الأحبة أعضاء المنتدى الكرام
يكتب الإنسان وتجود قريحته بما يمن الله عليه من فضله، ولكن الأمر يختلف تماما عندما يكون الموضوع يتعلق بالخالق جل وعلا أو برسوله عليه الصلاة والسلام. وربما أعلم ويعلم الجميع أن الإنسان يكون بحق نفسه مقصرا، إلا أن النفيس من القول لابد أن يكون في مواضع التميز.
لقد جادت الوالدة المربية السيدة ربيعة رجب الخاني، وهي إحدى نسـاء الشـام التي خالطت العربية كل خلية من خلايا جسمها. فدرستها ودرستها ونقلتها للأجيال بأمانة في مدارس وثانويات دمشـق، جـادت بقصيـدة يمكن اعتبارهـا من نفيس الشعر، وهي بولعهــا بلغـة القرآن مازالت تمتطي ركب هذه اللغة العظيمـة شــعرا ونثــرا كشــاعرة تميز شـعرها بالسهولة والعمق وكاتبــة تميزت كتاباتهــا بالصدق والأمانــة. ولقـد جـادت في الشــعر حتى نالت شـهادات من شـعراء ليسوا بالعاديين بل هم شــعراء ملاحم العربيــة في هذا العصر.
صحيح أنني أجد نفسي مقصرا من عدة جهات، أولها الموضوع .. فالقصيدة المرفقة تتحدث عن أفضال الله على العباد، وتحــاول بعباراتهــا التطلــع جــاهدة لفهم حكم الله في الخلق في داري البقاء والفناء .. ولكن هيهات .. فعلمنا في عالم الشهادة يكاد يســاوي الصفر أمام علم علام الغيوب الذي لايبلغ أحد حكمته أو مدحته. فكيف لعباراتي أن توفي الموضوع حقــه، وكيف للقصيدة رغم براعـة ســبكها أن تغطـي ذرة مما يتعلـق بعلــم وحكمــة الخــلاق العليــم ؟؟
أما تقصيري الثاني فهو في حق والدتي التي نالت الخيـر في الدنيــا بتربيتهـا لأجيــال عرفــوا اللــه حق المعرفــة (وأنا لاأدعي لنفسي هذا الشرف .. فأنا مقصر أسأل الله أن يشملني برحمتــه). وياليت اللــه يفيض علي من علمــه فإنا أقـل من ذلك.
نعم لقد قصرت في نشــر جملة العشــرات من قصائــدها التي ناجت من خلالهــا رب العالميــن، وذادت عن حمـى رســوله الكريــم (عليه الصلاة والسلام) .. ثم تناولت أحـوال الناس من مـدح للمحســنين الأخيــار ومواســاة للمصابيــن الصابـرين الأطهـار ضمن سلســلة من قصائـد المناجـاة ومـدح الحبيب والثنــاء على المحســنين في حـق وصــدق، ومواســاة الصابريــن في عطف وبــر ورحمــة .. وغيــر ذلك.
وفيما يتعلق بتقصيري في إعطـاء مالدي من قليـل العلــم ويســير المعرفــة فيما يتعلق بالكتاب والسـنة والعلم وغيرهــا فهو تقصيــر ناكــر لايســعه إلا أن يؤوب إلى الله .. ذلك أن جميعنــا مخلوقــون من أجـل هدف واحــد .. هو معرفــة اللــه .. فكيف بالدنيــا تأخـذنا في طياتهــا لتطوينــا وتبعدنــا عن أســمى التكاليف.
اسأل اللــه أن يحفظ أمهاتكــم جميعــا، وأن ينــال والدتــي الدعــاء منكــم .. ذلك أن الإنســان مهما عمــل فهـو مقصـر في جنب اللــه ورســوله، وتجــاه الأخيــار من عبــاده. كما أسـأله أن يرحــم من ســبقنا من أمهاتنــا إلى اللــه .. فلعمــري من كان في كنف اللــه من الوالــدين يتمنــى ابنــاءه معه لمــا يرى من عــز ونعيــم في ضيافــة الكريــم صاحب الإطـلاق في الرحمـة والجــود والكــرم.
إن القصيدة المرفقــة هي تأمــل في الداريــن وعقباهمــا .. تأمــل تطيــر كلماتــه كالطيــور المغــردة بين الدنيـا والآخـرة والقـرآن والجنــة .. فتحمــل من فيوض بركــات الأماكـن التي طافت بهــا نهــلا عذبــا لمن أراد أن يذكــر أو أراد شــكورا.
هشــام الخــاني