البحر البسيط
واستعمال زحافاته في حشو البيت الشعري
من قلم غالب أحمد الغول
&&&&&&&&&&&&&&
في حوار جرى بين شاعرين كان محور حديثهما حول التفعيلة المطوية ( مفتعِلن ) فالشاعر الأول أيدها في حشو البيت الشعري , والشاعر الثاني أنكرها ووصف البيت بأنه مكسور , قائلاً في البيت الأتي:
((والله سوف تعودين لأحضاني (
(( مستفعلن فعلن مفتعلن فعلن ))
سالم مخبون مطوي مخبون ))
قال في ذلك :
((في استعمال تعودين ( لغوياً ) صحيح , ولكنه يكسر البيت وزناً ويحتاج عندئذ إلى مد فتحة النون ليضبط الوزن أي يجب أن يكون (تعودينا)، وقد عدلته ( أي قام الشاعر بتعديلة ) تجنباً لكسر الوزن أو المد الذي يشوه اللفظ
الشطر : والله سوف تعودين لأحضاني ( مكسور إلا إذا مدت فتحة النون ألفاً ((
ولم يقدّم الشاعر أي دليل لنعرف كيف أن (الطي) في حشو البيت الشعري يجعل البيت مكسوراً , ولو وقف الأمر على ذلك لقلنا لا بأس , قد يتراجع الشاعر عن رأيه , ولكنه زاد الطين بلة عندما قال في حواره :
((على أية حال جواباً لما تفضلت به من جوازات التفعيلة مستفعلن في البحر البسيط فهي مقبولة في التفعيلة الأولى من الشطرين ولكنها غير مرغوبة في التفعيلة الثانية )))
عجباً لمثل هذه الأقوال , وما هو الدليل الإيقاعي لذلك المبرر ؟ لم يجب , وإنما أدلى بدلوه في ذكر رأيه بأن الطي ــ بحسب رأيه لا يجوز إلا في التفعيلة الأولى فقط .
لذلك أجبرني هذا الحوار , وبصفتي باحث عروضي , يتوجب عليّ أن أكتب بحثاً خاصاً لتعديل المفاهيم الخاطئة عند بعض الشعراء , لكي لا يحسبها الشعراء الباقون كما ذكر الشاعر المعارض .
إخواني الشعراء , فأقول:
إن الشاعر الماهر هو الذي يستعمل التفاعيل سالمة من الزحاف , وهنا يسلم من نقد النقاد , ولكن أنا أعتبر ذلك قسوة على لغتنا العربية التي هي لغة الشعر , وظلماً على الإيقاع الشعري الموسيقي الذي يستطيع علاج الزحافات والعلل موسيقياً لكي يأخذ الشاعر حريته في التعبير عن رأيه بكلمات متكافئة للزحافات , تيسيراً للشاعر وابتعاده عن التكلف.
ولما كان الخليل عنده دراية بموسيقى الشعر , لذلك عرف كيف يستعمل التفاعيل الشعرية بزحافاتها وعللها , وعرف أيضاً ملائمة الزحافات وقربها من التفعيلة الأساسية , كما عرف أيضاً بأن من مهام المنشد أو من مهام الموسيقار أن يعالج كل منهما ما يعتري التفعيلة من نقص , إما بمد الحركة , وإما بالسكتة بمقدار نصف وحدة موسيقية . من هنا نقول بأن الزحافات للتفعيلة مستفعلن وهي :
1 ــ مفتعلن ( المطوية ) : يجوز استعمالها في حشو البيت أينما وقعت , سواء كانت في أول البيت أم في وسطه , وللبرهنة على ذلك عروضياً ما جاء في كتاب الكافي للعروض والقوافي ص رقم ( 45 ) هذا البيت:
ارتحلوا غدوة ً وانطلقوا بَكَرا
........................ في زمرٍ منهمُ يتبعها زُمرً
زحاف التفاعيل:
مطوي /سالم/مطوي/ مخبون
أي أن الطي جاء في التفعيلتن الأولى والثالثة .
وهذا ما يؤكد خطأ شاعرنا الكريم في إصراره بعدم جواز الطي إلا في التفعيلة الأولى , هذا بعد أن أنكر صحتها في البيت وجعل البيت كله مكسوراً .
ولو صادف الشاعر وقرأ بيت الشعر الذي فيه التفعيلة ( المخبولة : فعِلتن ) لأنكر وجودها البتة , ومع أن هذه التفعيلة مكروهة الاستعمال لكثرة حركاتها , إلا أنه لا يمنعها مانع من تواجدها في البسيط أيضاً :
قال الشاعر ( الكافي ص 45 )
وزعموا أنه لقيهمْ رجلُ
................ فأخذوا ماله وضربوا عنقه
مخبول/ سالم / مخبول/ مخبون
إن المنشد الممارس للزحافات هو الوحيد الذي يستطيع معالجة النقص الحاصل للتفعيلة عند إنشادها .
أرجو أن أكون قد بينت بالشرح والأدلة والبراهين ما يتوق إليه الشعراء .
شكراً لكم وحياكم الله .
غالب الغول