أقف متأبطا قلما يعجز عن مسايرة خلقك وأدبك أخي وصديقي وقريبي وأستاذي الدكتور سلطان ولا أجد مفرا من الصمت إجلالا وتقديرا لقلم أنت آخذ بسنانه إلى قمة الأدب ، وبين يدي خيوط الشكر أغزلها وشاح تقدير لك ، والنص مكتملا أضعه بين يديك
ناطورها ثعلبها
خوضوا غمار الشمس لا تتعلقوا=بالحظِّ، ما كل الكواكب تُشرقُ
الخط أحمر والرصاص مخطط=والموت أعور، والردى يتزحلق
لا حمرة الطرقات تقمع خطوة=أو صفرة الأقدام رأيا تعتق
قيدي لو استقطعته لوجدت في=حلقاته رأيي السجين يحلق
أنا لا أجيد الرسم فوق مخدة=بأناملي نزواتها تتعلق
وحدود مملكتي تشابك بعضها=بأصابع للصبغ لا تتملق
دربي على عكازة رملية=يحبو ومصباحي القديم معوَّق
جودي علي بدمعتين حبيبتي=لأظل في عينيك وحدي أغرق
عيناك بحري لست أخشى موجة=بهما ألوذ وفي رموشك أعلق
أنا عاشق حد السجون وخلفه=قلبان نحن بحبنا نتعلق
لا تسرفي بالعطر واحترفي الشذى=فالطلُّ شاميٌّ وليلي أحمق
وأمامنا خيم وناي غارق=باليتم والأوتار لا تتصدق
إبليسُ مصرَ (البابوي ) بخطه=الشيخُ وثَّق، والبقية صدقوا
يا آية ما شبهت بصلاتنا=ودعاء مريم في يديك موثق
من ذا يواكب هجرتي وملامحي=بمهمة الوجع الموحد تخفق؟
وفمي برسم الانقلاب على يد=نعل التآمر ضد شعب تلعق
فإذا ابتُلِيْتُمْ بالظَّلام فيمِّمُوا=للنور أفئدةً ولا تتفرَّقوا
شِيَعاً يحاربُ بعضُها بعضاً على=ماذا جرى يا مصر كي يتفرَّقوا؟
بيروت محرقة الفضيلة والشذى=عطر عليه يدي العفيفة تشفق
لكن ضاحية الرذيلة أظهرت=أن العمامة للفواحش مفرق
هو مبدأ الماخور يفتح للزنا=بابا وأبواب العفاف يغلق
ويد اللقيط بمصر تحمد شهوة=بين السياسة والفجور تنسق
هل هذه مصر التي بلسانها=وطني الذي أبْجَدْتُ منها ينطق
***
حبوا على عكازتين إجابتي= تأتي وأسئلتي بدربي تعلق
من حبة المطر الصديقة للكرى=يصحو غد والضوء فيه محلق
فالبحرُ لا مَلِكٌ عليه إذا رأى=سفنَ اليتامى بالموانئِ تُخرَقُ
من ذا يمزِّقُ بالخرافةِ ربَّه=وكتابُه الوثنيُّ لا يتمزَّقُ؟
قلقُ الرَّبيعِ يُخِيطُ بعضَ ثيابِهِ=شوكٌ، وبردتُه عليه تَشَقَّقُ
فالقائمونُ على الدماء تخثَّرت=أيديهمو، وجروحنا تتَدَّفَقُ
شريان مصر من الشآم دماؤه=يجري، ومصر وريدنا المتدفق
والنيلُ ينبعُ من دمشقَ، وملتقى=بردى بمصرَ قصيدةٌ تترقرقُ
يا دورة العنقود تبدأ غيمةً=بكرومها عنبُ الشَّآمِ معتَّقُ
بيد العذارى فرحة خجلى، بها=كأس الدخول إلى الربيع موثق
عنقود ( داريَّا ) بآخر تهمة=نظراً لناطور الشآم، معلق
ماذا يرى النخل القديم إذا رأى=قوما على صلب المسيح تحلقوا؟
ق لا يرى الشبيح يحمل وردة=وبذا يفرط بالشذى المتذوق
أو ربما يجثو أمام إلهه=حجرا إلى أوثانه يتسلق
ويرى بأن الذل يعرف ذاته=فهو الذي في الاحتفال يصفق
أعناب ( مصر ) ترجلت، أم ثعلب=كل العناقيد البريئة يَسرق؟
يا نيل مصر، أرى الطحالب ترتدي=ثوبا جديدا بالعفونة ينطق
أو لست من غزل الصحارى نخلة=بظلالها الأفراح كانت تورق؟
ماذا دهاك وذي السدود تزاحمت=والغيم في لغة السنابل أزرق؟
انفض يديك من الحقول أو انتزع=من كف مريم شوكة تتعمق
ما الحل غير قميص يوسف عن دم=كذب، يحدثنا ( أبونا ) المشفق
ويعيب أن الذئب خالف غدره=وأتى بذنب بالإخاء يصدق
في مصر سبع سنابل وكواكب=ملأى بأخلاق، وحلمٌ مُغلَّقُ
والمعجزات بمصر تابوت به=موسى بعيني أمه يتحرَّقُ
ما مسها لغو الذين أجازهم=فرعون يوم أتوا بسحر يحرق
شرعية عرجاء تظهر إنما=إن خالفت دربا بساق تطبق
ما الأزهر الفني غير ربابة=بسياسة الوتر المعقد تنعق
لا طهر في تيس يعار لطالق=يوما يزوج عاهرا ويطلق
.....
يا بحر أوراقي تبَنَّتْ مرفأ=كفَّاي أرصفةٌ وحرفي زورق
بيع الرصيف ولم يزل لنوارسي=من كل قارعة التشرد مفرق
بجناح لاجئة وأنثى غادرت=طرطوس أسألها وأين المشرق؟
قدرا إلى عمان أحملني وذا=حظي على جمر المنافي يسلق
أنا يا شذى السور المقيمة في فمي=بشفاه قديس يداك أصدق
عن مصر قيدني الجناح وسربه=بدمي وربك يا حبيبة يخفق
يا قاطع القصب المحلى من يدي=فلاحة بالنيل كانت تفرق
ما كان يوجعني الرحيل ولا غدي= يا مصر في حزني الجريح يُحَدِّقُ
حتى أفقت على دم بصلاته=فجر بمسعور البنادق يزهق
وكأن طمي التيه أودع نزوة=بأصابع منها الثعالب تطرق
...
وجعي تعنس والجروح عقيمة=وفمي على ألمٍ فتيٍّ مطبقُ
ماذا يفيد البحث عن وطنيتي=وهويتي بين الخيام تمزق؟
قال اعملوا فالبحث أصبح جاريا=عن كذبة بالبرتقالة تلصق
لا تحنثوا بالباب خلف صريره=طفل إلى كشف الحقيقة يسبق
للخمر بيعت ثورة، وكنانة=يا مصر في سوق النخاسة تغرق؟
ما حكمة الناطور، والعنب استوى=شعرا، إذا ما غاب عنه المنطق ؟
لليل زفرته وشطحة خافقي=عشقا به صوفيتي تتعلق
البحث عني في يديك حبيبتي=أخشى الجريمة في يدي ستلصق
----
الكويت:٩/٧/٢٠١٣
يوم سفري للأردن