في ساعة يأس من تكرار إحباط الفشل و الغوص في وحل شقاء الضياع اتخذ قراره الأخير و بصرامة عارمة
جاء بحبل غليظ ، علقه على حلقة مغروسة في السقف ، لم يبال برعشة يديه التي زادت من زلزال خفقان قلبه المتردد خوفا .. صعد الكرسي ، وقف أمام الحبل ، لفه حول عنقه و ضيقه شيئا فشيئا حتى صار على مقاس العنق
كانت ركبتيه تهتز و تهتز ارتجافا ، لكن المشاهد المؤلمة التي كانت تعرض أمامه دفعت بالكرسي من تحت قدميه بقوة فهوى
و انتهت رحلة عذاب لطالما امتدت و أشقت ..
لم يمض وقت طويل حتى انكشف الأمر و التم الأصدقاء في المكان ..
كانت سيدة الموقف الأولى الدهشة ، ثم تحولت إلى استنكار للجريمة البشعة بحق الصداقة
و بدل أن يرأفوا بجثمانه المتأرجح انشغلوا بالأسباب و تراشق الاتهامات
لم يتقبل أحد تلك النهاية التي رأوها نهاية
مضى وقت ليس بقليل و الحال على ما هو عليه ..
بالرغم من قوة العلاقات التي كانت تربطهم بالضحية لم يحركوا ساكنين ، مكتفين بالاستنكار و الرفض ..
و على حين غرة شق ستار المشهد شخص لم يكن معروفا لدى الجميع إلا بتنكره لأفعالهم و نهيه لهم عن مقترَفاتهم و عرض الحلول و البدائل المثلى التي تنقذهم من الحضيض الذي كانوا يسبحون فيه.
لم يكن مرحبا به أبدا في المكان..
وقف أمام الضحية وقال : لقد استلمت رسالتك و جئت من فوري ..
أشاد بما فعل و أنزله برفق و ضمه إلى صدره قائلا : لقد نجوت يا أخي فالآن سلكت درب الحكمة الحقة ..
ابتسم الضحية و دبت في عروقه قوة الرغبة في الحياة من جديد ، فتورد وجهه ماسحا كلاحة الماضي المُشقي المضيع ..
أشبكا ساعديهما ببعض و مضيا يصعدان الطريق الذي ألقت الشمس بشعاعها على سبله ، ذارئَين خلفهما سيلا جارفا من أصدقاء السوء يجري في وديان النقيصة دونما أدنى التفاتة للوراء .