النملة لالا
قصة للأطفال
عادل سالم
أديب عربي مقيم في الولايات المتحدة
رئيس تحرير ديوان العرب
كانت النملة (لالا) تعيش مع أمها في أحد الجبال بعيدا عن الناس، والسكان حتى لا يدعسها أحد. قالت لها أمها في أحد الأيام:
- يا لالا اذهبي اليوم وابحثي عن أكل لنا، لكن لا تذهبي بعيدا حتى لا تضلي الطريق، مفهوم؟
قالت لالا:
- مفهوم يا أمي.
خرجت من البيت باتجاه الوادي تبحث شمالا ويمينا لعلها تعثر على حبة قمح تعود بها إلى البيت. لم تجد شيئا في الطريق، وكان عليها أن تعود حسب تعليمات أمها كي لا تضل الطريق. لكنها قالت لنفسها: «كيف أعود بلا أكل؟ يجب أن أواصل البحث».
واصلت السير حتى إلى قاع الوادي حيث نبع الماء، شربت وارتوت واستلقت تستريح، ولأنها كانت تعبة والطقس حار نامت. بعد فترة استيقظت على صوت بعض البنات جئن إلى النبع لجلب المياه.
خافت النملة فاختبأت خلف أحد الحجارة، اقتربت إحدى البنات ووضعت سلتها على الأرض، كان في السلة بعض الخبز والأكل. مشت النملة نحو السلة ودخلت إليها باحثة عن قطعة خبز صغيرة تنقلها إلى أمها. لكنها قبل أن تخرج من السل، فوجئت أن البنت تقف وتحمل السلة وتقرر العودة إلى البيت، لم تعرف النملة لماذا، لكنها لم تستطيع القفز من السلة حتى لا تموت. فظلت مختفية في السلة تنتظر اللحظة المناسبة للعودة.
قطعت البنت مسافة طويلة إلى بيتها، لا تعرف النملة أين، وكيف ستعود. وعندما وصلت البنت البيت ألقت بالسلة على الأرض وذهبت تخبر أمها عن رحلتها. خرجت النملة من مخبئها بالسلة وحاولت العودة لكنها لم تعرف في أي اتجاه تسير. صارت تبكي لكن دون جدوى فلم يسمعها احد، ولم ينتبه لها أحد وخافت بأن تضيع مرة أخرى فآثرت أن تظل قريبة من البيت الجديد للحصول على الغذاء من أصحاب البيت.
أم النملة (لالا) المسكينة، عندما لم تعد ابنتها بدأت بالبحث عنها فلم تجدها. فحاولت تتبع آثارها حتى وصلت النبع لكنها بعد ذلك لم تجد شيئا. حزنت الأم المسكينة على نملتها الصغيرة، وقالت: «الحق علي، أنا الذي أرسلتها. كان علي أن أذهب معها». وصارت تبكي وتنوح وتسأل كل النمل الذي تراه في الطريق عنها فلم يدلها أحد على مكانها. وبعد أن مرت الأيام دون أن تعود ابنتها، أيقنت أن ابنتها ماتت فأعلنت الحداد.
بعد شهر كانت النملة الأم مستلقية على فراشها، حزينة تتذكر ابنتها، سمعت وقوع خطوات نملة تدخل البيت فنادت: «من هناك؟» فلم يرد أحد. فنادت مرة أخرى: «من هناك؟ أن كنت لصا فليس عندي شئ تسرقه». فجأة رأت نملة تجر حبة قمح كبيرة تدخل البيت، فقامت من سريرها لتساعدها مستغربة، من ذلك الذي أحضر لها كل هذا الطعام؟ وما أن وصلت وألقت بنظرها على النملة حتى صاحت بأعلى صوتها: «ابنتي، لالا، حبيبتي»، وعانقتها، وقبلتها، ثم سألتها:
- كيف عدت؟ أين كنت كل هذه الفترة أخبريني؟
حدثت النملة أمها بما حصل معها. بعد أن وصلت النملة بيت البنت وضاعت عن البيت قررت أن تخطط لعودتها. وبعد تفكير طويل رأت أن أفضل طريقة للعودة هي أن تختبئ بالسلة وتنتظر اللحظة التي تذهب فيها البنت إلى النبع لتخرج من السلة وتعود إلى أمها.
لكن البنت لم تعد إلى نفس الجدول، وذهبت إلى نبع ثان. لذلك ظلت النملة في السلة تنتظر الرحلة القادمة حتى قررت البنت العودة إلى نفس النبع، قفزت النملة من السلة تحمل حبة القمح التي كانت قد خبأتها في طرف السلة دون أن يراها أحد. انبسطت الأم لحديث ابنتها، وقالت لها: «الحمد لله أنك عدت، من الآن وصاعدا لن تخرجي لوحدك، سأكون معك باستمرار».