13/11/2016
تحيي حركة فتح الذكرى الثانية عشرة لرحيل الرئيس ياسر عرفات، ومنذ إغتياله شكلت لجان تحقيق ولجان تقصى حقائق داخلية وخارجية ولم تتوصل أي منها لنتائج حقيقية حول إغتيال الراحل لما يحمله من مكانه ورمزية فلسطينياً وعربياً، وفي كل عام تتكرر التصريحات وتنهال علينا كسيل جارف بالوعود والكشف عن حقيقة إغتياله.
مصطفى
هذا العام حمى التصريحات بلغت مداها والذكرى مختلفة عن الأعوام السابقة فهي تتزامن مع الإعلان والتحضير لعقد المؤتمر السابع لحركة فتح، والذي يأتي في ظل حالة فلسطينية وفتحاوية متردية وملتبسة وسباق حجز المقاعد في اللجنة المركزية والطموح على الوراثة والخلافة، وحتى وصل الأمر بالبعض من القادة الفتحاويين بالقطع مع ما سموه بعهد الأبوية البطريركية والمقصود عهد الراحل أبو عمار، وبالشطب والإقصاء لعضو اللجنة المركزية المفصول من الحركة محمد دحلان.
المختلف هذا العام هو تصريح أو الأصح إعتراف الرئيس محمود عباس الذي إعتقد أن تصريحه سيشكل مفاجأة للفلسطينيين حين قال إنه يعرف من قتل أبو عمار، وأن الشعب الفلسطيني سيفاجأ بالقاتل أو من خطط وشارك، الرئيس عباس وعد بأن إسم القاتل سيخرج قريباً عبر لجنة التحقيق التي تتقصى عن وفاة أبو عمار.
الرئيس عباس لم يفاجأ أحد ولم يحرك في الناس مشاعر صادقة بضرورة التحرك للضغط عليه وتشكل رأي عام كي يعلن بالفم الملآن عن إسم القاتل او الجناة ومن ساعدوا في القتل، فتقارير صحافية سابقة تحدثت عن معرفة الرئيس عباس بمن ساعد في إغتيال الراحل خليل الوزير أبو جهار في العام 1988، وفضل الصمت ولم يعلن عن الجناة، واليوم يقول أنه يعرف من قتل أبو عمار.
الحقيقة ان قيادة السلطة وفي مقدمتهم الرئيس عباس والأجهزة الأمنية وقادتها السابقون واللاحقون يعرفون أو لديهم ملامح ومؤشرات عن هوية القاتل والمستفيد من إنهاء حياته ومسيرته، إلا أنهم غير معنيين بل حريصون على إخقائها، وبعد إحدى عشرة عاما مضت وشكلت عديد لجان تقصى الحقائق ولجات التحقيق والتقارير الطبية الفرنسية والعربية ولم تكشف الحقيقة، فهذا غير معقول ومناف للحقيقة لمعرفة من القاتل او رسم ملامح عن هوية القاتل.
الفلسطينيون على قناعة بان قيادة السلطة تعلم أو لديها معلومات من قتل الراحل ابو عمار ومن المستحيل عليهم التصديق أن ملامح هوية القاتل ليس معلومة، ويدركون ان هناك تكتم على التحقيقات أو بعض المعلومات والتفاصيل، ومع كل ذكرى يقوم عدد من قادة السلطة وفتح بالتصريح بكلام خال من أي معلومات حقيقية عن التحقيقات وقرب الكشف عن بعض من خباياها.
إعتدادت حركة فتح القول أن الرئيس عباس لم يتنازل عن الثوابت كما اعتادت على القول بانها ستبقى تلاحق مجريات التحقيق في إغتيال ابو عمار ومرت عشر سنوات والتحقيق لم يفضي لشيئ غير التأكيد على أن إسرائيل هي من نفذت القتل. فالقول ان الرئيس لم يتنازل هو لا يحمل الناس جميل بذلك انما هو دوره ومطلوب منه ان لا يتنازل وهذا الحديث ينطبق على إعترافه بعلمه او معرفته من قتل ابو عمار.
الاسئلة تدور في عقل كل فلسطيني، منذ متى يعلم الرئيس وهل هو يعرف منذ عشر سنوات ولماذا صمت خلال العشر سنوات الماضية؟ أو هو يعرف وخائف؟ ولماذا يعلن الآن وفي خضم السجال الداخلي في الحركة والتنافس على الفوز بعضوية اللجنة المركزية لحركة فتح، أو هو توجيه إتهام لجهة داخلية أو إسرائيل أو لشخص بعينه في ظل الصراع على الإستئثار بالحركة؟
إعتراف الرئيس عباس لا يجب أن يمر هكذا من دون مساءلة وتشكيل رأي عام لمتابعة الملف لاستكمال المعلومات ومعرفة الحقيقة، كي لا يكون محطة بمناسبة عقد المؤتمر السابع للحركة، وإستغلال ذكرى ابو عمار لتحقيق مكاسب سياسية داخلية، فقضية إغتيال ابو عمار ليست مسألة فتحاوية ولا تعني الرئيس عباس وحده، انما هي قضية كل الفلسطينيين وحقهم معرفة القاتل والجناة، وأن تكون تعرف يعني ان تقول الحقيقة.