتظرنا وتحيط بنا من كل حدب وصوب ، وذلك هو الأساس المتين لتحقيق أهدافنا الوطنية في النصر والتحرير ، وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف بإذن الله تعالى ...
ما سبق هو غيض من فيض ، يعكس طبيعة توجهنا المدني الجديد ، ورغبتنا في تجسيد حالة فلسطينية مدنية سلمية جديدة وعريضة ، نمهد لما بعدها بإذن الله تعالى ، بجهود جميع شرفاء شعبنا ، فلا فيتو على أي فلسطيني ، مع رفضنا لأي عنصر عسكري بسبب طبيعة توجهنا المدني ، ونرفض ازدواجية العمل الحزبي أو التنظيمي ، وأبوابنا مفتوحة للجميع ، وليس لدينا ما نخفيه عن احد ،ِ علما بأننا لا زلنا في طور الحشد والاستقطاب وجمع التأييد ، فكل عضو بيننا هو مؤسس حتى تاريخه ، ولم نوزع المهام لأي عضو حتى الآن ، ونعمل بروح الفريق الواحد ، مستفيدين من أخطاء من سبقنا .
تحكمنا قوانين ومواد النظام الداخلي والذي لا زلنا في طور إعداده ...