حُداءُ الجَثامِين !!
..
غُربَةُ النَّفسِ تَحتَ ظِلِّ الدَّاءِ=زَفَراتٌ هَزِيمَةُ الأَصداءِ
وَ حُرُوفٌ كَسِيرَةٌ وَ دُمُوعٌ=تَتَهادَى عَلَى خَرِيرِ الماءِ
يَسمَعُ الكَونُ لَحنَها فَيُغَنِّي=وَ هْيَ جُرحٌ مُخَضَّبٌ بِالدِّماءِ
كُلُّ مُصغٍ لِصَوتِها يَتَسَلَّى=دُونَ وَعيٍ بِلَذَّةِ الإِصغاءِ
فَيُوازِي نَحِيبَها بِحُبُورٍ=وَ يُساوِي عُواءَها بِمُواءِ
لَستُ أَدرِي ! أَلِلحِكايَةِ يُصغِي=أَمْ يَزِيدُ ازدِراءَها بِازدِراءِ ؟
كَيفَ هانَتْ دُمُوعُنا ؟ فَغَدَونا=بَعدَ عُمرِ الغَرامِ كالأَعداءِ !
كَيفَ أَسلُو ؟ وَ لَستُ أَملِكُ إِلَّا=قَلبَ صَبٍّ مُمَزَّقِ الأَشلاءِ !
كَيفَ أَنسَى ؟ وَ لِلهُمُومِ بِقَلبِي=ضَرَباتٌ تَسِيرُ فِي أَحنائِي !
كُلَّما اهتَزَّتِ الضُّلُوعُ بِصَدرِي=رَدَفَتها بَقِيَّةُ الأَعضاءِ
كُلَّما شَقَّتِ الدُّمُوعُ طَرِيقًا=فَوقَ خَدِّي مَسَحتُها بِالخَفاءِ
وَ تَهَيَّبتُ أَنْ أُواجِهَ نَفسِي=بِجُنُونِي وَ حَيرَتِي وَ غَبائِي
قَدْ بَكَى الوَقتُ بَينَنا بِأَياسٍ=عَبَراتٍ شَجِيَّةِ الأَصداءِ
فإِذا الشَّوقُ ثَورَةٌ بِضَمِيرِي=وَ إِذا بِي أَصِيحُ مِنْ تَلقائِي :
( أَينَ تِلكَ التِي تَرَكتُ لَدَيها=كُلَّ عُمرِي , فَبَعثَرَتْ أَجزائِي ؟
أَينَ تِلكَ النُّذُورُ فِي شَفَتَينا ؟=أَينَ طُولُ ادِّعائِها ؟ وَ ادِّعائِي ؟ )
بَينَ قَلبِي وَ قَلبِها ذِكرَياتٌ=قَطَعَتها مَباضِعُ الخُيَلاءِ
نَحنُ : خَصمانِ , وَ الهَوَى يَتَهاوَى=بَينَنا فِي تَعَنُّتِ الرُّعناءِ
وَقَفَتْ لِي بِــلائِها بِغُرُورٍ=وَ أَنا مِثلَها وَقَفتُ بِــلائِي
فَدَفَنَّاكَ يا الهَوَى بِقُبُورٍ=وَ كَسَوناكَ حُلَّةَ المُومِياءِ
وَ تَرَكناكَ راقِدًا فِي غَيابا=تِ جُسُومٍ خَبِيثَةِ الأَحشاءِ
أَيُّها الحُبُّ ؛ بِالعِنادِ طَعَنَّا=كَ مِرارًا بِنَصلَةِ الكِبرِياءِ
أَيُّها الحُبُّ ؛ قَدْ مَضَيتَ بَعِيدًا=عَنْ حِمانا , فَلا تَعُدْ لِلوَراءِ
كُنتَ بَدرًا بِهالَةٍ مِنْ ضِياءٍ=ثُمَّ أَمسَيتَ خَبطَةَ العَشواءِ
كُنتَ تَزهُو كَجَنَّةٍ مِنْ حَنانٍ=فَتَهالَكتَ فِي يَدِ الأَدعِياءِ
دَعكَ مِنَّا . فَلَنْ تُغَيِّرَ شَيئًا=فِي عُيُونٍ تَكَحَّلَتْ بِالرِّياءِ
وَ ابحَثِ اليَومَ عَنْ سِوَى خافِقَينا=نَحنُ - وَ اللَّهِ - رِفقَةُ الأَشقِياءِ
كُلُّ عَهدٍ عَلَى المَحَبَّةِ أَمسَى=بَعضَ ذِكرَى الجِنايَةِ العَمياءِ
كُلُّ ما كانَ قَدْ غَدا الآنَ نَسيًا=بِنُفُورِ الأَحِبَّةِ الفُرَقاءِ
لَيسَ لِلسَّمعِ أَنْ يُفَسِّرَ - مَهما=صَدَقَ الحَدسُ - ما يَراهُ الرَّائِي
لَيسَ لِلمَيتِ فِي النَّحِيبِ عَزاءٌ=وَ الجَثامِينُ ما لَها مِنْ حُداءِ
: