السينما : المدرسة العليا لكل داعشي
لعلها المرة الاولى التي أكتب متحررا من ضغط أو رهاب الكتابات المطولة .. إذ أن الله – سبحانه وتعالى – أكرم من أن يجمع على عبده الضعيف ضغط ذلك الرهاب وضغوط أخر .. لا حصر لها ..
البارحة شاهدت فيلما أمريكيا .. وقد حذرت "القناة" من وجود مناظر قد لا تناسب البعض !! هكذا بهذه الصيغة المفتوحة .. والتي تبدو دعائية أكثر من أي شيء آخر !!
لعل المشهد المقصود – إضافة إلى الدعاية – مشهد شرطي فاسد يترأس عصابة ... وقد عاقب أحد المقصرين بوضعه حيا تحت أساس أحد الأعمدة .. وسكب الخرسانة عليه وهو حي .. بينما يقوم أحد المعاونين بركله كلما حاول النهوض .. إلخ.
بحكم وجهة نظري السلبية جدا في الفن .. كان لابد أن أربط بين ذلك المشهد وبين ما يحدث الآن من مشاهد داعشية .. تقشعر لها الأبدان .. فبدا لي أننا أمام المدرسة التي تخرج منها جميع الدواعش .. أي المتلذذين بالقتل العنيف .. والمتلذذين بمشاهدته.. وذلك على هامش سؤال صغير .. لماذا لم يطلق ذلك الشرطي الفاسد النار على ذلك المُعاقب؟! مؤكد أن سبب ذلك زرع مزيد من الرعب أو "الإرهاب"في نفوس الآخرين .. وقد حصل ذلك فعلا حين حاول "آخر"الرجوع عن صفقة متفق عليها .. وقد حضر ذلك المشهد الداعشي .. فرضخ .. إنه السبب نفسه الذي يجعل داعش لا تريح "ذبيحتها" برصاصة ترسل ذلك الكافر إلى النار .. إنها ببساطة توجه رسالة تهديد للآخر .. لإرعابه .. أو إرهابه.. والتأثر هنا واضح.
يبدو أن لديّ مشكلة حقيقية مع السينما .. – بل والدراما كلها – فلا أرى شرا إلا كانت تقف خلفه ..
حين أرى شابا .. ينطلق بسيارته – مثل الصاروخ – في حي مليء بالسكان .. او في الشارع العام .. أتذكر مباشرة أبطال الافلام حين تأتيهم مكالمة عاجلة .. عن العثور على مجرم أو ما شابه .. لحظته ينطلق البطل مثل الصاروخ .. متجاوزا كل السيارات .. قاطعا بعض الإشارات .. متسبب في تصادم بعضها الآخر .. إلخ.
انتشار المخطرات .. أيضا .. للسينما فيه اليد الطولى - والتدخين بطبيعة الحال - ولو من باب طرح "فكرة"تجريب تلك النشوة .. أو تقليد سكان العالم المتقدم ..
والمخدرات والعنف السينمائي قرينان ..
فكما أن المخدرات تبدأ بجرعة .. تزداد بعد أخرى ... فإن العنف وإدمان مشاهدته .. يحملان نفس الصفة .. أفلام رعب .. أكلة لحوم البشر .. القتل العنيف .. كلها – فيما يبدو – تولد رغبة متنامية .. لطلب المزيد .. والمزيد.
العقوق .. من يقف خلفه أكثر من الدراما؟!! والأمثلة على رأسها أبو الفنون وأمها .. والمسرحية الشهيرة .. المتآكلة لقدمها . . ولا زالت تعرض!! .. لا تحتاج إلى أن نشير إليها كمثال .. وعبارتها الشهيرة ( أبوي تسراني يعني ) – فيضج المسرح بالضحك - يمكن وضعها مقابل "أنت وما لك لأبيك".
المهرج الذي كان يحي عيد هذه السنة – في الرياض – والذي ملأ "تهريجه" بـ" الكلب .. ابن الكلب" – ما دفع بأحد الحضور للاحتجاج - ليس أكثر من تلميذ في مدرسة الشتم المسماة السينما المصرية .. ولو أن مهتما صنع فيلما تسجيلا .. وانتقى فيه .. تكرار لفظة"يا ابن الكلب" .. أو "يا ابن الكااااااااااالب" .. والتي يقولها حتى الأب لابنه!! لوجد عجبا .
سوء أدب الأطفال .. ستجده هناك في مدرسة السينما .. سواء في ذلك الطفل "النجم"سيئ الخلق الذي يرمي على الناس قذارته .. أو ذلك الذي يصفع خطيب أخته .. إلخ.
باختصار ستجد كل بلاء في مجتمعاتنا تقف السينما – الداراما – خلفه .. إيجادا .. أو تعميقا .. ونشرا ..
وإني لأعجب من بيوت أخيار .. فتحوا فيها هذه السموم والأوبئة دون حصر لها .. ولا تضييق .. ولا تشفير ..
وسبق أن ذكرت تعجب طفل من أقاربنا .. حين وجد قناة "الجزيرة"ليدنا "مشفرة"!!
أما "طاعون" أم بي سي .. وما شاكلها .. فأحمد الله أنه ليس في منزلنا أصلا ..
لابد أن أعترف هنا .. بأن شكوكا كثيرا طاردتني .. لعلي على خطأ .. لعلني أبالغ .. وبيوت كثير ممن هم أفضل مني قطعا دينا .. وعلما ..- وبعضهم من تيجان رؤوسنا - تضج بيوتهم بتلك الفضائيات !!
عود على بدأ .. قلت في البداية أنني أكتب دون شعور بضغوط الخوف من الإطالة ..
ولكنني لم أطل .. فيحن بدأت أكتب تلاشت سيول الأفكار التي كانت تضرب في رأسي .. بل حذفت فكرة كاملة .. متعلقة بإساءة السينما – الدرما – للمرأة .. وذلك موضوع عريض جدا .. حين كتبت "همسة في أذن المرأة"كانت النية أن أكتب"صرخة في أذن المرأة" .. حول الرافد الأكبر للإساءة للمرأة .. ألا وهو الأدب .. انطلاقا من عمر بن أبي ربيعة – كأنموذج – وتصوريه للنساء يغازلنه في الطواف .. وحتى ( على اسم الله أمرك طاعة وإن كنت قد عودت ما لم أعود) .. وانتهاء بـ(فضحني فقم غير مطرود .. وإن شئت فازدد) .. وحتى تسلمت الرواية المشعل .. وكانت النية أن أركز على نقطة شديدة الوضوح .. وهي تصوير النساء جميعا كسيئات ,, أو قابلات للانحراف .. الأنموذج الذي كنت سأختاره هو"الأم" ... ويكفي هنا أن أشير إلى رواية"الحمام لا يطير في بريدة" .. وثلاثية نجيب محفوظ .. وسبق أن اخترت لقطة من تلك الثلاثية .. حين يذهب"ياسين" إلى جارته خاطبا .. فيخرج بموعد مع الأم .. ثم يتزوج البنت بعد ذلك .. مع أن الأم نفسها كانت على علاقة بالسيد أحمد عبد الجواد .. والد ياسين!!
كما يوجد فيلم نهايته تعجب أحد إخواننا .. والفيلم كله يدور حول "شاب"وجد رجلا في سرير أمه .. فقتله .. وتدور الأحداث حول محاولة والد الشاب – المطلق للأم – منع القبض على ابنه .. ومحاولة الشرطي – البطل – القبض على القاتل .. وبين فينة وأخرى .. يذكرك المخرج بأصل المشكلة .. فيعرض لحظة دخول الشاب على أمه وعشيقها ... إلخ
فهل ثمة نشر للفاحشة .. أو إساءة للمرأة أكثر من ذلك؟!! وللأم الرمز؟!!
تذكرتُ الآن نقطة أخرى تتعلق بسوء السينما ..
قبل سنوات .. حدثت ما سمي حينها بحادثة"نفق النهضة" – في الرياض رمضان 2005 - حيث تحرش شبان بفتاتين ..
كان في المشهد قول أحد المتحرشين : لا تسوي نفسك شريفة!
إنها عبارة متكررة في الأفلام المصرية .. القديمة على الاقل .
ملاحظة في الهامش .. قبض على المتحرشين .. ثم صدر عليهم حكم ولكن دون ذكر أسماء المجرمين .. بل ( س .ش .ص ) و( د ذ ر) مثلا ..
أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي المدني