المســبحة
فى فجر أحد الأيام عندما بدأ الليل في لملمة ثوبه الأسود الطويل , وبدأ النهار في الخروج من عملية الميلاد .
إستيقظ من نومه الهادئ العميق , إستعد للصلاة.. مد السجادة أمامه .. شعر بأن ذنوبه تتراكم تحته , أرادت أن ترتفع به وأراد أن يسحقها بقدمه , هذا الصراع يشعر به عند كل صلاة .
شعر بأنه ليس وحيدا ولكنه لم يهتم, دخل في الصلاة ولكن نفس الشعور ظل يحاصره .
أنهى صلاته وجلس على السجادة ممسكا بمسبحته منحنيا قليلا حتى يسمع صوت تلاقى حباتها معا .
كان يشعر بأن ذلك الصوت هو صوت تساقط ذنوبه ولهذا وقع جميل عليه.
راوده نفس الشعور مرة ثانية تخيل أن هناك شيء ما يقترب منه لم يستطع أن يحدد شكله أو حجمه , ولكنه فقط يشعر به .
لاح فى الأفق , هو غير محدد المعالم , يتشكل بأشكال كثيرة .
اقترب منه فشعر ببعض الاختناق لا يعرف سبب ضغطه الشديد على المسبحة ولكن كان يشعر أنها كل ما يملك , وأنها هدف هذا الشيء .
- إترك المسبحة !
سمعها ولكن دون أن يكون هناك صوت .
- لا .
قالها بصوت مرتعش .
شعر بأن هناك من يجذبها منه بعنف , فأحكم قبضته عليها وكأنها كل ما لديه .
- لو لم تتركها سأقتلك .
- افعل ما تشاء فهي أهم عندي من روحي .
أجابه بنفس الصوت المرتعش .
- شعر بأن هناك من يقبض على رقبته ويعتصرها بشدة وعنف , تذكر كل ما سمعه عن خروج الروح والألم الشديد الناتج عنها .
حاول أن يصرخ طلبا للغوث والمساعدة , ولكن صراخه كان بلا صوت !
كرر المحاولة ولكن صوته عانده .
- يا اللـــــــــــه .
ترددت فى المكان بصوت عالي جدا هز المكان واهتزت لها نفسه .
بدأت القبضة فى التراخى , فشعر بأن روحه تعود إليه شيئا فشيئا .
- يا اللــــــــــــه .
رددها هو تلك المرة . فتراخت القبضة تماما واختفى الشيء من أمامه .
شعر بارتياح تام , ترامى إلى أذنيه صوت سقوط إحدى الحبات على الأرض , فتح قبضة يده وجد المسبحة قد قطعت .
نظر إلى حباتها المبعثرة ما بين يده والأرض .
لملم الحبات التي اختلطت بدموعه في يده وضغط عليها بقوة شديدة , للحظات نظر إلي المدى الممتد أمامه محاولا إدراك الموقف .
وقف مرة ثانية شعر بأن لاشيء تحته , ابتسم في زهو وفتح يده ناظرا إلى المسبحة المنفرطة , قبض عليها بقوة أكبر , ودخل في الصلاة .
يحيي هاشم
4/10/2005