التطرّف الديني وبروز الإرهاب الصهيوني والتكفيري
1-2
د. غازي حسين
المقدمة:
الإرهاب هو استخدام العنف لإلحاق أفدح الأضرار البشرية والمادية ، بهدف التخويف وإملاء الشروط وكسر الإرادات ، وهو شكل من أشكال العنف وليس كل عنف إرهاباً ، ولكن كل أشكال الإرهاب عنف ، وذلك للتفريق بين الإرهاب والمقاومة لإدانة الإرهاب ومحاربته ودعم المقاومة والاعتراف بشرعيتها باعتبارها الخيار الاستراتيجي لقلع الاحتلال الذي يجسد ذروة الإرهاب وللقضاء على الإرهاب التكفيري، وأصبح الإرهاب ظاهرة عالمية نتيجة الاستعمار الاستيطاني والأنظمة العنصرية والإرهابية وفقدان العدالة واستمرار الاحتلال ونشر الفكر الصهيوني والتكفيري، ويواجه العالم شكلين من أشكال الإرهاب الدولي ، ويتمثّل الأول في إرهاب الأقوياء الذي تمثله أمريكا وإسرائيل ، والثاني هو الإرهاب التكفيري الذي يفتك بالعرب والمسلمين وجميع الشعوب في العالم .
ينشأ الإرهاب من طبيعة الأنظمة والحركات الاستعمارية والعنصرية والاستبدادية والفاشية ومن التطرّف الديني والفكر الصهيوني والتكفيري ، ويعتبر الإرهاب آفة خطيرة تعرقل تحقيق السلام العادل في العالم ، ويهدد الإرهاب جميع الشعوب والأمم والأعراق والديانات والثقافات في العالم ، ويشغل الإرهاب حيزاً كبيراً من اهتمام قادة الفكر والسياسة وفقهاء القانون الدولي العالمي الجنائي والإنساني والنخب الثقافية في جميع أنحاء العالم .
الإرهاب ظاهرة عالمية مصدرها الظلم والاحتلال والعنصرية ، وأدى التطرّف الديني إلى وقوع تفجيرات أيلول 2001 وإعلان الرئيس الأمريكي بوش الحرب الصليبية على العرب والمسلمين ، وإشعال الحروب الأمريكية على أفغانستان والصومال والعراق ، وهو عمل وحشي غير إنساني وكارثة عظمى للبشرية ، ويعارضه جميع العقلاء والمسيحية والإسلام الأصيل .
والمشكلة الأولى التي خدمت الإرهاب على الصعيدين الإقليمي والدولي هي عدم وجود تعريف دولي دقيق له وعدم تطبيق حل عادل لقضية فلسطين وعودة اللاجئين إلى ديارهم .
ويعيش العالم اليوم تداعيات الإرهاب الصهيوني والتكفيري والإرهاب الغربي مجسداً بإرهاب الامبريالية الأمريكية المتحالفة مع الصهيونية العالمية .
ويشكل الإرهاب الصهيوني والتكفيري وجهان لعملة واحدة فكل ما يفعله داعش والنصرة والمجموعات التكفيرية الأخرى صبّت في مصلحة إسرائيل بإضعاف الجيوش في سورية والعراق ومصر وليبيا ، وتغييب قضية فلسطين ، وإقامة تحالفات أمنية وتجارية بينها وبين دول الخليج والمملكة الهاشمية ، وهرولة معظم دول الجامعة العربية لتطبيع العلاقات مع العدو الإسرائيلي .
ويصبّ أيضاً في إضعاف المجتمعات العربية والعيش المشترك فيها ووضع المقاومة الإسلامية على قائمة الإرهاب ومنع السلاح والمال والإعلام عن المقاومة الفلسطينية .
وأدت ظاهرة انتشار الإرهاب التكفيري إلى وصول الوضعين الفلسطيني والعربي إلى أردأ أحوالهما ، وتصاعد عنجهية ووحشية وهمجية إسرائيل إذ عقد مجرم الحرب نتنياهو في /17نيسان / 2016 أول جلسة لمجلس وزراء العدو في الجولان السوري المحتل ، وأعلن فيها أن إسرائيل لن تنسحب أبداً من الجولان متحديّاً بذلك قرارات مجلس الأمن الدولي وجامعة الدول العربية ومنظمة مؤتمر القمة الإسلامي ومبادئ القانون الدولي .
وظهر بجلاء أن الدول الغربية تستثمر الإرهاب لخدمة مصالحها ومصالح إسرائيل لاستنزاف الثروات الطبيعية ، وتفتيت دول المنطقة وتقوية إسرائيل وتصفية قضية فلسطين ، فالتدخل الخارجي وبشكل خاص الأمريكي والإسرائيلي في شؤون بلدان المنطقة ساعد على انتشار ظاهرة الإرهاب، وتتحمّل واشنطن مسؤولية تمدد داعش في سورية والعراق ، حيث استغلت داعش والنصرة كأدوات للنيل من سورية" ، ويمكن القول أن الدول الغربية تتحالف مع الإرهاب في سورية وتتخذ منه موقف العداء عند العودة والارتداد عليها .
وبالتالي فإن إدارة أوباما تتحمل مسؤولية تمدد إرهاب داعش في سورية والعراق ، وأدى تدخل الناتو في ليبيا إلى تدمير القيادة والجيش الوطني فيها ومنجزات الدولة الوطنية ، ونهب أموالها والنفط فيها ، وإلى انتشار الإرهاب ، وخطر تفتيتها إلى عدة دويلات ، فالمنطقة تواجه عدوين أساسين ( الإرهاب الإسرائيلي والتكفيري ) .
إن الإرهاب صناعة الاستعمار والصهيونية والمجموعات التكفيرية والأنظمة الاستبدادية ، بدأ في منطقة الشرق الأوسط مع إرهاب العصابات اليهودية الإرهابية المسلحة في الثلاثينيات من القرن العشرين ، واستمر إرهاب دولة إسرائيل وعنصريتها والنكبة والهولوكوست المستمرين على الشعب الفلسطيني .
وتصاعد في المنطقة من خلال الإرهاب الوهابي التكفيري وبقية الحركات التكفيرية ، وبدعم أموال وأسلحة السعودية وبقية دول الخليج ، وتصاعد في مرحلة ماسُمي بالربيع العربي وتمويل دول الخليج للإخوان المسلمين وفوزهم في الانتخابات في مصر وتونس والمغرب ، ومع بدء تصاعد عصر الإخوان بالتفاهمات التي وقعتها هيلاري كلينتون معهم في القاهرة لإبعادهم عن قضية فلسطين واستمرار التزامهم باتفاقات الإذعان في كامب ديفيد .
ينطلق إرهاب وعنصرية الصهيونية (الإرهاب الصهيوني) من التعاليم والممارسات التي رسّخها كتبة التوراة والتلمود والمؤسسون الصهاينة والعصابات الإرهابية اليهودية المسلحة و (الكيان الصهيوني ) ، وبالتالي تعود جذور الإرهاب الصهيوني إلى التوراة والتلمود والإيديولوجية الصهيونية ، وهي المنطلق للإرهاب والإبادة الجماعية والاستعمار الاستيطاني والعنصرية والتطهير العرقي والحروب العدوانية التي أشعلتها وتشعلها إسرائيل على فلسطين وسورية ولبنان ومصر.
الارهاب الصهيوني
تبلور الإرهاب الصهيوني في المقررات والمخططات التي اتخذتها المؤتمرات الصهيونية والحكومات الإسرائيلية لإقامة إسرائيل الكبرى الجغرافية أو إسرائيل العظمى الاقتصادية بإثارة النعرات الطائفية والمذهبية والعرقية لتفتيت البلدان العربية وإعادة تركيبها من خلال مشروع الشرق الأوسط الجديد .
تحرّض التوراة والتلمود والصهيونية والكيان الصهيوني على القتل والإبادة الجماعية لغير اليهود لإلقاء الخوف والرعب في نفوس الكنعانيين ( أي العرب ) لكي يتركوا أرضهم وممتلكاتهم تحت وطأة الإرهاب وسفك الدماء ويرحلوا ليحل اليهود محلهم من جميع أنحاء العالم .
وتمتلئ التوراة والتلمود والأيديولوجية الصهيونية والقوانين الإسرائيلية بالتحريض على إشعال الحروب وسفك الدماء وعلى السلب والنهب والتدمير وسياسة الأرض المحروقة وبث الكراهية والبغضاء وإثارة الفتن بين الشعوب والأمم غير اليهودية تماماً كما تفعل إسرائيل ويفعل الجيش الإسرائيلي والموساد وقطعان المستعمرين اليهود في فلسطين والجولان وجنوب لبنان .
ينطلق الإرهاب الصهيوني من التعاليم التوراتية والتلمودية بالدرجة الأولى ومن الأيديولوجية والمنظمات الصهيونية والحركات العنصرية والاستعمارية التي ظهرت في أوروبا وتأثر بها المؤسسون الصهاينة، وبالتالي يستند الإرهاب الصهيوني إلى مصدرين أساسين :
الأول :الأوامر والنواهي والتقنينات والقصص الواردة في التوراة والتلمود وبشكل خاص سفر يوشع ، مصدر الإرهاب اليهودي والإرهاب الذي تمارسه إسرائيل .
الثاني : التراث العنصري والاستعماري الذي تأثر به المؤسسون الصهاينة في أوروبا ولحل المسألة اليهودية فيها على حساب الشعب العربي الفلسطيني والأمة العربية .
جاء تيودور هرتسل مؤسس الحركة الصهيونية ورسخ مقولة ( القوة فوق الحق ) في الأيديولوجية الصهيونية وفي كتابه (دولة اليهود) لإقامة دولة عنصرية واستعمارية كأكبر غيتو يهودي استعماري وعنصري وإرهابي في فلسطين قلب الوطن العربي ، وعبأ اليهود بالحقد والكراهية على غير اليهود ، وأرسى في صلب الأيديولوجية الصهيونية استخدام القوة والإرهاب والاستعمار الاستيطاني والعنصرية لتهويد فلسطين العربية ، ووضع صديقه آحاد عام بروتوكولات حكماء صهيون ، وأقرها المؤتمر الصهيوني الأول في بازل كقرارات سرية .
اعتبر تيودور هرتسل مؤسس الحركة الصهيونية أن اللاسامية حركة مفيدة للصهيونية ، وتعاون مع اللاساميين في روسيا القيصرية وبشكل خاص وزير الداخلية فيها بليفي لمنع اندماج اليهود والتخلص منهم بتهجيرهم إلى فلسطين ، وتعاونت الوكالة اليهودية مع ألمانيا النازية ووقعت معها اتفاقية هافارا لتحقيق الهدف المشترك بين النازية والصهيونية وهو تنظيف ألمانيا وأوروبا من اليهود وترحيلهم إلى فلسطين وإقامة إسرائيل فيها كحل للمسألة اليهودية في أوروبا وعلى حساب الشعب الفلسطيني والأمة العربية .
وتعاونت عصابة إتسل اليهودية الإرهابية المسلحة قبل الحرب العالمية الثانية مع القادة اللاساميين في الجيش البولندي لتدريب أعضائها ، وتعاون حاييم وايزمان زعيم المنظمة الصهيونية العالمية والإرهابي جابوتنسكي مع موسوليني والفاشية الإيطالية لتدريب أعضاء من منظمة بيطار الإرهابية على التجربة في إيطاليا ، ومن المعروف عن اللورد آرثر بلفور الذي منح اللورد روتشيلد الوعد المشؤوم أنه كان من كبار اللاساميين في الوقت نفسه كان صهيونياً .
ويعتبر العديد من الصهاينة أن كارل ماركس كان لاسامياً لأنه وضع كتاب " المسألة اليهودية " وأكّد فيه أنّ حب الذهب والمال هو الدين الحقيقي لليهودي .
ويؤمن الفكر الصهيوني بأن القوة فوق الحق وهي التي تصنع الحق الناتج عن استخدام القوة والاغتصاب والاحتلال والتهويد ، والحق دائماً مع إسرائيل لأن اللوبيات اليهودية ويهويد الإدارات الأمريكية والرؤساء في البيت الأبيض وبقية الدول الغربية وضعوا إسرائيل فوق ميثاق الأمم المتحدة وفوق مبادئ القانون الدولي العام والقانون الدولي الإنساني ، فالحقوق المدنية والإنسانية والأرض والمياه والامتيازات كلها لليهود الدخلاء على فلسطين والغرباء عنها والذين جاءوا من وراء البحار ، واستغلوا معزوفتي اللاسامية والهولوكوست والتعاون مع الاستعمار وألمانيا النازية لتهجير اليهود إلى فلسطين وترحيل العرب منها ، وأقاموا إسرائيل كمركز لليهودية العالمية والإمبريالية الأمريكية وكأكبر غيتو يهودي استعماري وعنصري وإرهابي في قلب المنطقة العربية الإسلامية .
فالمستعمر اليهودي الذي تجلبه المنظمات الصهيونية وإسرائيل وبدعم من الولايات المتحدة وألمانيا وبقية الدول الغربية يصادر أرضي ودراي ومقدساتي بالقوة والإرهاب ، وله الحق أن يفعل ما يشاء بشعبي ويسكن حيث يشاء في فلسطين وعليّ الخروج منها لكي تصبح الوطن القومي لجميع اليهود في العالم ، فأي عقل وأي منطق وأي إنسان يقبل بهذا الظلم الجائر غير المسبوق في التاريخ البشري ؟؟!! .
هذا الظلم الجائر المخالف لأبسط مبادئ القانون الدولي الإنساني هو الذي أدّى إلى اندلاع الانتفاضات والمقاومة الفلسطينية واللبنانية المعاصرتين .
وكانت العصابات اليهودية الإرهابية المسلحة : الهاغانا وشتيرن والأرغون والبالماخ أول من قام باستخدام البراميل والسيارات المفخخة في الثلاثينات والأربعينات من القرن الماضي بالمتاجر وأسواق الخضار في حيفا ويافا والقدس .
إن الإرهاب اليهودي لم يأت كردة فعل على " إرهاب عربي " وإنما يعود إلى جذور دينية وأيديولوجية مغرقة في القديم من التاريخ اليهودي ، وهو أقدم أنواع الإرهاب وأخطره في التاريخ البشري ، ورفعه كتبة التوراة والتلمود والحاخامات والمؤسسون الصهاينة وقادة إسرائيل إلى مرتبة القداسة الدينية وجوهر الأيديولوجية الصهيونية وإلى مخططات وممارسات وقوانين وضعتها إسرائيل ، ورسخوا استخدام الإرهاب لإبادة العرب الفلسطينيين وترحيلهم خارج وطنهم لزرع المستعمرين اليهود فيها .
ويعتبر الفكر الصهيوني أن اليهود هم أبناء شعب الله المختار ، ويعمل الكيان الصهيوني على استخدام القوة لتجريد الشعب الفلسطيني من مقومات الحياة كالأرض والحقوق والمياه والثروات وحق المواطن الفلسطيني في وطنه ، وحتى من ذكريات الماضي والحاضر والاستقرار والتنمية والتطوير ، ووضعت إسرائيل الشعب الفلسطيني في أكبر معسكر اعتقال نازي في تاريخ البشرية من خلال العقوبات الجماعية والحصار والحواجز وإغلاق المعابر وأسوأ من معسكرات الاعتقال إبّان العهد النازي في ألمانيا .
وتستهدف الأعمال الإرهابية الصهيونية تخويف المواطنين العرب وكسر إرادة القيادات الفلسطينية والعربية باستخدام القوة وإشعال الحروب وارتكاب المجازر الجماعية والإغارة على بعض العواصم العربية، وذلك لفرض المخططات والإملاءات الصهيونية عليهم لتصفية حق عودة اللاجئين إلى ديارهم وفرض الحل الصهيوني للقضية وإنهاء الصراع العربي – الصهيوني وإقامة شراكة أمنية بين إسرائيل وآل سعود وبقية الممالك والإمارات التي أقامتها بريطانيا وتحميها الولايات المتحدة الأمريكية وترضى عنها الصهيونية العالمية .
ويفتي رجال الدين اليهودي بممارسة الإرهاب تجاه العرب وإبادتهم بالصواريخ واغتصاب أراضيهم ومنازلهم ومقدساتهم ويصفون العرب بالأفاعي والصراصير والأشرار .
وأكّد المؤسسون الصهاينة على دور الإرهاب في تأسيس إسرائيل فقال فلاديمير جابوتنسكي (( إن اليهود لن يتوصلوا إلى إنشاء دولة دون اللجوء إلى الإرهاب )) ووصف السفاح بيغن الفدائيين بالحيوانات المفترسة التي تسير على قدمين وطالب بقتلهم والتخلص منهم .
وأعلن الحاخام عوفيديا يوسيف أنه ( يجب قصف العرب بالصواريخ لإبادتهم ومحوهم عن وجه الأرض ) .
وأفتى الحاخام دايفيد كفتس بقتل العرب قائلاً : (( إن قتل العرب لا يشكّل مشكلة أخلاقية )) وقام أحد الحاخامات وأولاده الثلاثة بحرق الفتى المقدسي محمد أبو خضير حيّاً في صيف 2014 ، كما قام المستعمرون اليهود بحرق عائلة دوابشة وهم أحياء ( الوالد والوالدة والرضيع في عام 2015 ) .
ويقوم الجيش الإسرائيلي بالإعدامات الميدانية لشباب وشابات الانتفاضة الثالثة واغتيال قادة المقاومة، مما يجعل الجيش الإسرائيلي من أخطر الجيوش في العالم وأكثرها وحشية وهمجية .
كان الإرهاب اليهودي ولا يزال من أهم المرتكزات الأساسية لإقامة إسرائيل وتوسيع حدودها وإنجاح المشروع الصهيوني ، وكان لا يزال إرهاباً دينياً وأيديولوجياً وسياسياً مبرمجاً ومخططاً طبّقته ومارسته المنظمات اليهودية الإرهابية المسلحة والصهيونية التي استغلت معزوفتي الهولوكوست النازي واللاسامية لحل المسألة اليهودية ولإقامة دولة إسرائيل وتبرير الهولوكوست الإسرائيلي على الشعب العربي الفلسطيني .
وأدى ارتكاب/74/ مجزرة جماعية على غرار مجزرة دير ياسين في الشهور الخمسة الأولى من عام 1948 الوصول إلى نقطة تحوّل بتسخير الإرهاب الصهيوني لترحيل الفلسطينيين من ديارهم وإحلال المستعمرين اليهود محلهم ، وبروز نكبة فلسطين المستمرة حتى الوقت الحاضر .
واعترف اسحق شامير رئيس وزراء إسرائيل الأسبق إبّان انعقاد مؤتمر مدريد للسلام عام 1991 بدور الإرهاب اليهودي في إقامة إسرائيل قائلاً : (( سموني إرهابياً ، سموني وطنياً ، لولا الإرهاب لما قامت إسرائيل )) .
وورث الجيش الإسرائيلي أساليب وتجارب المنظمات اليهودية الإرهابية وأساليب ألمانيا النازية في اضطهاد المعادين لها لإرهاب العرب وقتلهم ، وأصبح قادة المنظمات اليهودية رؤساء وزارات ووزراء وقادة في الجيش والمجتمع بعد تأسيس إسرائيل ، وتابعت إسرائيل ارتكاب إرهاب الدولة الرسمي المنظّم والمخطط سرّاً وعلانية وبدعم وتأييد كاملين من الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي .
وتطبق الحكومات الإسرائيلية إشعال الحروب العدوانية وارتكاب المجازر الجماعية والإرهاب والعنصرية والاستعمار الاستيطاني كسياسة رسمية ، مما يقود إلى التوتر وعدم الاستقرار والفوضى الهدّامة وعرقلة التطور والازدهار في المنطقة ، وانتشار الإرهاب فيها وفي العالم .
إن وجود الظلم الناتج عن النكبة المستمرة والحروب والاستعمار الاستيطاني والاحتلال والعنصرية والإرهاب الصهيوني وتهويد القدس وبقية فلسطين وتهجير اليهود إليها وترحيل الفلسطينيين منها أدى إلى إرساء الرعب والكراهية واستخدام العنف أي المقاومة للتخلص من الاحتلال ومصادرة الأراضي والثروات الفلسطينية وإحقاق مبدائ الحق والعدالة والإنصاف والحقوق الفلسطينية المغتصبة .
التطرّف الديني والإرهاب التكفيري 2 -2
د.غازي حسين
ظهر الإرهاب التكفيري بشكل قوي بعد تفجيرات 11 أيلول 2001 وخاصة بعد الحرب الصليبية التي أعلنها الرئيس الأمريكي بوش على الإسلام باسم مكافحة الإرهاب ، وأدى إرهاب الدولة الأمريكي إلى الحروب التي أشعلتها الولايات المتحدة على أفغانستان والعراق وحلف الناتو على ليبيا وإلى انتشار الإرهاب في معظم بلدان العالم ، ويستهدف القيم والحضارة التي جسدتها الأمة عبر تاريخها والجيوش الوطنية التي تدافع عن استقلال ووحدة وسيادة بلدانها .
ظهر الفكر الوهابي التكفيري في السعودية قبل اكتشاف النفط فيها ، وانتشر في شبه الجزيرة العربية وبقية البلدان العربية والإسلامية بدعم من آل سعود بعد اكتشافه جرّاء الأموال الطائلة التي كانوا يبذلونها لشراء رجال الدين من السنة والسياسيين والصحف والمجلات والمنظمات الخيرية .
وأسست السعودية الجوامع والمدارس في باكستان وأفغانستان ، وجمعيات دينية وخيرية متطرفة في مختلف بلدان العالم ، ومع أن المجتمعين الباكستاني والأفغاني متدينان ومحافظان أساساً ، إلا أنه لم يكن للتطرّف والكراهية والعنف والتكفير أي وجود فيهما ، واتصفا بالتعايش السلمي بين الطوائف والمذاهب المختلفة .
وأدى دخول الفكر الوهابي التكفيري إليهما من خلال رجال الدين وأموال النفط لنشر النفوذ السعودي إلى اندلاع الصراعات والحروب والاغتيالات وعدم الاستقرار في البلدين منذ عقود وحتى اليوم .
وظهر بجلاء أن النظام السعودي لم يقدم أية قيمة صحيحة أو جديدة للدين الإسلامي والفكر الإنساني ، ولا يملك ثقافة متسامحة ، وإنما نشر الأفكار والتقاليد والعادات التكفيرية ، ودعم ويدعم الإرهاب الوهابي التكفيري والمجموعات التكفيرية الأخرى في سورية والعراق وليبيا ومصر .
واستغل الإسلام لتحقيق أهدافه وخدمة المخططات والمصالح الأمريكية والأوروبية والصهيونية العالمية وتهويد فلسطين ضماناً لاستمرار حكم آل سعود ، وحماية مملكتهم من شعبها العربي الأبي .
ويؤكّد المسلمون وغيرهم أن الفكر الوهابي التكفيري لا يمت إلى الإسلام الصحيح بصلة، وأن المستفيد الأول منه هو العدو الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية والدول العربية والإسلامية المستبدة التابعة للسعودية من خلال نشر الفتن الطائفية والمذهبية والعرقية والفوضى وعدم الاستقرار وتشكيل الأحلاف العسكرية ، وأصبحت الأيديولوجية الوهابية العامل الأساسي في إنتاج ظاهرة التكفير المعاصر في البلدان العربية والإسلامية وفي أوساط المجموعات الإسلامية في جميع أنحاء العالم .
إن الإرهاب من المنظور الإسلامي مرفوض ، فالمسلمون يؤمنون بأن من قتل نفساً من دون ذنب فكأنما قتل الناس جميعاً ، ويهدف الإرهاب إلى القتل وسفك الدماء والتدمير وفرض السيطرة والحيلولة دون التطور والتحديث .
ربطت الوهابية الدين بالسياسة والمال النفطي والتبعية لأمريكا وإرضاء الصهيونية العالمية وإسرائيل ، وارتبط التحالف الوثيق بين النظام السعودي والاستعمار البريطاني والإمبريالية الأمريكية والصهيونية العالمية لمواجهة حقوق ومصالح شعوب المنطقة وفي مقدمتها الحقوق الوطنية الثابتة غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني ، وشكّلت مملكة آل سعود العديد من المجموعات التكفيرية المتشددة للقيام بعمليات إرهابية في المجتمعات كافة لتصفية قضية فلسطين ولقيادة الوطن العربي إلى التبعية للولايات المتحدة والصهيونية العالمية .
وكان الثمن التاريخي الذي قدمته السعودية لأمريكا والصهيونية هو الموافقة عل تهويد فلسطين ، ووصل الدور السعودي التخريبي ذروته بإرسال المجموعات التكفيرية الإرهابية إلى سورية والعراق والتدخل العسكري في البحرين ، وإشعال الحرب العدوانية على اليمن وإدانة المقاومة الفلسطينية واللبنانية ونعتها بالإرهاب ، ومحاولة إضعاف محور المقاومة واستبدال العدو الإسرائيلي بإيران الصديقة ، وإقامة شراكة أمنية وسياسية مع إسرائيل ضدها ، وشراء جامعة الدول العربية لقيادة النظام العربي والموافقة على الحل الصهيوني لقضية فلسطين .
تأسست السعودية لقاء التزامها بالموافقة على الهجرة اليهودية إلى فلسطين وإقامة إسرائيل فيها تنفيذاً للوثيقة التي كتبها السلطان عبد العزيز بخط يده عام 1953 وتعهّد فيها بإعطاء فلسطين للمساكين اليهود إرضاء لبريطانيا التي لا يخرج عن طاعتها حتى يوم القيامة ، وتنفيذاً للمعاهدة التي وقعها مؤسس المملكة نفسه مع الرئيس الأمريكي روزفيلت على متن البارجة كوينسي عام 1945 ونصّت على ( حماية المملكة من شعبها مقابل تدفق النفط السعودي وبيعه بالدولار إلى العالم الصناعي بالكميات والأسعار التي تحددها الإدارة الأمريكية ) .
يعطّل الفكر الوهابي التكفيري الذي نشرته السعودية التسامح والرحمة ويستبدلها بتفسيرات متطرفة ووحشية لا يعرف الإسلام لها مثيلاً ، ويعطّل العقل ويشلّه ، ويدمن حامله على القتل والذبح والتفجير وسفك الدماء ، ويناهض فكرة الوطن والحدود ، ويتبنى فكرة دولة الخلافة الإسلامية والقاعدة وداعش والنصرة ، وذلك تبريراً للاعتراف بيهودية الدولة .
وينظر إلى المواطن الذي ينتمي إلى طائفة أخرى أو يعتنق ديانة أخرى أن لا حرمة لدمه وأملاكه ، مما يقوّض العيش المشترك واللحمة الوطنية والنسيج الاجتماعي في المجتمعات العربية ويفتح الأبواب على مصراعيها للفتن الطائفية والمذهبية والعرقية ، كما حدث بإعدام الشيخ نمر النمر في 02/01/2016 ، ومعاد لمفهوم الدولة الوطنية والتيارات الوطنية والقومية واليسارية والإسلام المقاوم ، ولا يكترث بالجهاد في فلسطين لتحرير القدس والمسجد الأقصى المبارك.
نشرت صحيفة الأيندبندت في 6 كانون الأول 2015 تقريراً عن محاضرة ألقاها الرئيس السابق للمخابرات البريطانية ريتشارد ديرلوف قال فيها : أن السعودية ساعدت داعش شمال العراق باعتبار ذلك جزءاً من عمليات أوسع لإبادة الشيعة وتحويل حياتهم إلى مايشبه حياة اليهود في ظل النازيين الألمان ، وأن رئيس الاستخبارات السعودية بندر بن سلطان أبلغه قبل عملية 11 أيلول 2001 في نيويورك حرفياً بأنه لن يكون ذلك اليوم بعيداً في الشرق الأوسط حين سيتولى مليار سني أمر الشيعة في إشارة إلى إبادتهم .
وأكّد ديرلوف أن السعودية ساعدت داعش في الاستيلاء على نينوى والموصل وقال : ( لا شكّ أن تمويلاً هائلاً ومتواصلاً لداعش من السعودية وقطر قد لعب دوراً محورياً في استيلائها على المناطق في العراق .
وأكّد أن السعوديين يقمعون الجهاديين في الداخل ، لكنهم يشجعونهم ويوجهونهم على العمل في الخارج لا سيّما قتل الشيعة استناداً على العقيدة الوهابية ، وأضاف كيرلوف أن حملة السعودية ضد القاعدة كانت بسبب أنشطة هذه الأخيرة داخل السعودية وليس لأنها تمارس الإرهاب في الخارج .
وأثبتت وثائق ويكيليكس وجود خطة أمريكية منذ كانون الأول 2006 أي بعد حرب تموز الإسرائيلية على لبنان لزعزعة الاستقرار في سورية ، والعمل على تقويض حكم الرئيس بشار الأسد ، وتضمنت الوثيقة الأمريكية عن انزعاج أمريكي من استقرار الحكم في سورية ومن أنّ الرئيس بشار الأسد بات أقوى مما كان عليه قبل سنين ، وبحسب الوثيقة كانت أمريكا تهدف من غزو العراق تقويض النظامين السوري والإيراني وحزب الله ، وقررت الإدارة الأمريكية استغلال اغتيال الحريري والتحقيق والمحاكمة وخلقت عميلها الألماني ميلتس للقيام بهذا الدور وانكشف أمره وانفضح سرّه ، وتضمنت الوثيقة تأجيج الصراع المذهبي في سورية .
وجاء ماسُمي بالربيع العربي لنشر الفوضى الخلّاقة التي بشّرت بها كوندليسا رايس والحرب الكونية على سورية وإشعال الفتن الطائفية والمذهبية والعرقية في المنطقة لتحقيق مخططات التفتيت الاستعمارية والصهيونية والرجعية ، للقضاء على الوحدة العربية وعلى دور العرب في العصر الحديث وعلى قومية المواجهة في الصراع العربي الصهيوني وتصفية قضية فلسطين .
واعتمدت الولايات المتحدة على اتباعها من الملوك والأمراء في الخليج وتدريب وتسليح المجموعات الإرهابية الوهابية والتكفيرية الأخرى وإرسالهم إلى سورية ، وظهران ما سُمي بالربيع العربي كان ربيع داعش والنصرة والمجموعات الصهيونية والتكفيرية الأخرى ، والابتعاد عن قضية فلسطين وجعلها نسياً منسيا والالتزام باتفاقات الإذعان في كامب ديفيد وأوسلو ووادي عربة ، وكان هدفه إحياء مشروع جماعة الإخوان المسلمين في جميع البلدان العربية وتركيع مصر أكثر والإطاحة بالنظامين في سورية وليبيا .
وترمي واشنطن تحقيق الأهداف التالية :
أولاً : تدمير الدولة السورية وجيشها والقضاء على منجزاتها ودورها في دعم حركات المقاومة وقضية فلسطين القضية المركزية لسورية والأمة العربية والإطاحة برئيسها المنتخب لتغيير نهجها الوطني .
ثانياً : إضعاف روسيا وإخراجها من الشرق الأوسط وتوجيه المجموعات التكفيرية الإرهابية للعمل داخل روسيا الاتحادية .
ثالثاً : إضعاف إيران ومنعها من دعم المقاومة الفلسطينية واللبنانية والدولة السورية .
وأظهرت الأحداث صدق ووفاء إيران وروسيا في الدفاع عن الدولة السورية وساعد الدعم الإيراني والتدخل العسكري الروسي الجيش العربي السوري بالمحافظة على وحدة سورية أرضاً وشعباً ومواجهة الإرهاب التكفيري .
وتبين مما يجري في سورية أن الإرهاب ظاهرة عالمية تديرها الولايات المتحدة الأمريكية ويمولها أتباعها من آل سعود وثاني ونهيان ، وأن الإرهاب التكفيري والإرهاب الصهيوني وجهان لعملة واحدة ، وإن قضية مكافحة الإرهاب قضية وطنية وإقليمية وعالمية .
وتتصارع على أرض سورية والعراق وليبيا فلول النظام الدولي القديم أحادي القطبية مع صعود النظام الدولي الجديد متعدد الأقطاب ، وهي حروب بين الهمجية والتحرير .. بين التبعية ونمط الحياة الديمقراطية والعصرية ، صراع بين التبعية وبين الإرادة الوطنية المستقلة ،وصراع مع القوى الإمبريالية والظلامية ، وبين القيم والأخلاق التنويرية والحضارية ، وأصبح الإرهاب مشكلة عالمية وليست محلية أو إقليمية ، فالداعشي جون ( وأمثاله ) الذي ذبح الرهائن العرب والأجانب هو من نتاج العنصرية الأوروبية التي غذّتها وتغذيها إسرائيل والمنظمات اليهودية لمعاداة العرب والمسلمين ، واعترف الرئيس الفرنسي هولاند بأن فرنسا قدّمت السلاح الفتّاك لمجموعات مسلّحة في سورية ، ولا تزال الولايات المتحدة تبحث عن معتدلين من أمثال حزم التي قدّمت لها صواريخ تاو ، واستقرّت في أيدي النصرة واستخدم معتدلوا واشنطن السلاح الكيماوي ضد المدنيين والجيش العربي السوري ، وسلّمت روسيا الإدلة للولايات المتحدة التي غطّت في سبات عميق ، وسكتت عن هذه الجريمة الدولية النكراء .
وتحالفت إسرائيل في المنطقة الجنوبية من سورية مع داعش والنصرة ، وكانت تسلّح وتداوي جرحاهم ( وبندر بن سلطان يدفع تكاليف العلاج ) وتدعمهم بتغطية من طائرتها وصواريخها في منطقة القنيطرة بالإغارة على مواقع الجيش العربي السوري .
وظهر أن رئيس الاستخبارات الأمريكية السابق ديفيد باترايوس أشرف على حشد المجموعات التكفيري الإرهابية ومنها القاعدة وإرسالهم من جميع أنحاء العالم إلى سورية ، وهو الذي طلب من السعودية تعيين بندر بن سلطان لتصعيد التدخل الخارجي والعدوان على سوريا باستخدام الإرهاب التكفيري الصهيوني .
وعملت إدارة الرئيس أوباما على السعي لاحتواء الإرهاب التكفيري وضبطه ضمن الإستراتيجية الأمريكية الشاملة في الشرق الأوسط حتى جمهوريات آسيا الوسطى للانتقام من دعم سورية للمقاومة اللبنانية والفلسطينية ومن استراتيجية بوتين المعادية للمجموعات التكفيرية ودفاعاً عن الأمن القومي الروسي والداعمة للدولة السورية .
وأدت الاستراتيجية الأمريكية الداعمة للإرهاب التكفيري إلى تطوير التحالف الاستراتيجي بين روسيا والصين وإيران وتعزيز شراكتهم مع سورية والعراق لمكافحة الإرهاب التكفيري .
وجاء اعتراف هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة في كتبها " خيارات صعبة " أنّ الإدارة الأمريكية أنشأت داعش لتقسيم الشرق الأوسط ، واعترفت بأن إزاحة الطاغية مبارك وبعد فشل المشروع الأمريكي في مصر جرّاء سقوط الإخوان المسلمين كان التوجّه الأمريكي إلى دول الخليج .
وأعلن وزير الحرب الإسرائيلي الأسبق موشي ارنس أنّ إسرائيل ترى أن الإرهاب التكفيري قاد إلى تفكك الجبهة المعادية لإسرائيل التي استمرت /60/ عاماً ، وإن زعماء الدول العربية المهمة يكتشفون أن بينهم وبين إسرائيل مصالح مشتركة ويبتعدون أكثر فأكثر عن قضية فلسطين .
قادت اتفاقية سايكس بيكو الغربية ووعد بلفور المشؤوم ونظام الانتداب البريطاني على فلسطين إلى إقامة إسرائيل في فلسطين العربية ، وتسعى الدول الغربية والصهيونية العالمية وأتباعهم من الملوك والأمراء العرب حالياً إلى رسم سايكس بيكو 2 لتخليد وجود إسرائيل ، وجعلها المركز والقائد للشرق الأوسط ، كما خطط هرتسل ومؤتمر بلتمور الصهيوني وبرنارد لويس وشمعون بيرس ، وكدولة لجميع اليهود في العالم وكأكبر غيتو يهودي استعماري وعنصري وإرهابي في قلب البلدان العربية والإسلامية .
وتتضمن سايكس بيكو2 إشعال الفتن الطائفية بين السنة والشيعة لتفتيت البلدان العربية وإعادة تركيبها من خلال مشروع الشرق الأوسط الجديد لإقامة إسرائيل العظمى الاقتصادية .
وبالتالي جاء مخطط إنشاء المجموعات الإرهابية وتدربيها وتزويدها بالمال والسلاح وإدخالها إلى سورية ضمن مخطط إمبريالي – صهيوني – رجعي لتفتيت المنطقة وتغيير هيكليتها لتنفيذ المخططات الأمريكية والصهيونية والرجعية ، وتدعم مملكة آل سعود وقطر وأمريكا وفرنسا وبريطانيا الإرهاب داخل سورية ضد الشعب السوري والدولة السورية وتحاربه في بلادها وتدعم النصرة في سورية وتقصف داعش في العراق ، ووصلت انعكاسات دعم الإرهاب في سورية إلى البلدان التي تدعمه ، ووصل إلى بروكسل وباريس .
وجاء تشكيل السعودية للتحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب ( من الدول السنية ) بتاريخ 15 كانون الأول 2015 من /34/ دولة لتهديد المنطقة بالفتن والحروب الطائفية والمذهبية مئة عام كما تنبّأ الصهيوني هنري كيسنجر على غرار حروب المائة عام بيم الكاثوليك والبروتستانت في أوروبا.
فهل يُعقل أن تتولى دولة ظلامية كمملكة آل سعود هذا التحالف الجديد وهي راعية الإرهاب الوهّابي التكفيري والقاعدة وداعش ومجموعات إرهابية مسلّحة أخرى ؟؟
تهدف السعودية من تشكيل التحالف المذهبي الجديد لتفكيك الوطن العربي مجدداً ، وانهاكه وتدميره واستنزاف ثرواته ، وإدخال المزيد من اليأس في نفوس أبنائه ، وتوليها قيادة البلدان العربية والإسلامية لتمرير الحل الصهيوني لقضية فلسطين من خلال جامعة الدول العربية .
إن التحالف العسكري الإسلامي الذي تقدوه السعودية لا علاقة له بتحرير القدس ومحاربة الإرهاب الصهيوني ، وإنما له أولوية أخرى وهي إشعال الحروب الطائفية وإقامة شراكة أمنية – إسرائيلية ، ويهدد استقرار وأمن البلدان العربية والإسلامية . ونظراً لأهمية الدور الذي ستقوم به مملكة آل سعود من خلال هذا التحالف الخطير طالب الصهيوني كيسنجر بالحفاظ على النظام السعودي مهما كان ، ودعا للحفاظ ولو بالقوة على حكم آل سعود من أجل إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية .
إن الولايات المتحدة الأمريكية وبقية الدول الغربية تتحمل مسؤولية ( الفوضى الخلّاقة ) والحروب والمآسي والويلات التي تعانيها شعوب المنطقة لإشعالها الحروب في أفغانستان والعراق وسورية وليبيا ، ودعمها لحروب إسرائيل العدوانية والإرهاب الصهيوني والتكفيري ، وأدى الوضع الذي خلقته هذه الدول واتباعها من الأمراء والملوك وبعض الرؤساء العرب إلى المزيد من الإرهاب الصهيوني والتكفيري لرسم سايكس بيكو 2 وتحقيق مشروع الشرق أوسط الجديد .
ويهدد الفكر البوريتاني والصهيوني والتكفيري جميع الشعوب والأعراق والديانات والثقافات في العالم ، وبقدر ما نسعى كشعوب ودول لمواجهة الإرهاب ومعاقبة مرتكبيه والقضاء على جذوره يجب على الجميع في العالم التفريق الحاد بين المقاومة وحروب التحرير والدفاع عن النفس وبين الإرهاب .
إن من واجب المجتمع الدولي التصدّي لإرهاب الدولة والإرهاب التكفيري والصهيوني في كل زمان ومكان لخطورته على جميع الشعوب والأمم وعلى السلم والأمن الدوليين وخطورة الإرهاب التكفيري الذي يعود ويضرب مصدّريه في داخل بلدانهم كما حدث في فرنسا وبقية البلدان الأوروبية ، وإرهاب الدولة : هو الاستخدام غير المشروع للقوة في إطار العلاقات الدولية كما تفعل الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية في العراق وفلسطين وسورية ولبنان والبحرين واليمن .
إنّ العنف أي استخدام القوة من قبل حركات التحرر والمقاومة من أجل الحرية والاستقلال وحق تقرير المصير عمل مشروع تؤيده وتدعمه الشرائع السماوية والقوانين الوضعية .
وعندما يعود المرء إلى تحليل تاريخ اليهود في العالم يجد أن اليهود هم أكثر الفئات في المجتمع البشري ممارسة للإرهاب والإبادة الجماعية والعنصرية والتمييز والانعزال العنصري انطلاقاً من التعاليم التي رسخها كتبة التوراة والتلمود والمؤسسون الصهاينة وقادة الكيان الصهيوني ، وعندما كانت تسنح لهم الفرصة وينتصرون على أعدائهم كانوا يرتكبون المجازر الجماعية تجاههم ويوغلون فيهم قتلاً ونهباً وتدميراً ويغرسون العنصرية والإرهاب والحروب في نفوس اليهود في البيت والمدرسة والمنظمات والمجتمع ، والجيش الإسرائيلي أوحش وأحقر الجيوش التي ظهرت على كوكب الأرض .
وقفت الولايات المتحدة وبقية الدول الغربية وإسرائيل ضد كل الجهود الدولية لتعريف الإرهاب وأهدافه وأسبابه ومبرراته ، وأخذوا يعملون على إدارة الإرهاب الدولي واستثماره لخدمة مخططاتهم في إضعاف أو الإطاحة بالدول الوطنية والقومية واليسارية خدمة لمصالحهم ، فهم الذين صنعوا الإرهاب وأدخلوه إلى بلدان الشرق الأوسط وعاد ووصل إلى شوارعهم ومنازلهم .
وتستعمل الامبريالية الأمريكية واليهودية وإسرائيل عدم التفريق بين المقاومة والإرهاب للقضاء على حق الشعوب، والأهم في مقاومة الاحتلال وكل ما هو غير عادل وباطل وظالم في العالم ، ويلصقون تهمة الإرهاب بكل ما هو عربي ومسلم لاقتلاع قدرة الشعوب على الصمود والمواجهة والمقاومة وإقامة الحق والعدل والاستقرار والسلام والازدهار في فلسطين وفي كل مكان ، ويقود عدم التفريق بين المقاومة والإرهاب إلى خدمة مخططات الولايات المتحدة وإسرائيل الاستعمارية والعنصرية و الإرهابية ، فالمقاومة هي حق وشرف وكرامة الأمة العربية والإسلامية والحصن الأخير لها للدفاع عن حقوقها وسيادتها وكرامتها وأرضها ومقدّساتها في مواجهة عقيدة توراتية تلمودية صهيونية معادية وكارهة للعرب والمسلمين ومهيمنة على العقل الغربي ، وبشكل خاص الولايات المتحدة الأمريكية ، وبالمقابل يجب العمل على إرساء مبادئ الحق والعدالة في المجتمع الدولي ومكافحة الإرهاب الصهيوني والتكفيري ، فالإرهاب أصبح ظاهرة عالمية تديرها الولايات المتحدة وبقية الدول الغربية وإسرائيل والصهيونية العالمية واتباعهم من الأمراء والملوك العرب للهيمنة على ثروات الشعوب النامية وعدم الاكتراث بكرامة الأمة والإنسان وتهدد الأمن والاستقرار لدى جميع الأجيال والثقافات والأعراق والأديان في العالم ، ويمكن القول انطلاقاً من تجارب الشعوب أنه لا سبيل للسلام الدائم إلا بتحقيق العدالة للجميع .
وجاءت الحرب الكونية على سورية ونجح محور المقاومة والممانعة وسحب بمصداقيته من أيدي الدول الغربية الاستفراد برفع شعار مكافحة الإرهاب التي ألصقت تهمة الإرهاب بحركات المقاومة ومنها مقاومة حزب الله .
إ‘ن المطلوب من السلطة الفلسطينية وجامعة الدول العربية الإسراع بتقديم قادة إسرائيل إلى محكمة الجزاء الدولية لمحاكمتهم كمجرمي حرب أسوة بمجرمي الحرب النازيين بموجب المادة السادسة من نظام محكمة نوربيرغ وبموجب المادة الخامسة من نظام محكمة الجزاء الدولية لارتكابهم جرائم حرب وجرائم ضد السلام وضد الإنسانية ، وتطبيقاً لتقرير غولد ستون الذي وافق عليه مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ، كما يجب تحميل المملكة السعودية وقطر والإمارات التي قامت بتدريب وتسليح وتمويل المجموعات التكفيرية الإرهابية وإرسالها إلى سورية والعراق وليبيا لتدميرها وسفك دماء مواطنيها والإطاحة بحكومتها الوطنية تكاليف إعادة الإعمار في البلدان التي دمرها الإرهاب التكفيري .
و أدت قذائف الغدر و الإجرام للمجموعات التكفيرية على المدنيين في دمشق بتاريخ 19/2/2017 إلى استشهاد زوجتي أم نضال في كورنيش التجارة. و كانت تؤمن، رحمها الله، بمواجهة الإرهاب الصهيوني و التكفيري لما يشكلانه من أخطار جسيمة على جميع الشعوب في العالم.
ثبت بجلاء في الحرب الكونية على سورية أن الفكر الوهابي التكفيري ينشر الإرهاب ويشوه الإسلام ومفهوم الجهاد الذي تعلمناه في منازلنا ومدارسنا وجامعاتنا ومجتمعاتنا بأنه لتحرير فلسطين وليس لقتل العرب من مسلمين ومسيحيين وقتل جميع أبناء شعوب العالم ، لذلك يجب أن تكون مكافحة الإرهاب التكفيري والإرهاب الصهيوني من أولى الأولويات لجميع الشعوب والأمم في العالم .
إن مكافحة الإرهاب الصهيوني والتكفيري تتعارض مع مصالح العديد من الدول الغربية والإقليمية مما أدى إلى فشل القضاء عليهما حتى الآن ، ولأن الدول الغربية لا تكافح الإرهاب التكفيري والصهيوني ، بل هي نفسها التي خلقت القاعدة والنصرة وداعش وفي الوقت نفسه تدافع عن الإرهاب الإسرائيلي بذريعة حقيرة وكاذبة وهي الدفاع عن النفس في مواجهة المقاومة الفلسطينية .
إن الإسلام والمسيحية الشرقية يؤكدان على السلام العادل وعدم استخدام القوة في العلاقات بين بني البشر ، ويقود السلام العادل إلى الأمن والاستقرار والازدهار والعدالة للجميع والابتعاد عن بث الفتن الطائفية والمذهبية والعرقية لزعزعة وحدة المجتمعات وتفتيت الشعوب والبلدان في منطقة الشرق الأوسط .
وثبت بجلاء أن سورية ومحور المقاومة وروسيا تصدّوا للإرهاب وداعميه من الدول الغربية ودول الخليج العربية نيابةً عن البشرية للحيلولة دون انتصاره والعودة إلى الوراء فكرياً واقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وثقافياً واجتثاث جذوره الفكرية وعلى أرض الواقع في سورية وبقية الأراضي التي يتواجد عليها .
فشلت الولايات المتحدة الأمريكية وبقية الدول الغربية وأتباعهم من الملوك والأمراء العرب في تحقيق أهدافهم الجوهرية من استخدام الإرهاب التكفيري بفضل صمود سورية جيشاً وشعباً ورئيساً ودعم المقاومة الإسلامية في لبنان وإيران وروسيا ، وغيّر هذا الصمود الأسطوري والتضحيات الجسام مجرى الأحداث في المنطقة والعالم، وفشلوا جميعهم في الإطاحة بالدولة السورية وكسر إرادتها وتغيير توجهاتها الوطنية والقومية ،
إن حل الأزمة السورية سياسي من خلال الحوار السوري – السوري والمصالحة الوطنية وبقيادة الدولة السورية بعيداً عن أي شكل من أشكال التدخل الخارجي استناداً إلى القانون الدولي العام والقانون الدولي الإنساني وميثاق الأمم المتحدة وتطبيقاً للدستور والقانون وحقوق المواطنة والدولة المدنية لكل مواطنيها .