الحجاب تجسيد لمعاني الجمال الداخلي
المرأة مخلوق جميل ولطيف وناعم، كائن جياش بالمشاعر والأحاسيس المرهفة، لا يمكن لأي عاقل أن ينكر ذلك، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ”حبب إلي من الدنيا النساء والطيب، وجُعِلَ قرة عيني في الصلاة“ [النسائي، وأحمد]. وسنبين في هذا المقال أن الحجاب يزيد من التركيز على إنسانية المرآة.
حقيقة جمال المرأة
ليس جمال المرأة قاصراً على الجسد فحسب، ولكنه جمال في كل شيء، جمال المظهر، والعواطف، والمشاعر. فما أجمل التعبير النبوي حين وصفهن بـ ” القوارير “ تشبيهاً لهن بالزجاج في رقتهن، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، ومعه غلام أسود يقال له ” أنجشة “ يحدو (أي ينشد)، فصارت الإبل تسرع واهتزت الهوادج التي تحمل النساء، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” يَا أَنْجَشَةُ، رُوَيْدَكَ سَوْقاً بِالْقَوَارِيرِ “ [البخاري ومسلم]، خاف صلى الله عليه وسلم عليهن أن يفزعن.
إن جمال النساء يتعدى المظهر والعواطف والمشاعر إلى الاهتمامات والتطلعات أيضاً، فتجدهن أكثر اهتماماً من الرجال بالتفاصيل وفن النظام (يسمى اليوم الأتيكيت) ودقائق الأمور التي لا يمكن لأي عمل ناجح ومتكامل أن يستغني عنها. وها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر الصحابة بأن ينحروا إبلهم بعد صلح الحديبية، فلم يتحرك منهم أحد غماً وحزناً على ما وجدوا من الظلم في الصلح، وأملاً أن ينزل الله أمراً بقتال المشركين أو بنقض الصلح. أمرهم بذلك ثلاثاً ، فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة رضي الله عنها، فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة: يا نبي الله، أتحب ذلك، اخرج ثم لا تكلم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك. فخرج فلم يكلم أحداً منهم حتى فعل ذلك ، نحر بدنه ودعا حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضاً [البخاري]. اختلاف شكلي في الأسلوب كانت نتيجته حاسمة، كل ذلك بفضل رأي أم المؤمنين رضي الله عنها.
التفاوت في تذوق جمال المرأة
هذه هي نظرة الإسلام لجمال المرأة، نظرة شاملة ونافذة إلى الأعماق، جمال فكري وعاطفي وظاهري. أما الذباب وما أكثره فلا يتهافت إلا على الجمال الظاهري.
الناس يستلذون بأطايب الطعام، تأكل عيونهم من منظره المنسق وتأكل أنوفهم من رائحته الفواحة قبل أفواههم، ثم يأتي مذاق الطعام ليصدق ما رأته العين وما شمه الأنف، ليُختم ذلك كله بانتفاع الجسم من العناصر الغذائية لذلك الطعام.
أما الذباب الفضولي بطبعه فيتكوم على كل رائحة، لا يهمه إلا العبث، ولا يفرق بين ما يؤكل وما لا يؤكل . إنها مخلوقات استغلالية من الدرجة الأولى، تأخذ ما تريد ولا يهما بعد ذلك إن لوثت الطعام أو قتلت البشر بالجراثيم والأمراض المحملة معها.
الطعام الجامد له شكل ورائحة ومذاق وعناصر غذائية، فكيف بالمرأة التي هي مخلوق حي له مشاعر، وإنسان له عقل يفكر وأحاسيس ؟! فلماذا يحاول بعض الناس حصر دورها في شكلها ومظهرها الخارجي ؟!!
الفرق كبير بين الطعام والنساء ، لكن وجه التشابه كبير بين الذباب الاستغلالي الذي يتكوم على رائحة الطعام فقط ولا يهمه الشكل أو المذاق أو أي شيء آخر فيه ، وكذا الذباب الاستغلالي في المجتمعات الذي يتكوم على الجمال الظاهري للنساء ، ولا تهمه مشاعر المرأة أو تفكيرها أو أي شيء آخر فيها.