سير على خط رفيع/ مصطفى إبراهيم
24/12/2013
طالعتنا الاخبار ظهر يوم الاربعاء 24/12/2013، عن تمكن قناص فلسطيني من اصابة اسرائيلي بجراح خطيرة قتل على اثرها، الاسرائيلي يعمل لصالح الجيش الاسرائيلي على حدود غزة الشرقية لترميم السياج الحدودي من ما سببته عاصفة اليكسا التدميرية وكشفت هشاشتنا امام الطبيعة، وقدرتها على تعرية كل الحكومات بما فيها حكومة اسرائيل.
اسرائيل استطاعت التغلب على ما خلفته اليكسا وترميم غضبها، وعلى الرغم من تصريحات رئيس حكومتها نتنياهو بالرد العنيف والقاسي، إلا انها تحاول ضبط النفس في الرد على بعض اطلاقات القذائف الصاروخية من الفصائل الفلسطينية تجاه المدن الاسرائيلية، وبعض حوادث اطلاق النار كما حدث اليوم، فهي تسير على خط رفيع وتركز الان على جمع المعلومات الامنية والبحث في كيفية وسبل الرد على ما تسميه العمليات “الارهابية” التي يقوم بها الفلسطينيين من قطاع غزة.وعليه فهي تخشى ان تقوم برد غير متزن او غير محسوب، وتندلع المنطقة في حرب لا يرغبها العالم في ظل الاوضاع الدولية السائدة، سواء في سورية أو ما جرى من اتفاقيات وقعتها امريكا والغرب مع ايران، والمفاوضات الجارية مع السلطة الفلسطينية، فإسرائيل غير معنية بإحراج حلفاؤها وتظهر وكأنها من يعرقل ما تقوم به امريكا من جهود دولية في المنطقة العربية.اسرائيل تقول ان حركة حماس لا نوايا لديها بالتصعيد و تبذل جهوداً كبيرة في منع العمليات الفدائية من زرع العبوات وإطلاق النار والقذائف الصاروخية من داخل قطاع غزة، ومع ذلك تحملها المسؤولية عن كل ذلك.كما ان اسرائيل تدعي انها غير معنية بالتصعيد، لكنها تنظر بخطورة الى ما تسميه حرب استنزاف تقوم به الفصائل الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتنظر بخطورة الى تزايد العمليات العسكرية ضد قوات الجيش والمستوطنين، وانها لن تقبل في استمرار ذلك، وتصف النضال الشعبي المحدود في الضفة الغربية “بالإرهاب” وتعزوه الى احباط الفلسطينيين و سوء الاوضاع الداخلية في الضفة الغربية وقطاع غزة وتستبعد اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة.هذا ما تقوم به اسرائيل وهي تدرك انه في الوقت المناسب سوف تثأر وترد على كل ذلك بطريقتها وعدوانيتها المعهودة، وهي كما يقول بعض المسؤولين الامنيين فيها انها لن تسمح باستمرار هذا الوضع وستنتقم من أي شخص يحاول المساس بأمنها ومواطنيها.
المتابع للشأن الفلسطيني يستطيع ان يلاحظ استمرار القتل والانتهاكات الاسرائيلية بحق الفلسطينيين، فخلال الايام القليلة الماضية استشهد فلسطينيان في قطاع غزة بنيران الجيش الاسرائيلي، و يوميا يصاب فلسطينيين جراء الاعتداءات الاسرائيلية وإطلاق النار على المزارعين والصياديين ولم ترد أي من الفصائل الفلسطينية.في غزة لم يستيقظ الناس من اثار اليكسا، وما زالت مئات العائلات تعاني العجز وقلة الحيلة والخوف من العودة لمنازلهم الملطخة بالرائحة الكريهة والرطوبة والخوف من انهيار بعضها، والشكوى و عجز حكومة غزة عن تلبية متطلباتها الحياتية، وما قامت به من مناشدات فاشلة لإنقاذ غزة من ازمة كهرباء وعاصفة اليكسا، لم يستجيب اليها اخوة الدم وانتهت بمكرمة قطرية واستجابتها مشكورة واستعدادها بمد غزة بالوقود و بإصلاح ما سببته العاصفة .فأزمة كهرباء غزة هي ضمن ازمات كبيرة نعيشها يوميا في فلسطين وليست غزة وحدها، ولن نستطع التغلب على ازماتنا إلا بإنهاء الانقسام والخروج من حال التجريف السياسي الذي طال ولا يزال كل مناحي حياتنا بتفاصيلها الصغيرة والكبيرة.وكل ذلك عائد الى حال التيه وعجز القيادة الفلسطينية وعدم قدرتها على الخروج من المأزق الذي تضعنا فيه، و تمسكها برؤيتها السياسية التدميرية للقضية الفلسطينية وما تجره علينا من ويلات ومصائب ونحن نرزح تحت احتلال عنصري ويحاول الاستيلاء على ما تبقى من وطن سليب يعاني اصحابه التشرد والقتل اليومي وأرضه عرضه للنهب والتهويد، والحصار.نودع السنة ولا نزال نعيش صدماتها وأهوالها بما آل إليه حالنا في الأراضي المحتلة من استمرار الاحتلال وتنكره للحقوق الفلسطينية، وعدوانه المستمر والحصار المفروض على قطاع غزة، و القتل والاعتقال والتدمير وتهويد القدس والاستيطان، وتقطيع اوصال الضفة الغربية، و التهاون الخطير من المجتمع الدولي وصمته على الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان الفلسطيني.نحن من نسير على خط رفيع، وليس اسرائيل، نعيش حالة اللا استقرار و عدم رغبة طرفي الانقسام بتحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام وتضارب المصالح التي كانت وما زالت سببا في ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان وهي ضحية للانقسام السياسي، ولا سيما استمرار الاعتقال السياسي وإغلاق الجمعيات ومصادرة الحق في التجمع السلمي والاعتداء على الحريات العامة وفرض قيود ورقابة صارمة على وسائل الإعلام وحرية الرأي والتعبير واعتقال واستدعاء عدد من الصحافيين، وخوف كل طرف من الآخر.الشعوب العربية دفعت و تدفع فاتورة وثمن الحرية و الديمقراطية و حقوق الإنسان، ونحن ما زلنا ننتظر ربيعنا الفلسطيني، وحالنا كما هو، و السؤال الأهم الآن وفي ظل غياب الحديث عن المصالحة، وقرب التوصل الى اتفاق اطار بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل من سيحمي مستقبل القضية الفلسطينية و حقوق الإنسان الفلسطيني ونوايا اسرائيل العدوانية؟