مولد النور
مكةُ النور أشرقت بالضياء
حينما جئتَ يا نبي السماء
جئتَ في ليلةِ الملائك فيها
حفـّتِ الأرض من عميق الفضاء
كي ترى لحظة انبثاق نبي
وحـّد الله قبل طين وماء
واستدار الزمان نحو رسول
زانه الحسن في ربيع العطاء
زغرد الفجر إذ بزغتَ إليه
وانتشى الكون لاهجا بالثناء
أشرقت شمسُه فأطفأ شمسا
عـُبـِدتْ دون خالق الأشياء
رتـَّلت حمدها ملائك رب
لإلهٍ له جميل العطاء
سبح اللهَ في السماء سجودا
روحُ جبريل ساكن العلياء
وترى الآخرين خروا بحمد
يـُسمع الكونَ أجمل الأصداء
وتباهتْ جبال مكة فخرا
وأنيرتْ جبالها من حراء
وأصاختْ أشجارها في خشوع
لصدى الحمد مالئا للفضاء
صمتَ الليل إذ أتيتَ سكونا
وغدا سمعه بغير انتهاء
وأنارت بصرى بنورك فجرا
وأضاءتْ صنعاء دون مراء
كل نور أتى الخلائق يوما
هو جزء من نورك الوضاء
جئت للناس رافعا أصبع التو
حيدُ يعلو من فوق كل لواء
فأصاختْ بطاح مكة سمعا
ليَسيرِ الشريعة السمحاء
كلنا من ترابِ آدم لا فضـ
ـل لِلَون التراب في الآباء
إنما الفضل في اتقاء تقي
غضبَ الرّب خالق ِ الأنحاء
يا نبي السّماء أمّتك اليو
م تهاوتْ وما غدتْ في العلاء
سلـّمت قيادها علوجا وفرسا
ثم أضحت قلوبها من هواء
أين ذاك الزعيم يرفع رأسا
لشعوب لها طويلُ انحناء
أين ذاك الشعب يَكسِر قيدا
من قيود الأعداء والأصدقاء ؟؟
أين ذاك الزعيم يشعل نارا
في خيام التشريد والإقصاء ؟
أين ذاك الزعيم يصنع عزّا
منقذا من جهالة السفهاء ؟
أصبح الذل في رغيف انكسار
وغدا الكل من قطيع الشاء
خاضعا للولاة من كل لون
فاقـِدَ العزم فاقدَ الكبرياء
يمتطيه الحكام عـَلـْفا وذبحا
كبَّلوه بمثقل الأعباء
من لشعب له فؤادٌ رحيم
ينقذ الناس زمهريرَ الشتاء
بات أطفالهم جياعا وقد هـُدّم البيت في جحيم العراء
أغلقوا عنهم المعابر ظلما
جرحهم نازف بغير دواء
من لشعب إذا تضوّر جوعا
جاءهم حاكم بخبز وماء
من لشعب إذا تساقط ثلج
لم ينمْ حاكم دثيرَ فراء
أصبح الشعب كالقطيع بواد
ثم ألغى الحكـّام كلّ الرجاء