منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 12
  1. #1

    صمود غزة: الدروس والعبر

    صمود غزة: الدروس والعبر

    عبيد بأسعار عالية

    لم يعد خافيا على أحد، كم هي الصور القبيحة التي تكونت لدى العالم عن الصهاينة، وهي امتداد لتلك الصور التي كونتها البشرية عن قبح اليهودي اللئيم، وما تلك (العنتريات) التي تبدو على مشية باراك والقادة الصهاينة إلا ترجمة كبيرة لهذا القبح.

    فما هي ملامح البطولة التي يتفاخر بها هذا العسكري الذي لا يحترم صفات النبل عند العسكريين، عندما تقوم طائرة كلفتها 40 مليون دولار بقتل طفل أو امرأة في فراش النوم؟ وأيهما أحق بالتباهي بالبطولة ذلك القاتل الذي يستخدم أحدث الأسلحة الأمريكية أم الطفل الذي كُسرت ساقه وتهشم رأسه ويتحدى ذلك القاتل بالصمود؟

    حاول الغرب أن يتخلص من اليهود، في زجهم بآتون حرب أو حروب قذرة، سعيا وراء إراحة نفسه من مكرهم أولا، ولجعلهم يقومون بتنفيذ حقده التاريخي على أهل هذه المنطقة الذي ابتدأ قبل المسيح عليه السلام، ومرورا بالحروب الصليبية وانتهاءً مؤقتا باستعمار تلك المنطقة ومعاودة احتلالها كلما سنحت له الفرصة، محاولا إلصاق صفة التحضر بنفسه ومناديا بحقوق الإنسان، وطالما أن هناك الصهاينة من يقومون بأقذر المهام التي تنغص على الغرب خداعه لنفسه أولا بأنه رائد الرقي والتحضر، وإقناع العالم أنه كذلك.

    لكن ما هو الثمن لهذه الخدمة الذليلة من قبل الصهاينة؟

    يعلم الجميع، حتى اليهود أنفسهم، بأنهم كمريض مستلقٍ بغرفة العناية الحثيثة، الأكسجين من الخارج، والدم من الخارج، وتنظيم دقات القلب من الخارج، وأنابيب التغذية من الخارج، ومعروف أن أكثر كلف الإقامة بالمستشفيات، تكون في غرف العناية الحثيثة.

    لقد استهزأ (أرنولد توينبي) المؤرخ الإنجليزي الشهير، بفكرة إنشاء الكيان الصهيوني بقلب أمة ورثت عشرات الحضارات الممتدة الى عمق التاريخ. كما اكتشف فلاسفة يهود شبان تلك الفكرة، وتيقنوا من حتمية زوال كيانهم.

    إن الصهاينة في فلسطين هم عبيد ذوو أجرة مرتفعة، وكونهم كذلك فإن سلوكهم حتما سيكون سلوك عبيد، قُيِض لهم الوقت أن يكونوا سادة لعينة من الوقت، عليهم أن يستغلوا فترة سيادتهم المؤقتة أبشع استغلال!

  2. #2
    من معاني النصر

    النصر في اللغة هو إعانة المظلوم على الظالم، والاستنصار: هو طلب المعونة من المناصرين لصد العدو، وانصر أخاك ظالما أو مظلوما، أي امنع الظلم إن كان خصمه هو من فعله أو إن كان أخوك هو من فعله.

    والنصر، بالمعنى المتداول الآن هو الفوز، والفوز يكون عندما يحدد فرد أو جماعة هدفا أو أهدافا، ويحققها فإن تم له ذلك فقد فاز وانتصر، وإن لم يحققها فإن انتصاره ناقصا أو يُعد مع الفشل، فالطالب فوزه بنجاحه وتجاوزه الامتحان بدرجات تقرر نجاحه، فإن أخفق بالوصول للحصول على علامات النجاح، فهو فاشل، حتى لو كان تقديره في كل المواد ممتازا، وفشل في واحدة فإنه لن يُحسب مع الناجحين. وكذلك هو فريق كرة القدم الذي يبهر الجمهور بلعبه ولكن تسجيل الأهداف يكون لصالح خصمه، فلن يحسب مع الفائزين.

    بالمقابل، فإن إعاقة المعتدي عن تحقيق أهدافه، تعتبر انتصارا للطرف المدافع، كما هي الحالة في الذود عن العرض، فإن دافع رب البيت عن زوجته وأخواته وبناته، ومنع المعتدي من الوصول الى هدفه فإنه وإن كان ثمن هذا الدفاع هو حياته أو حياة أحد أبناءه، فيُعد ـ في موازين الشرف ـ أنه المنتصر.

    حسنا، ما هي أهداف الكيان الصهيوني من الاعتداء على غزة؟

    التوقيت:

    للتوقيت أهمية كبرى في التعرف على نمط الأهداف التي كانت وراء العدوان على غزة، فالتحضيرات لهذا العدوان بدأت منذ شهر أبريل/ نيسان 2008. لتكون في هذه الأيام، فالتعقيدات التي تمر بالمنطقة والعالم، قد لا تسمح بالعدوان كما هي اليوم، للأسباب التالية:

    1ـ استغلال مرحلة الخلخلة المتعلقة بانتقال إدارة الحكم في الولايات المتحدة.
    2ـ محاولة ترميم الصورة التي نجمت عن عدم تحقيق انتصارا واضحا في العدوان على لبنان، وما لهذا الأمر من علاقة فيما تؤول إليه نتائج الانتخابات الصهيونية المقبلة.
    3ـ استغلال حالة التقعر العربي(الرسمي) وامتعاضها من نتائج العدوان على لبنان، وتخوفها من انتشار نموذج الرفض خصوصا بعد التغيرات السياسية المتوقعة في عام 2009 بعد انسحاب الولايات المتحدة من العراق.
    4ـ محاولة جر أكثر من طرف إقليمي في المعركة لتنفيذ ضربات جوية موجعة من قبل الجيشين الأمريكي والصهيوني، وهو الأمر الذي سيتعذر تنفيذه في فترة الحكم الجديدة في الولايات المتحدة.

    بناء عليه فإن الأهداف كانت:

    1ـ تغيير الواقع في غزة بأحد الاحتمالات التالية:
    أ ـ التخلص من إدارة حماس المزعجة للكيان الصهيوني والأنظمة العربية الرسمية المسمية بالمعتدلة.
    ب ـ في حالة عدم تحقيق الهدف الأول، سيكون هدف استقدام قوات دولية، ومرابطتها في الجزء الشمالي في قطاع غزة للحيلولة دون إزعاج المستوطنين الصهاينة.
    ج ـ إعادة تقديم الكيان الصهيوني للدول الاستعمارية بأنه هو القوة الإقليمية التي لا يمكن الاستغناء عنها، لصرف النظر عن التفكير بتركيا أو إيران.

    بوادر النصر الأولية

    لم يكن أحد يتوقع من حماس وشعب غزة، أن تكون بإمكاناتها المتواضعة أن تلحق هزيمة ساحقة بالكيان الصهيوني (الجيش الرابع في العالم)، لكن تفوق أهل غزة على معايير القوة المتعارف عليها عالميا أفرز النتائج التالية:

    1ـ التفاف شعبي عربي سريع، قل نظيره، مع فضح حالة العجز العربي الرسمي بصورة لم يسبق لها مثيل. ففي استبيان قامت به قناة الجزيرة شمل ربع مليون مشترك، كان 91.5% من المشتركين يسخرون من النتائج التي ستنتج عن مؤتمر قمة عربي (فيما لو عقد).

    2ـ التفاف وتعاطف إسلامي واسع، كان بليغا لدرجة كافية لقلقلة الراحة الرسمية في تلك الدول.

    3ـ تزامن النقمة العالمية مما يحدث على صعيد الأزمات الاقتصادية المتتابعة والتي سببتها الإدارات الإمبريالية الليبرالية العالمية. مما فجر حالات الغضب الشعبي العالمي ضد إدارات الدول المتحكمة بالقرارات الدولية، ولم تسلم الحكومات العربية من سخرية صحافيي العالم في البرازيل وبريطانيا ودول أخرى، التي وصفت حكام العرب بالتراكض الى مجلس الأمن رغم معرفتهم بالتاريخ الطويل الذي لم ينصفهم فيه.

    يتبع

  3. #3
    معك استاذنا
    مقال في الصميم تماما ان اضفنا عنصر الجبن الاسرائيلي ومفارقات التخطيط عندهم التي تفوق تخطيطنا ربما ولكن لفت نظري هنا الفقرة هذه:
    1ـ استغلال مرحلة الخلخلة المتعلقة بانتقال إدارة الحكم في الولايات المتحدة.

    اظن ان الخلخله حتى لو كانت موجوده لاتهمنا ماداموا يستغلوا كل دقيقة لتدميرنا.........................
    تحيه لمقال قيم جدا ونتابع معك

  4. #4
    أشكركم أخي الفاضل على مروركم الكريم

  5. #5
    الدولة العربية والدور الإقليمي

    لوحظ في السنوات الأخيرة، أن الشؤون العربية تناقش في غالب الأحيان مع دول مجاورة للدول العربية، في تجاوز لا يخلو من علامات الاستصغار لشأن دول عربية ظنت وتظن أن وزنها الديمغرافي أو الاقتصادي أو الجيوسياسي كفيل بأن يجعل الآخرين يعترفون بدورها الإقليمي. ففي بحث الشأن العراقي، كانت اللقاءات الأمريكية الإيرانية تحمل في ثناياها نظرة تجاوز لدور الدول العربية. وفي شأن العدوان على غزة لاحظ الجميع كيف أصبحت تركيا قبلة يقصدها الزعماء العرب، اعترافا بترجيح قوة دورها الإقليمي على دور تلك الدول.

    ما هو الدور الإقليمي؟


    الدور الإقليمي، هو النشاط الذي تقوم به دولة ما، باعتبارها مركزا في إقليم مع الدول المحيطة بها، وتتسع دائرة الدور الإقليمي كلما زادت طموحاتها وزادت مخاوفها في نفس الوقت. فهي لا تسمح بالتغييرات التي تتم في دول الجوار دون مشورتها وموافقتها في كثير من الأحيان، كما يحدث في دول الجوار لروسيا الاتحادية، (جورجيا، أوكرانيا، وغيرها من الدول التي يزداد فيها النشاط الغربي). أو ما يحدث في العلاقة بين سوريا والوضع اللبناني والعراقي، أو باكستان وإيران وما يحدث في أفغانستان الخ.

    فمصر (أيام عبد الناصر)، مثلا، كانت تقسم نشاطها الى دوائر: دائرة عربية تشمل الأقطار العربية، والتي كان قسم كبير منها لم ينل استقلاله بعد (دول المغرب العربي، ودول الخليج واليمن الجنوبي) ودائرة إفريقية، تشمل قارة إفريقيا، وكان يُخصص لتلك الدائرة (50 محطة إذاعية) وتستقبل الجامعات والمعاهد المصرية طلبة من دول إفريقيا، ليكونوا لها في المستقبل بمثابة السفراء أو القناصل المعنويين للتبشير بالدور المصري. ودائرة تشمل ما كان يسمى بدول عدم الانحياز، وكان يضم في نشاطه كل من الهند ويوغسلافيا (تيتو) و مراكز نشاط عالمية مهمة.

    شروط الدور الإقليمي للدولة

    لا تستطيع الدولة ممارسة دور الناشط في الوضع الإقليمي ما لم تتوفر لديها شروط تسمح بمزاولة هذا الدور منها:

    1ـ الاستقرار الداخلي، وهدوء الجبهة الداخلية، ففي حين تنكفئ الدول التي تعاني من اضطرابات داخلية، على معالجة تلك الظروف، وتتمثل الاضطرابات الداخلية بعدة مظاهر منها:

    أ ـ أزمات اقتصادية تعصف بالمجتمع المحلي، من بطالة، وسوء توزيع للثروات القومية للدولة، وانتشار الفساد، مما يجعل تلك الجماعات المستفيدة من الوضع القائم، تلتف حول الحكم وتنصرف لمقاومة خصومها المحليين.

    ب ـ تهديد مستمر من دولة جارة، مما يجعل جل نشاط الدولة منصبا للتعامل مع هذا التهديد، ويعطلها عن البحث عن دور إقليمي، وهذا كان يحدث لفترات طويلة مع معظم الدول العربية المحيطة بالكيان الصهيوني، وهو ما أدى لتراجع دور مصر الإقليمي في عهد السادات الذي تراجع عن دوره العربي والإفريقي وانشغل في الجبهة الداخلية والتعامل مع النصوص التي وردت باتفاقية (كامب ديفيد) التي كان هدفها أصلا، إخراج مصر من ممارسة هذا الدور.

    ج ـ المشاكل الإثنية المتعلقة بالتعامل مع المعارضات القومية، كما حدث بين عامي 1972 و1976 في العراق مع التعامل مع القضية الكردية، وكما يحدث في السودان، مع قضايا الجنوب ودارفور وغيرها. وقد تمرست الدوائر الإمبريالية في تفجير مثل القضايا لحرمان الدول العربية من ممارسة دورها الإقليمي، فخرجت السودان من الدور الفعال في الصومال وخرجت العراق من الدور المتعلق بفلسطين.

    2ـ اختراق الدوائر الإمبريالية للحلقات الضيقة في رأس الحكم العربي، وجعل بقاء هذا الحكم بوضعه الحالي وكأنه (مِنة) تسكت عنه تلك الدوائر مقابل الصمت فيما يجري إقليميا، وقد تكون بعض دول الخليج كقطر والإمارات المتحدة استثناءا طفيفا لتلك الحالة، حيث يتحرك قادتها في نطاق حسن النوايا ولكنه لا يرتقي الى الدور الإقليمي الفاعل.

    3ـ شبكة العلاقات الدولية الحسنة، المحكومة ببراغماتية المصلحة الحرة، وهذه النقطة لم يحسن العرب استغلالها جيدا، فلو نشطت جماعاتهم ـ حتى بوضع الحكومات الحالية ـ في أروقة صانعي القرار بالدول الكبرى لاستطاعوا تغيير شكل النظرة التي تتعامل بها تلك الدول مع القضايا العربية.

    4ـ تطوير العلاقات الثنائية للدول العربية المتجاورة، وعدم التفريط بها مبكرا، وإبقائها كرصيد احتياطي يحفظ ماء وجه الحكومة (القُطْرية) أمام شعبها، وأمام المجتمع الدولي، فقد بدت الحكومات العربية بوضع لا تُحسَد عليه في حالة غزة، لا أمام شعوبها، ولا أمام العالم بشقيه الرسمي والأهلي.

    5ـ جاهزية الدولة في تلبية حاجات من يستغيث بها إقليميا.
    في دول شرق إفريقيا، لوحظ في العقدين السابقين أن هناك الكثير من المسلمين قد استجابوا لحملات التنصير المنسقة سياسيا مع الدول المنطلق منها النشاط التبشيري، ففي موزنبيق (مثلا)، لوحظ في الأرياف والأمكنة البعيدة عن المدن الرئيسية، وجود بعض الأديرة التي تمارس دور التبشير، محاذية لوجود بعض الإرساليات الصحية التي تقدم اللقاحات والعلاجات لسكان تلك الأرياف، وتقديم رأسين من الماعز لكل عائلة تقبل التنصر وإرسال أبناءها لمدارس تلك الإرساليات، وبالمقابل فإن النهب الاقتصادي لتلك المناطق يتم من خلال جهود منظمة يتعاون فيها كل من المبشرين الليبراليين.

    بعض الدول قد يكون لها دور إقليمي رغم ضعف إمكاناتها

    قبيل اجتياح السلطان العثماني (سليم الأول) للمنطقة العربية وبسط نفوذ العثمانيين عليها، في بداية القرن السادس عشر، كان هناك (إمارة ذو القدر) التي تفصل بين الأراضي التي كان المماليك يحكمونها وبين الأراضي التي كانت تحت سيطرة العثمانيين ، وكان كل منهما يحترم عدم التدخل بشؤون تلك الدولة، لكن المفاجئة أن الصفويين في إيران هاجموا تلك الدولة التي فر أمراءها نحو الأراضي العثمانية مما دفع العثمانيين لمهاجمة القوات الصفوية ووصولهم الى (تبريز) ثم دخولهم الدولة المملوكية وإنهاء حكمها في بلاد الشام ومصر، لأنها برأيهم لم تحمِ تلك الدولة.

    هذا الأمر، نجده في سويسرا ولكسمبورغ ومعظم دول الخليج، فلا يجوز الاعتداء على تلك الدول، في سبيل تحسين مواقع دولة طامعة في استغلال ضعف تلك الدول.

    لكن في وضع غزة، أي شكل من أشكال مناطق النفوذ ومناطق الطمع؟ نحن لا نقصد الكيان الصهيوني بل نقصد رد الفعل العربي (مبعثرا)

    هذا ما سنتطرق إليه في المرة القادمة

  6. #6
    ونتابع معك استاذنا موضوع قوي جدا
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  7. #7
    أشكركم أختنا الفاضلة

    احترامي و تقديري

  8. #8
    فلسطين طريق الوحدة .. والوحدة طريق فلسطين

    بعد أن تيقن العرب من خبث نوايا المستعمرين الذين خدعوهم بالحرب العالمية الأولى، إذ استثمروا معاونتهم لهم في تسهيل مهمتهم في الإجهاز على الإمبراطورية العثمانية. وبعد أن أنجبت تلك الحرب وليدين خبيثين هما اتفاقية سايكس ـ بيكو ووعد بلفور، وإخراج الجانب التنفيذي لهذين المشروعين سريعا الى حيز الوجود، ربطت طلائع الأمة ومجاهديها بين المشروعين ربطا عضويا وسليما، فكان ذلك الشعار (فلسطين طريق الوحدة والوحدة طريق فلسطين).

    ولو فحصنا مكونات هذا الشعار، وأسقطناها على الواقع الذي نعيشه اليوم مع غزة، لرأينا أنه شعارا لم يكن من نسج الخيال ويخلو من الطوباوية الحالمة التي امتلأت بها الأدبيات السياسية في مثل ذلك الوقت.

    لم يتشاور ابن المغرب العربي مع ابن بلاد الشام وابن وادي النيل وابن اليمن في الخروج للشوارع متظاهرين ساخطين على ترهل الحالة الرسمية العربية، بل وحدت مشاعرهم قضية فلسطين المركزية، فكانت فلسطين طريق وحدتهم في التعبير الرافض للخنوع والاستسلام، فكانوا أمة موحدة بمشاعرها تناست المكونات العرقية والطائفية وحتى الدينية، فصرخة الأمازيغي والكردي لا تقل عن صرخة العربي، وصرخة المسيحي لم تكن خافتة بل هي كصرخة الشيعي والسني والدرزي.

    ويقف المتظاهر بعد تظاهره ويقول: ماذا بعد؟ هل خففت عن ابن غزة وفلسطين؟ ويكون جوابه لنفسه: كلا!

    فيسأل نفسه: ما الحل؟ ويتفكر ويجتهد فتتجه أفكاره نحو مصر أولا، كونها الأخت الكبرى لكل الأقطار العربية، وكونها الدولة المجاورة لقطاع غزة، وكونها هي من تم احتلال غزة في ظل حكمها للقطاع، وكونها بسكوتها تشجع سكوت حكام الأقطار العربية الأخرى، ولو بحثنا في ظلال كل تلك الحيثيات لرأيناها تصب في التوق لشكل من التنسيق الوحدوي، فهذا يتساءل: أين اتفاقية الدفاع المشترك وذاك يتساءل: مما تخاف تلك الحكومات في التعبير عما يجول في نفوس مواطنيها؟

    ما هي ذرائع الدولة المصرية وما هي ذرائع شقيقاتها

    لا يمكننا تبسيط وتسطيح ما يجري حولنا بقولنا أن كل تلك الدول بحكوماتها تمارس العمالة والانصياع لما يُملى عليها خارجيا. سيقول قائل: إن لم يكن الحال هكذا فما هو السبب إذن؟

    لو عدنا لسنوات الانقلابات في البلدان العربية، في الخمسينات والستينات وتصفحنا أسفارها بشكل متأني، لوجدنا بينها انقلابات لم تنجح ولو ألقينا الضوء على تلك الانقلابات التي لم تنجح، لرأينا أنها لم تنجح لأن بعض عناصرها المشتركة في الإعداد للانقلاب قد تراجعت في لحظة وأفشت سر الانقلاب لرأس الحكم، فأمنت لنفسها حظوة عند ذلك الحاكم بمركز كانت ستحصله فيما لو نجح الانقلاب، فاختصرت الطريق بدون مغامرة بحياتها، ولكن بالتضحية بشركائها ليذهبوا للجحيم.

    أما تلك الانقلابات التي نجحت، وكان أصحابها يرفعون شعارات قومية تنادي بالوحدة وتحرير فلسطين، اكتشفت أنها أكثر عجزا من الحكومات التي انقلبت عليها، فتراجع أدائها وانكفأت نحو داخلها لتخلق خصوما داخليين وخصوما خارجيين، ومن طال بقاؤه في الحكم اكتشف أن طول عمره بالحكم مرهون برضا الدوائر الغربية عنه، أو على الأقل آثر عدم الاصطدام برغبات تلك الدوائر، فأصبح بموقف يثير السخرية من قِبل الحكومات العربية التي اختصرت الطريق وغازلت الدوائر الغربية. كما سخرت من هرولته نحوها، الدوائر الغربية نفسها، وكذلك شعبه، الذي فهم أن تراجعه يعني البحث عن سلامة رأسه وبقاءه بالحكم.

    منظمة التحرير والأوضاع العربية

    يستطيع القارئ لتاريخ منظمة التحرير الفلسطينية، أن يشبهها بالنسبة للنظام العربي، بنبات عباد الشمس بالنسبة لحقول الخضراوات. وهي إن كانت وليدة لإرادة النظم الحاكمة في الأقطار التي كانت تطمح في تحرير فلسطين، فهي لم تُعادَىَ مِن النظم العربية التي لم تفكر في تحرير فلسطين. وعندما تراجعت النظم التي دعمت ولادة منظمة التحرير الفلسطينية عن قيادة الصوت العربي الرسمي، وانتقلت تلك القيادة للطرف الآخر ولو كان هذا الانتقال غير معلن رسميا، فإن منظمة التحرير الفلسطينية كيفت أدائها بما يناسب أداء أصدقاءها الأصليون، لتصبح صديقة بالنتيجة لمن لم يحلموا بتحرير فلسطين.

    لقد بدأ مشوار تكييف الأهداف بعد أحداث أيلول/سبتمبر 1970 في الأردن، وتكرس بشكل نهائي بعد مؤتمر القمة في الرباط عام 1974، عندما تقرر أن (منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني).

    الحركة والشعب

    في كل البلدان المحتلة، تظهر حركات للتحرر الوطني، هدفها الوحيد التخلص من المحتل، وتحرير الأرض، كما حدث في حركات التحرر في الهند والجزائر وجنوب إفريقيا، وكذلك فلسـطين، فكانت حركة التحرير الوطني الفلسطيني ( فتح) تضم بين صفوفها إسلاميو الاتجاه ويساريو الاتجاه وقوميو الاتجاه، وعندما يظهر خلاف بين صفوف الحركة، سرعان ما ينشق عنها فصيل باسم جديد، فخرج من رحم فتح أكثر من فصيل، كما خرج من الجبهة الشعبية أكثر من فصيل جديد وهكذا، حتى كنا نرى فصائل في السبعينات تصل الى حدود الستين أو أكثر قليلا.

    في ظل الاحتلال الطويل لفلسطين، كان من الطبيعي أن نشهد انقسامات بالرأي، وهي إن لم تأت كاجتهاد يرتبط بقراءة الوضع العربي والدولي، فقد تأتي نتيجة مناولة نتائج الأحداث على الساحة الفلسطينية نفسها.

    جاءت حركة حماس، كنتيجة لقراءة الناشطين في الداخل، وما نتج عن تطور الانتفاضتين الأولى والثانية، وما تلا ذلك من نتائج لا ترقى الى إقناع الشعب الفلسطيني بالداخل بنتائج اتفاقية أوسلو التي لم تمنع توسع المستوطنات ولم توقف الاغتيالات والاعتقالات، كما أن أداء السلطة الفلسطينية كان أقرب الى أداء الدولة المستقلة التي تحترم التزاماتها تجاه من تلتزم معهم، ولكنها أضعف من أن تجعلهم يلتزمون بما يترتب عليهم.

    هذا الأمر دفع حركة حماس التي لم ترض عن سلوك أنصار أوسلو، وجعلها تخلط بين هذا الرفض، والرغبة في إثبات أن نهجها هو الأكثر شعبية، فدخلت لعبة المشاركة بحكم بيت مصطنع بنته أيادي غيرها، وبقيت أوراقه مرهونة بيد الاحتلال الذي دعم ومول بناءه لغاية أوصلت الوضع الفلسطيني لما وصل إليه.

    عدم الرضا العربي الرسمي عن حماس

    بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، والاعتراف بوحدانية الولايات المتحدة الأمريكية، بالتسيد على القرار الأممي، أعاد النظام العربي الرسمي القطري (كل بلد على حدة) تكييف أداءه بما يبعد خطوات التغيير القادمة التي أخذت أسماء مختلفة، منها الشرق ـ أوسطية والشرق الأوسط الكبير ومحاربة الإرهاب، وغيرها من تلك المسميات.

    بعد هذا كله، أصبح النظام الرسمي يتطير من كل من ينغص عليه هدوءه أو توجهه لهذا الهدوء، فكان السكوت الرهيب للنظام العربي الرسمي عن احتلال العراق تعبيرا واضحا عن ذلك، في حين كان هذا الوضع مختلفا عندما احتل العراق الكويت فالسرعة بانعقاد مؤتمر القمة، والسرعة في التعبئة العامة لإخراج الجيش العراقي من الكويت وكثرة التصريحات والتحليلات التلفزيونية التي كانت توحي لمن يشاهدها بأن هؤلاء السادة يحتكمون للعقل والقوة والرغبة في إزالة الحيف.

    في حالة العدوان على لبنان، انقسم العرب الرسميون بين واصف لحزب الله بأنه مصدر إزعاج ومغامراته التي خطف بها جنديين، إضافة الى أن إرادة إيران هي ما جعلته يقوم بمغامرته، وبين من كان يسانده أدبيا على استحياء. وبعد أن تراجع العدوان على لبنان مدحورا، شكك من أراد أن يسخف الانتصار بأن لبنان قد دُمر، وأن تلك الحماقات جرت على المنطقة الويلات.

    في حالة غزة، يقف عضو البرلمان المصري (مجدي الدقاق) ويقول إن مصر تراقب عن كثب ما يجري في غزة، وأنه لا يروقها أن ترى إسلاميين يحكمون غزة، وهذا ما نقله ساركوزي وصرح به بأن الرئيس حسني مبارك لا يرغب في أن تخرج حماس منتصرة، ولم يصدر تكذيب مصري لتصريحات ساركوزي.

    خلاصة القول، أن النظام العربي الرسمي ليس بصدد البحث عن تطوير إرادته في تحرير فلسطين، ولكنه يتطير ممن يتحدث عن تحريرها، فهو ليس مع تحرير فلسطين وليس مع الوحدة بالنتيجة.

  9. #9
    ليس مشكلتنا في نصر غزة الصامدة المخلصه ولا بعدونا المخلص لهدفه!!
    مشكلتنا في ان كل شعبنا غدا بدينه غير السوي على الغالب انكى من نكبة غزة..
    وعلاقاتنا على جميع الصعد تحتاج اعادة نظر.............
    شكرا لك استاذ عبد الغفور

  10. #10
    أشكركم أستاذنا الفاضل على مروركم الكريم

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. (تأميم) الدروس الخصوصية !
    بواسطة عبد الرحمن سليمان في المنتدى فرسان التعليمي.
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 10-28-2015, 06:43 PM
  2. الحروز المانعة من الشيطان
    بواسطة راما في المنتدى فرسان الأدعية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-25-2011, 02:17 PM
  3. بُعبُع الدروس الخصوصية !ـ
    بواسطة بنان دركل في المنتدى فرسان التعليمي.
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 06-17-2009, 08:13 PM
  4. صمود
    بواسطة محمود ابو اسعد في المنتدى فرسان القصة القصيرة
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 09-27-2007, 01:04 PM
  5. ما قصة طيور شلوى أو طير شلوى؟
    بواسطة بنان دركل في المنتدى فرسان العائلات العربية والتراث.
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 03-25-2007, 04:24 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •