أيها الحرف الهارب مني، قلِّد إرادتي سيوفا بلا أغماد
السيف الثامن.. الضَّبْع الرَّماَّم..
رأيت بعرةً دلَّتني على البعير
وآثارَ قدمٍ دلَّتني على المسير
رأيت أبراجا في سماءٍ
وأمواجا في بحارٍ
دَّلتني على الرَّبِّ القدير
رأيت آثارَ عُكاَّزٍ
فقلت حتما
مرَّ من هنا ضرير
وبقايا عظمٍ وأشلاءَ لحمٍ
فقلتُ
سبقني إلى الطعام ذئبٌ حقير
لكني لما رأيتُ كَلِما يَساَّقَطُ فوق رأسي
من فضاء الأثير
وجَعْجَعَ صوت يَصُمُّ سمعي كالزئير
قادما من كلِّ حدبٍ صوْبَ فرضِ النفير
لحاقا بالخفير والسفير والوزير
قلت سائلا
إلى أين العزمُ وما دربُ المسير؟!
ما أراني ألحظُ البعرةَ ولا بُرجَ السَّما
لا، ولا موجَ البحر
ولا دودَ قزٍّ كشفَه الحرير
في أول الدَّرب سوطُ خفير
وهراوةٌ وبسطارُ حمايةٍ للوزير
وفي قُبَّةٍ عبدليَّة
يصول ويجول لربِّ الفساد
خمسون ومائةُ سفير
وهناك في آخر الدَّرب
رأيتُ ضبعا رماما
فوق أرواحنا استوى
ومن دمانا شبِعَ وارتوى
لراحته، يلسعنا سوطُ الخفير
ولأجل تُخْمَتِه، يدوسنا بسطارُ الوزير
بصكِّ غفرانٍ، يجود به ذا وذاك السفير
هل غمَّ عليكم ضبابُ الدَّرب يا دعاة النفير
فخِلْتم خفيرا ووزيرا وسفيرا أُسَّ البلا
وتركتم جُرمَ مُلْكٍ وفُجْرَ أمير
ما زال دربُكم بلا رايةٍ أو سارية
وصارِي السفينِ في مهبِّ الصَّرير
أفيقوا واجعلوا لسيركم أدِلَّة
إن كنتم من الطريق في غِرَّة
فبَوْصِلُوا البَدْءَ لترصُدوا خَتْمَ المسير
فجدُّ هذا الغِرِّ كان للكُهْنِ أولَّ سفير
فاتحا صنبورَ الشرِّ والبلا
بخلَفٍ له غدا للبغي سيدا وخفير
فكان حساءً للشرِّ عافَه إبليس وقلا
كالَ الطعنَ في القلب تلوَ الطَّعنِ خريفا وشتاءً وربيعا
وذاتَ صيفٍ قفير
فجاء السِّبْطُ يشهق الزورَ
ويقيئُ الشَّرَّ وبُغضَنا في كلِّ زفير
دمكم هناك
هواؤكم هناك
أقواتكم هناك
حقكم هناك
حيث روائح العهر والسلب والنهب
في بقايا وطنٍ
حوله الضبعُ إلى أشلاءِ سرير