الصحافة الالكترونية ودورها في إقامة المجتمع المدني العربي المعاصر
أ . د . إبراهيم خليل العلاف
مركز الدراسات الاقليمية -جامعة الموصل
ـ 1 ـ
ليس من شك في ان الصحافة ، ومنذ نشأتها تقوم بدور متميز في تيقظ الأفكار ، وتنمية الوعي السياسي والفكري ، وتوسيع قاعدة المثقفين .. هذا فضلا عن مشاركتها الفاعلة في تكوين رأي عام . والصحافة كما هو معروف وسيلة مهمة من وسائل الشعب للتعبير عن مطامحه واهتماماته . ولايمكن تصور بعض مظاهر النهوض الحضاري بدون فهم دور الصحافة ، وفوق هذا وذاك ومما تسطره من مقالات وما تنشره من آراء وافكار ، نستطيع تلمس آراء الناس ومعتقداتهم واتجاهاتهم وسلبيات واقعهم الاجتماعي والسياسي والثقافي . واية مراجعة لتاريخ الصحافة وتطورها عبر العصور ، تكشف لنا ان على صفحاتها انعكست كل تيارات المجتمع واتجاهاته السياسية والاجتماعية والثقافية ، ومن هنا جاء القول المعروف : (( ان الصحافة هي مرآة المجتمع)) .. وقد كان الرواد الاوائل للصحافة في الوطن العربي ومنهم احمد لطفي السيد (1872 ـ1963) ، يرون ان من اهداف الصحافة الرئيسية ((ارشاد الامة .. الى اسباب الرقي الصحيح والحض على الاخذ بها ، واخلاص النصح للحكومة والامة بتبيين ما هو خير واولى))، واذا كانت الصحافة الورقية قد قامت بمثل تلك الادوار فان الصحافة الالكترونية اليوم مطالبة بما هو اكثر من ذلك .
ـ 2 ـ
في ضوء الثورة المعلوماتية التي شهدها العالم قبل سنوات قليلة ، وما توفره الشبكة العالمية ( الانترنيت) (International Network) من خدمة اعلامية ومعرفية ، ومنها مثلا الصحافة الالكترونية ، فان المسؤولين عن الصحافة التقليدية (الورقية) ادركوا حجم التحدي الذي يواجهونه في مجال الزخم الاعلامي ، فالصحف العلمية والعربية الرئيسية ، وحتى غير الرئيسية ، اصبح لها مواقع ثابتة على الانترنيت . وصار بمقدور كل انسان وفي أي مكان .. وفي أي لحظة الدخول الى مواقعها وقراءتها والاستفادة منها .. ولم يعد المواطن ينتظر (24) ساعة او (12) ساعة ليقرا في الصباح او المساء جريدته المفضلة ، بل صار بامكانه ان يفتح جهازه ( الكومبيوتر) ، في البيت او الدائرة او المقهى ليقرأ الصحيفة التي يحبها وبأساليب مختلفة وبشكل الصفحة المكتوبة وعبر طريقة معروفة للقاريء ..
قال بيل غيتس مؤسس شركة مايكروسوفت في مقابلة مع ( صحيفة لوفيغارو) الفرنسية ونقلها الموقع الالكتروني WWW.alarabonline.org قبل فترة قصيرة انه ((خلال خمس سنوات سيقرأ 40% الى50% من الناس صحفهم على الانترنيت ، واعتبر ان نوعية المواقع الالكترونية ((امر اساسي)) بالنسبة الى الصحف ، واضاف قائلا : انه ((حفاظا على قرائها ، فان على الصحف ان تحسن مواقعها الالكترونية)) ، مشيرا الى ان نوعية الموقع الالكتروني باتت اساسية للمؤسسات الصحفية)) .وقال انه يلجأ الى الانترنيت للاطلاع على ((اكثر من نصف)) قراءاته للصحف ، وفي مقدمتها (وول ستريت جورنال) و( نيويورك تايمز) و ( ذي ايكونومست) . كما انه يقرا جميع الصحف المتعلقة بمجال المعلوماتية على الانترنيت .
وقد اكد كثير من قادة الاعلام ، ورؤساء تحرير الصحف المعروفة ، ان عليهم ، لكي يواكبوا التطور المعلوماتي ، ان يهتموا بشكل ومضمون صحفهم ، وان يحرصوا على تطوير مواقع صحفهم لكي تنال اعجاب القراء ولكي تنافس غيرها في الصحف ، ان كان ذلك على صعيد الخبر ، او على صعيد الرأي او المعلومة او ما شاكل ذلك .
ومن هنا ، فقد بات من واجب الصحفيين والاعلاميين عموما ، ان يطوروا انفسهم ، وان يتعلموا استخدام الكومبيوتر ، والاستفادة من الانترنيت في اقتناص ما يريدونه من اخبار ومعلومات . كما اصبح من الضروري ان نرى صحفيين متخصصين ، فليس من المعقول ان يكتب صحفي اليوم في كل شيء وعن أي شيء ، فلا بد من التخصص . لذلك بدأنا اليوم نسمع صيحات تدعو الى سن قانون اعلام عصري يأخذ بنظر الاعتبار ، كل نواقص القوانين المسماة في بعض البلدان ( قوانين المطبوعات) ، وان يعالج القانون ، قضايا الصحافة الالكترونية والاعلام المسموع المرئي .
والامر اليوم لم يعد مقتصرا على الصحف التقليدية اعني الورقية ، فلقد اصبح لها مواقع الكترونية كما ذكرنا آنفا .. الامر اليوم اصبح يتعلق بصدور صحف ومجلات الكترونية وحسب .
وحتى الان ما يزال مصطلح (الصحافة الالكترونية) التي تنشر على شبكة الانترنيت مستعص عن التعريف .. فالحضور العربي لايزال شحيحا ونسبة مساهمة العراقيين على سبيل المثال في تنمية وتطوير الصحافة الالكترونية ، ضعيفة ولكن مع هذا بدأ بعض اساتذتنا المتميزين في تحرير الصحف والمجلات الالكترونية ونضرب مثلا ، ما يقوم به كاتب هذه السطور حاليا واقصد تأليفه الموسوعة الموسومة : (( موسوعة المؤرخين العراقيين المعاصرين )) والتي تأخذ طريقها للنشر الكترونيا منذ سنة تقريبا وعبر مجلة العلوم الانسانية التي تصدر في هولندا وموقعها WWW.Uluminsania.net . ولدينا اليوم صحف الكترونية عربية منها صحيفة شباب مصر وهي اول جريدة الكترونية يومية مصرية . وقد تألف اتحاد عربي وعالمي لكتاب الانترنيت وللصحافة الالكترونية ، واخذ ( الصحفيون الالكترونيون) يتحدثون عن حقوقهم ، وما يترتب على الاخرين من واجبات ازاءهم ، ويتساءلون عن مواقف نقابات الصحفيين منهم ومنها حقوق ممارسة مهنة الصحافة ، وضمانات النزاهة ، وحماية حقوق القائمين عليها .
ان الصحافة الالكترونية ، اخذت تشق طريقها ، خاصة وانها سريعة التأثير . وقد اضحت ضمن اهتمامات القاريء اليومية ، فهي مصدر من مصادر الاخبار ، ومرجع لكل باحث عن معلومة وفي كافة دروب العلم والمعرفة ، والاهم من ذلك كله انها اصبحت قادرة على تهيئة الارضية المناسبة في العالم العربي للقيام بالاصلاحات والتمهيد لاقامة المجتمع الديموقراطي . ومما يساعد على ذلك ان الصحافة الالكترونية تستطيع تجاوز الحدود ، وتجاوز الرقابة . فضلا عن انها سريعة التأثير وان كان هذا التاثير اقل من سرعة البث الفضائي ( الستلايت) بقليل ، واسرع من الصحافة الورقية بكثير .. ولابد لنا هنا ان ننوه بالقمة العالمية لمجتمع المعلومات التي عقدت في اوائل سنة 2006 في تونس تحت اشراف الامم المتحدة ، والتي دعت الى ضرورة تقليص ما اسمته بـ( الفجوة الرقمية) بين بلدان الشمال الغنية وبلدان الجنوب الفقيرة ، ورفع الرقابة المفروضة على شبكة الانترنيت في عدد من البلدان النامية .. فيما نشرت على هامش هذه القمة . معلومات عن نسبة المستخدمين للشبكة العالمية والتي وصلت في بعض بلدان الشمال الى ان اكثر من 60% من السكان يستخدمون الانترنيت في حين قدرت هذه النسبة بـ(12%) في البرازيل و8% في الصين ، ويقينا انها في بلدي : العراق نسبة مخجلة وقد صرحت وزيرة الاتصالات العراقية الدكتورة جوان فؤاد معصوم لاذاعة سوا (الامريكية) يوم 25تشرين الثاني 2005 بان عدد المشتركين بشبكة الانترنيت لايتجاوز الان اكثر من 160,000 مائة وستين الف مشترك وهو رقم بسيط جدا .
اذن لابد من اللحاق بركب العلم والعالم المتقدم ، فاليوم اصبح من لايستخدم الكومبيوتر ، ولا يعرف الاستفادة من الانترنيت يعد بحكم الانسان الأمي .. ولكي نستخدم الانترنيت ونستفيد منه في اصدار صحف ومجلات الكترونية تساعدنا في بناء مجتمع ديموقراطي تعددي يؤمن بالانسان كقيمة عليا ويسعى من اجل الحرية والمساواة والعدالة لابد من ان ندعو كل المثقفين الى ان يسارعوا الى بذل الجهود للاستفادة من تقنيات ثورة المعلوماتية في تحقيق هدفهم السامي وهو الارتقاء بمستويات مواطنيهم السياسية والثقافية والفكرية والاجتماعية والاقتصادية . ومن الطبيعي ان يكون الصحفيون خاصة والاعلاميون عامة من اوائل الناس الذي ينبغي لهم ان يفهموا لغة العصر ، ويندمجوا في حياة التقنية الالكترونية سواء في تطوير الصحف التي يعملون بها او يتعاملون معها . والتساؤل الان كيف يمكن استخدام الصحافة الالكترونية في بناء المجتمع الديموقراطي ؟
ـ 3 ـ
لم يعد سرا أن المجتمع العربي أصبح اليوم بحاجة الاصلاح ، وللاسف فان قدر هذه المنطقة هو ان تبدأ صيحات الاصلاح من الخارج ، ولنا في ماحصل للدولة العثمانية اواخر القرن التاسع عشر اكبر مثل ؛ فالضغوط الاوربية دفعت آنذاك المسؤولين في تلك الدولة لاصدار سلسلة من المراسيم الاصلاحية ومنها ( خطي شريف كلخانه 1839) ، و ( خطي شريف همايون 1856) ، لكن ما اقدمت عليه الدولة العثمانية من اصلاحات جاء متأخرا ومترافقا مع حالة ضعف عسكري واداري واقتصادي ومن هنا تتاكد اهمية دعوات بعض القادة العرب لان يبدأ الاصلاح من الداخل ولفهم اهمية الاصلاح ، والدعوة الى اعادة البناء من جديد لابد من التذكير ببعض الحقائق التي تضمنتها تقارير التنمية البشرية في الشرق الاوسط ومنها تقرير لللامم المتحدة صدر عام 2002 والذي اعتمدته المبادرة الامريكية المعروفة بمبادرة الشراكة الامريكية مع الشرق الاوسط اساسا لها .
ومما جاء في التقرير ان الوطن العربي يترجم سنويا حوالي (330) كتابا اجنبيا أي ما يعادل خمس ما تترجمه دولة مثل اليونان . وهناك حوالي ( 50 ) مليون عربي سوف يدخلون سوق العمل في العقد القادم ، وعشرة ملايين طفل في سن دخول المدارس لاتتوفر لهم هذه المدارس ، وهناك (65) مليونا لايحسنون القراءة والكتابة ، وان حصة الدول العربية من الصادرات العالمية ، اذا ما استثنينا النفط ، لاتمثل حاليا سوى واحد بالمائة . هذا فضلا عن ضعف مشاركة بعض القوى الاجتماعية المدنية في الحياة العامة ، وضعف منظمات المجتمع المدني في عملية صنع القرار وازدياد البطالة وتفاقم المشكلات التربوية والعلمية والاجتماعية .
ـ 4 ـ
بغض النظر عن التعريفات المختلفة للمجتمع المدني ، فان مما يمكن ان نؤكد عليه في هذا الحيز ان المجتمع الديموقراطي ، هو المجتمع الذي تتوفر فيه صفتان اولهما المشاركة ، وثانيهما المحاسبة ، ونقصد بالمشاركة ، مشاركة الشعب في صنع القرار السياسي عن طريق ممثليه في البرلمان وفي مؤسسات المجتمع المدني المختلفة وثانيهما محاسبة صناع القرار ومن الطبيعي ان يكون الاساس في الحكم الديموقراطي ان كل فرد بالغ له من الحقوق ما لأي فرد آخر من حق الاشتراك في شؤون الدولة العامة ... وينبغي ان يتوفر في النظام السياسي الديموقراطي عناصر متعددة ، الى جانب البرلمان ابرزها أمران هما (الاحزاب السياسية) و (الصحافة) . ومما يتميز به المجتمع الديموقراطي كذلك ، الى جانب الفصل بين السلطات الثلاث ، التاكيد على مبدأ ان الامة هي مصدر تلك السلطات .
وللوصول الى المجتمع المدني ، لابد من ان يتوفر النظام السياسي الذي يسمح باقامة مثل هذا النظام من خلال مجموعة كبيرة من الآليات والإجراءات ،أهمها ان يكون هناك نظام تربوي متكامل يتدرب الفرد فيه منذ صغره وضمن اسرته على ان الانسان هو الاصل ، وان الحرية شيء مقدس ، وحرية الانسان تنتهي من حيث تبدأ حرية الانسان الاخر ، وان التعددية هي الاسلوب الامثل في التعامل مع القوى والشرائح والمكونات الاجتماعية المختلفة ، وان لابد من الاعتراف بالاخر وحقوقه ، وان العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات هي مما ينبغي ان يناضل الانسان من اجل تحقيقه . ولتأكيد كل هذه القيم والممارسات لابد ان تعمل الصحافة ، ومنها الصحافة الالكترونية موضوع دراستنا هذه ، من اجل ترسيخها وتعميقها في حياة الانسان وهذا لايكون الا من خلال تنمية الوعي ، وتوسيع مدارك قراءها واحترام قناعاتهم واعطاءهم حقوقهم في امتلاك المعلومة ودون فرض اية افكار او آراء مسبقة عليهم (Prejujment) ، بل بالعكس وضع اكثر من رأي امامهم ، وتنويع ثقافتهم ، والتركيز على عنصر (الوحدة والتنوع) في النظر الى اية قيمة او مبدأ حضاري .
ولنتساءل الان ، وهل ان باستطاعتنا اليوم ان نتوسم في صحفنا الالكترونية ان تقوم بمثل هذه المهمات والاهداف السامية ؟ وللاجابة على التساؤل لابد من ان نقف عند تجربتين مهمتين ، تختلفان من حيث الاساليب ولكنهما تتفقان من حيث الهدف واولى هاتين التجربتين تجربة ( موقع اسلام اون لاين ( WWW.islamonline.net) وثانيهما (موقع ايلاف www.elaph.com) . ولنركز على ما يقدمه هذان الموقعان لقراءهما لنعرف المدى الذي يمكن ان يذهب المسؤولون عنهما في تأكيد القيم والمباديء التي تساعد في اقامة المجتمع المدني .
اولا : تجربة موقع اسلام اون لاين :
ابتدأ هذا الموقع الالكتروني قبل سنوات قليلة ، واصبحت له اليوم سمعة كبيرة ، وقراء كثيرون .. وتشرف على الموقع ((هيئة علمية من كبار العلماء من مختلف العالم الإسلامي برئاسة الأستاذ الدكتور الشيخ يوسف القرضاوي ، الفقيه المعروف ، فضلا عن نخبة من الخبراء والمتخصصين في السياسة والاقتصاد والاعلام والاجتماع والتكنلوجيا والفنون وغيرها من المجالات اتقانا لخطوات الاسهام في النهضة الاسلامية بشمول مجالاتها وتعدد مستوياتها عبر شبكة الانترنيت ، ولامكاناتها الهائلة في الايصال والاتصال ، ضمن معايير الامانة والدقة في المحتوى والاحتراف المبدع ...)) . ومما اكد عليه الموقع عند انشائه حرصه ((على تقديم ما نتوقع حاجتك اليه من معلومات عن الاسلام وعلومه وحضارته وامته ، وعن الكون وعوالمه وتحولاته ، ومن متابعة للمجريات والتطورات وتحليها واستقراءها ، ومن معلومات شتى ، وخدمات متعددة لم يعد للمرء غنى عنها في عصر الانترنيت ، فهذا الموقع يسعى لتقديم الاسلام في صورته الموحدة الحية المعايشة لتطورات الحياة وتفاعلاتها في مختلف المجالات تحت شعار : المصداقية والتميز)) .
وحول طبيعة الموقع ، اشار المسؤولون عنه الى انه ((موقع على الانترنيت ، ذو رسالة شاملة ، اسلامية المضمون ، متنوعة الخدمات ، متعددة اللغات ، تبدأ مرحلته الاولى باللغتين العربية والانكليزية )) . ووضع للموقع معيار عام يعتمد العلمية في الطرح ، والشمولية في المضمون ، والوسطية في المنهج ، والموضوعية في المعالجة ، والاخلاقية في التناول ، والتشويق في العرض)) .
والذي يهمنا في هذا الحيز معرفة اهداف الموقع المتصلة بموضوعنا مما يمكن ان ينهض به في مجال اقامة المجتمع المدني ، فمن خلال الوقوف عند تلك الاهداف يتضح لنا ان القائمين عليه حرصوا على تأكيد هذا الدور من خلال بضعة اهداف ابرزها :
1 . دعم مباديء الحرية والعدالة والديمقراطية وحقوق الانسان .
2 . العمل على دعم سبل النهوض والارتقاء بالامة وبالانسان .
3 . تقوية روابط الوحدة والانتماء بين افراد الامة الاسلامية والعمل لخير البشرية
جمعاء .
4 . دعم عملية التبادل المعرفي والتمازج الثقافي بين بني البشر .
5 . توسيع دائرة الوعي بما يدور من احداث وتطورات مهمة عربيا واسلاميا ودوليا .
6 . تعزيز الثقة ، واشاعة روح الامل لدى الانسان من خلال ترسيخ مباديء القيم
والاخلاق على مستوى الفرد والاسرة والمجتمع .
7 . توسيع دائرة التعريف بالاسلام وتأكيد توازنه واعتداله واظهار سماحته وانسانية تشريعاته .
ولوضع تلك المباديء ومعظمها سيتعلق بتربية الانسان وضمان حقوقه واحترام قناعاته ، فان الموقع يقدم من خلال صفحاته المتعددة موضوعات كثيرة ، فضلا عن الصفحة الرئيسية المتعلقة بالاخبار والاحداث والشؤون السياسية ، فان هناك ابواب تتعلق بالتنمية والاستشارات ، والعلوم ، والتكنلوجيا ، والثقافة ، والفنون ، والدين والدعوة . وهناك باب للخدمات من عناوينه (شريك الحياة) ، (معا نربي ابنائنا) ، (مشاكل وحلول للشباب) ، (زواج المسيار و زواج فريند) ، (تدمير البيئة ..بين الشريعة والقانون) ، (الترجمة جسور التواصل) ، (حواء وادم .. الطاعة والنشوز ..الصورة من جديد ) ، (اسالوا اهل الذكر) ، (التعاون مع المراهق) ، (لتعارفوا) ، (الاسلاميون والفنون) ، (المكتبة الالكترونية) ، (نادي المبدعين) ، (مجاهيل ومشاهير) ، (الاسلام وقضايا العصر) ، (الفقه واصوله) ، (حوارات حية) ، (ساحة الحوار) ، بطاقات الكترونية) ، ( رموز خدمت العالم الاسلامي) ، (مسرح الشارع) . وهكذا فان كل هذه الموضوعات والابواب تخدم الانسان العربي وتساعده في ان يطور نفسه ويزيد من ثقافته وفهمه لما يدور حوله .
ثانيا . موقع ايلاف www.elaph.com
تأسس هذا الموقع قبل سنوات قليلة ، وناشره هو الاستاذ عثمان العمير الذي وضع رسالة تبين اسباب نشره . ومما قاله انه في خريف سنة 1998 ترك جريدة الشرق الاوسط (اللندنية) وكان الاتجاه ان لايعود الى الصحافة ، لكنه سرعان ما ادرك اهمية النشر الالكتروني ، فالدراسات والمؤشرات الحديثة كلها باتت تؤكد ((ان عالم الانترنيت شكل وسيشكل اتساعا لا حدود له ، في تغيير الصيغة الاعلامية ، وتحرير الفكر الانساني ، وهذا ما راينا بشائره الان ، مما يؤكد الحاجة الى عمل اعلامي متميز)) .. و((ايلاف مشروع مستقبلي يأخذ باعتباره سرعة التواصل والاتصال ، ويفترض انه سيستمر اقتصاديا على المدى الطويل)) . ويقر الاستاذ العمير ((ان غالبية اهل المهنة ما زالوا بعيدين عن الاهتمام بالانترنيت اما جهلا او تجاهلا أو كسلا وتكاسلا في الوقت الذي تطوع كثيرون ، على سد هذه الفجوة ، وسارعوا الى مشاريع عديدة )) . و ((ايلاف مشروع لم ينشأ بقرار رسمي ، ولن يغلق بقرار رسمي، بل هو مشروع مستقل الارادة والقرار واستمراره رهن باستمرارية هذه الاستقلالية المالية ..)) و ((ايلاف لاتنتمي الى تيار ولاتعبر عن حزب ، ولاتقف مع دولة ضد اخرى بل هي نافذة العربي الى العالم وجسر العالم اليه )) . وختم العمير رسالته بالقول : ((اننا في ايلاف نعتقد ان الصحافة شيء والرأي شيء آخر ، فاذا احترمنا الرأي ، فان مهنة الصحافة لا قداسة ولا مزايدة ، انها ببساطة خدمة حضارية لملاح انترنيتي يحتاج الى الاشباع )) .. و((ايلاف ستكون جريدة الجميع والى الجميع ، ومن هنا سيكون لها حضورها في ساحات الحدث سياسيا ، اقتصاديا ، ثقافيا ، فنيا ، وموسيقيا ، رياضيا ، اجتماعيا ، علميا ، طبيا ... حرصنا على مواكبة جديد التقنية وثورة الاتصالات واهتمامها بالمستقبل الانترنيتي لن يكون على حساب اهتمامها بمجريات الامس ، البعيد منه والقريب ، بكل ما فيه من اسرار لم تتكشف الغازها بعد )).. وايلاف ((اداة اعلامية مستقلة تريد نقل التجربة الحديثة في نقل الخبر والمعلومة دون حرج وبلا اية حساسيات)).
لذلك ومن اجل تحقيق تلك الاهداف ، فان (صحيفة ايلاف الالكترونية) في صفحتها الرئيسية تركز فضلا عن الاخبار ، والتحقيقات على موضوعات متنوعة تتراوح بين (الثقافات) ، (الصحة) ، (الرياضة) ، (الموسيقى) ، (الموضة) ، (جريدة الجرائد) ، (كومبيوتر وانترنيت) ، ( منوعات ) ، (شباب) ،(كتاب ايلاف)،( اصداء )،( دليل ايلاف) ، ( نساء ايلاف) ، ( ثقافة جنسية) ، ( فنون) ، ( اخبار خاصة) . وتهتم ايلاف بالمقالة ، ولها كتاب كثيرون معروفون .. كما انها تهتم بالاسهم و( اخبار النفط كل يوم ) وشأنها شأن اسلام اون لاين فانها تعطي للاعلان حيزا واضحا . ولايلاف تعاون وتنسيق مع وكالات انباء معروفة منها على سبيل المثال وكالة رويترز ، ووكالة الانباء الفرنسية AFP والاسوشيتدبرس AP . و ثمة خدمة للخبر العاجل ، وقائمة للبريد ، وباب للاستفتاء وملفات متعددة ولقاءات مع مفكرين وادباء وسياسيين وصناع قرار .
يشترك الموقع ( اسلام اون لاين ) والموقع (ايلاف) في امور اساسية ابرزها انهما يؤكدان على تنمية الوعي بحقوق الانسان وتأكيد قيمته العليا ، واحترامه ، وتقديم المعلومة اليه دون اية حواجز واحترام الراي الاخر ، والايمان بمبدا التعددية ، ومحاربة الاستبداد والتشدد والتركيز على الاعتدال ، والوسطية ، واشاعة روح التسامح ، ونشر الثقافة بكل الوانها .. والاهم من ذلك كله انهما موقعان مستقلان لايخضعان لحكومة او لحزب او لجماعة ،ويعتمدان على نفسيهما في مسائل التمويل ، ففي هذا ضمان لاستقلاليتهما ودوام اتصالهما بقرائهما . والموقعان يهتمان باراء الناس وبشكاواهم وطموحاتهم وآمالهم وتفاعلاتهم مع بعضهم البعض .. فضلا عن إنهما يربيان في قراءهما الذوق السليم ، والأدب الجم ، والشفافية في طرح الآراء ، والصراحة ، والاحترام ، والدقة والأمانة في نقل الخبر والسرعة في تقديمه للقراء .. وإشباع حاجاتهم إلى المعرفة ، والسعي باتجاه ترقية مداركهم ، وتنمية أحاسيسهم الجمالية والفنية والأدبية والاجتماعية ومساعدتهم على العناية بأنفسهم ، وأجسادهم قوية وقادرة على مواجهة مشكلات المجتمع وتحديات العصر ..
ـ 5 ـ
قبل سنوات طويلة تمتد إلى أكثر من أربعين عاما قرأت كتابا لأحد الكتاب البريطانيين أصدره بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بقليل بعنوان : ( التربية لعالم حائر) قال فيه إن (التربية) هي الوسيلة التي يمكن الاعتماد عليها في إعادة بناء العالم من جديد.. وبإمكاننا الآن أن نردد معه القول نفسه مع إضافة بسيطة وهي ان ما يحتاج إليه عالمنا العربي والإسلامي هو (الديمقراطية) والديمقراطية قبل أن تكون انتخابات وتوصيات وبرلمانات، (تربية) و (ثقافة) و(وعي) , و(مشاركة) . فهل تنجح الصحافة الالكترونية في مساعدة الإنسان العربي والإسلامي في مهمته الجديدة وهي إعادة بناء مجتمعاته وإصلاح شؤونها وحل مشاكلها بالاعتماد على الحل الديموقراطي ؟ نأمل ذلك .