ماذا ستجني القضية الفلسطينية من "استخفاف أيلول"؟
وهم الدولة ليسبديلاً عن مشروع التحرير
د. إبراهيم علوش
منذ عقود، وثمة شبحٌيجول في العقل السياسي الفلسطيني هو شبح "الدولةالفلسطينية". فمن فصائلمنظمةالتحرير الفلسطينية، وعلى رأسها حركة فتح، إلى حركة حماس، مروراً بالعديدمنالشخصيات الوطنية المستقلة والمناضلين والمفكرين الموالين والمعارضين، باتذلكالشبح يسيطر على العقول والأفئدة، وباتوا يستدعونه عبثاً لعله ينتقل منالأذهانإلى الأبدان، ولعله يحل بينهم أخيراً على شكل "دولة"، دولة فلسطينيةمثلأية دولة في العالم، لا أقل، سوى أن كيانه الهلامي بقي سراباً سياسياً يقودكلالمسيرة السياسية للعمل الوطني الفلسطيني إلى صحراء مقفرة لا رجاء فيها ولادولةولا من يحزنون، وهم ما برحوا يضربون في المندل، وعلى الدف والأبواب، وليسمنمجيب. فالواقع هو واقع احتلال. والاحتلال يستلزم مشروع تحرير، والتحريريتطلبإستراتيجيةً أخرى لا موضع فيها للأوهام، ولا تعلق بكرم الإمبرياليينوالصهيونيين.
وقد تم تدشين مشروع الوهم المسمى دولة رسمياً في برنامج النقاطالعشر الذيتبناه المجلس الوطني الفلسطيني في دورته الثانية عشرة في القاهرة في8/6/1974علىخلفية مفاوضات جنيف التي ظنت قيادة م.ت.ف وقتها أنها ستنتج حلاًسياسياً للقضيةالفلسطينية.
ومن هنا بدأ تكريس الانحرافعلى شكل قراراتللمجلس الوطني، بعدما كان حكراً على بعض قيادات فتح والجبهة الديموقراطية لتحريرفلسطين.
وبمناسبة خطاب خالد مشعل في دمشق في 25/6/2009 الذي اعترف فيهرسمياًببرنامج الدولة الفلسطينية رداً على خطاب أوباما في القاهرة، والذي يبدوأن البعضظن أيضاً أنه فاتحة حل سياسي للقضية الفلسطينية، كتبت في النقاط العشرما يلي:
برنامج النقاط العشر لعام 1974 في الواقع يمثل بالمقارنة سقفاًسياسياًأعلى بكثير من مشروع الدولة الفلسطينية الذي باتت تتبناه حماس رسمياًللأسف، بعدماكان يُقال سابقاً بأنه مجرد تكتيك. وإليكم مقتطفات منه يستطيع كلمن يرغب أنيعود للنص الأصلي للنقاط العشر على الإنترنت وغيره ليتأكد منها ومنسياقها:
اقتباس:
تناضل منظمة التحريربكافة الوسائل وعلى رأسها الكفاح المسلحلتحرير الأرض الفلسطينية وإقامة سلطة الشعب الوطنيةالمستقلة المقاتلة عل كل جزءمن الأرض الفلسطينية التي يتم تحريرها...
تناضل منظمة التحرير ضد أي مشروع كيانفلسطيني ثمنه الاعتراف والصلح والحدود الآمنة والتنازل عن الحق الوطني وحرمانشعبنا من حقوقه في العودة وتقرير مصيره فوق ترابه الوطني… إن أية خطوة تحريريةتتم هي حلقة لمتابعة تحقيق إستراتيجية منظمة التحريرفي إقامة الدولة الفلسطينيةالديمقراطية المنصوص عليها في قرارات المجالسالوطنية السابقة...”.
وبالرغممن الحديثالوارد في النقاط العشر عن التحرير والكفاح المسلح ورفض الاعترافبالكيان كثمنللكيان الفلسطيني، وبالرغم من اعتبار ما ورد “خطوة” على طريقالدولة الفلسطينية "المنصوص عليها” سابقاً، أي على كامل فلسطين، فإن التنازلالمبدئي المهم والجديد فيها كان الحديث عن قبول تأسيس “سلطة وطنية” فلسطينية علىجزء من فلسطين، والحديث عن تقرير المصير للشعب الفلسطيني “فوق ترابه الوطني”،وليس على كل ترابه الوطني مثلاً، ثم أن الجديد الذي تم البناء عليه لاحقاً كانتكريس فكرة “المرحلية”، واستبدال هدف التحرير بهدف الدولة.
وفي النقطةالأولى منالنقاط العشر تم رفض القرار 242 لأنه “يتعامل مع القضية الفلسطينيةكقضية لاجئين” فحسب، وليس لأنه يعترف بالكيان الصهيوني مثلاً، كما أن ديباجةالنقاط العشر التيتقدم لها وتبررها تبنيها على أن عملية التسوية تحركت بفعل حربتشرين عام 1973،وكما جاء نصاً: “كان مننتائج حرب تشرين أن تحركت قضية الشرقالأوسط على الصعيد الدولي بعد أن كانت تمر قبلذلك بحالة ركود اصطلح تسميتها ” حالة اللاحرب واللاسلم” وصدر عن مجلس الأمن القراررقم 338 في 22/11/1973 الذيجاء يؤكد القرار رقم 242″، وبالتالي فإن م.ت.ف هيالممثل الشرعي الوحيد ولا يحقلأحد أن يتفاوض بالنيابة عنها… إذن السياقالسياسي لطرح النقاط العشر كان سياقاًتسووياً، ومحاولة قيادة م.ت.ف وضع موطئ قدم لها على طاولة الحلول السياسية، ولميكن أبداً سياق تحرير على مراحل أو بلا مراحلكما ما برح يُقال ذراً للرماد فيالأعين.
المهم بالنسبة لنا ليس تقييم النقاط العشرالتي تجاوزها واضعوها إلىما هو أدنى منها بكثير، بل الصيرورة وعملية التحول التيأسست لها النقاط العشرببرنامج “المرحلية” والدولة، فكما تتحول الشرنقة إلى فراشة،والبذرة إلى نبتة،لا يمكن للنهج المرحلي إلا أن يطلق آلية يتجاوز بها ذاته إلىأسفل سافلين فيصيرورة معاكسة لقانون نفي النفي، نحو الاختفاء، بدلاً من الارتقاء، ما دامتالقدم قد بدأت تنزلق، لينبثق عباس من رحم عرفات، ولينبثق عبد ربه من رحم حواتمة،كنتيجة موضوعية للخط السياسي التسووي، وليعمل عباس وفياض على شطب حركة فتحبعدمالعبت دور القابلة القانونية لولادة السلطة… فالصيرورة هنا هي الأساس وكيفية تحولالإنسان التسووي بالضرورة من عميل بالقوة إلى عميل بالفعل.
اقتباس:
وهذه الرؤية ليستللمزايدة على أحد، بللتقييم مسار تاريخي نضجت نواته التسووية حتى سقطت وتعفنتأمام أعيننا جميعاً دونأن تعود علينا إلا بالمزيد من الخراب. وهذه الطريق سبقأن سار عليها الجمع،فلماذا نجرب ما تم تجريبه من قبل؟!
)
وعودة إلى ما يسمى "استحقاق أيلول"، الذي ترفضه حماس، ونرفضهمثلهاكما يرفضه كثيرون، والذي ينبني بدوره على تلويح أوباما قبل عام، أي فيأيلول
2010، في خطاب له في الأمم المتحدة، أن تتأسس دولة فلسطينية في أيلول،نقول أن الوهم الذي أفضى إليه هو خط سياسي ومنهج وعقلية، لا مجرد تكيتك، وقد بدأرسمياً بتبني برنامج النقاط العشر، وكبر منذ عام 1974 حتى جاء عام 1988 عندما تمإعلان
"الدولة الفلسطينية" الأول في 15/11/1988 في دورة المجلسالوطنيالفلسطيني التاسعة عشرة في الجزائر ليصل إلى توقيع اتفاقية أوسلو في 13أيلول عام
93، وفي كل مرة كان وهم الدولة يكبر، وكانت فلسطين تتقلص. وفي أوسلوتم القبول بحكم ذاتي محدود الصلاحياتعلى شذرات من فلسطين، باسم وهم الدولةأيضاً. وهي دولة غير موجودة إلا على الورق طبعاً، طبل لها البعض وزمروا حتىتعبواوناموا، والأرض ما برحت محتلة، والكيان الصهيوني يزداد تجذراً فيها. وتحتغلاف إعلان الاستقلال الوهمي، تم تمرير الاعتراف بالقرار 242 وقراراتالشرعيةالدولية المتخلية عن 78% من فلسطين، وبعد خطاب ياسر عرفات في الأممالمتحدة تمتمطالبته بإدانة "الإرهاب" ومحاربته، فعقد مؤتمراً صحفياً وفعل.
ومنذ تلك اللحظة بدأ رسمياً تبني نهج التشكيك بالعمل المسلح الذي انتهىإلىعهد التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية للحد الأقصى في ظل محمود عباسوسلامفياض، حتى أن الصحف الصهيونية نقلت في 16/9/2011 عن عاموس جلعاد، رئيسالدائرةالسياسية والأمنية في وزارة الأمن "الإسرائيلي" قوله: "رفض محمود عباسورئيس وزرائه سلام فياضلظاهرة العنف ضد إسرائيل هو ما جلب لنا الأمان، فهمايحاربان حركة حماس والتنظيماتالأخرى لأنهما يعلمان جيداً أن التنظيماتالفلسطينية من الممكن أن تحطم وتقضي علىالسلطة الفلسطينية، بالإضافة لإعداماحتمالات السلام مع إسرائيل"... أي أن العمل المسلح، حسب هذه الرؤية، يمكن أنيقضي على برنامج "الدولة"، فكم من التنازلات والخطوات ارتكبت باسم تلك "الدولة"،لعل أخطرها على الإطلاق كان التخلي عن 78% من فلسطين، والاعتراف بالكيانالصهيوني، في "إعلان الاستقلال" عام 88 الذي كتبه محمود درويش.
ويرى الكاتبأحمد السعدي في ورقة له في 25/7/2011 حول ما يسمى
"استحقاق أيلول" أن الاستحقاقالمذكور سيقود إلى نتيجة محددة. فإذا كان "إعلان الاستقلال" عام 88قد أدى إلىالتفريط بمعظم فلسطين، والاعتراف بمشروعية وجود الكيان الصهيوني، والتمهيدللتعاون الأمني، فإن "إعلان الدولة" للمرة الثانية سيؤدي، منأجل عيون الدولة،إلى التفريط بقضايا الحل النهائي مثل اللاجئين والقدس والحدودوالمستعمراتوالمياه... والقضية قضية أولويات. فإذا كان مخدر "الدولة" السياسي لم يعد من الممكنالاستغناء عنه،فإن ذلك يعني بالضرورة الاستعداد للتفريط بكل شيء من أجلتلك."الدولة".
ولا يهم طبعاً إعلان الدولة مرة أو مئة مرة أو ما إذا كانت ستسمى "دولة" أو حتى "إمبراطورية فلسطين". المهم هو ميزان القوى والوقائع العنيدة على الأرض. وكما ذكر أحد المواقع الصهيونية
على الإنترنت في مقالةبالإنكليزية بعنوان "مخاطر الاعتراف المبكر بدولة فلسطينية": حسب الاتفاقات الموجودة، فإن السلطة الفلسطينية تمارس درجات متنوعة من السيطرة على مناطق صغيرةمن الضفة، كما أن اتفاقيات عام 95، الملحقة بأوسلو، تمنع السلوك المنفرد من أيمن الطرفين لتغيير وضعية الضفة وغزة.
وبالرغم من ذلك، فإن الكيان الصهيوني ماضٍ في تهويد القدس ومصادرة الأراضي وبناء الجدار، الخ... فيما السلطة ملتزمة بكل ما نصت عليه الاتفاقيات المعقودة معها من تعاون أمني. وبما أنهاالطرف الأضعف، فإنها من سيحاسب على السعي لتغيير وضع الضفة من خلال "سلوك منفرد" في الأمم المتحدة.
وبالمناسبة، ليس الخلاف على إعلان الدولة أو حتى على إقامة دولة، فالساسة الصهاينة يتفق أغلبيتهم على تأسيس دولة فلسطينية. حتى اليمين الصهيوني تبنى فكرة تأسيس دولة فلسطينية. وقد بدأ ذلك مع أرييل شارون في 16/10/2001، حين أعلن موافقته على تأسيس دولة فلسطينية بشروط صارمة بعدما قبلبها جورج بوش، الرئيس الأمريكي السابق. وفي مؤتمر صحفي في العقبة جمعه معجورج بوش ومحمود عباس، أعلن أرييل شارون تأييده لمطلب الدولة الفلسطينية في 4/6/2003، مع مراعاة مصالح "إسرائيل" الأمنية بالطبع.
فالدولة الفلسطينية مصلحة "إسرائيلية" لأنها تأتي ضمن اعتراف بالكيان، وتعاون أمني معه، ولأنهاستحول الصراع من صراع وجود إلى نزاع حدودي، ومن مشروع تحرر من الاحتلال إلى جسرللعبور للمحيط العربي، كما نص الملحق الرابع، الاقتصادي، من اتفاقية أوسلو، ولأن الدولة تعني أن العودة، إذا تمت، تكون إليها، وليس إلى المدن والقرى التي هجر من اللاجئون. والدولة تعني أن القضية الفلسطينية قد حلت، ممايعطي الكيان الصهيوني مشروعية عربية ودولية ناقصة حتى الآن، كما أن وجود دولة فلسطينية قد يصبح مبرراً للمطالبة بالاعتراف بيهودية الدولة الصهيونية، مما يحمل أخطاراً كبيراً على شعبنا في ال48. كما أن الدولة التي تأتي ضمن ميزان القوى الحالي ستكون بلا سيادةوصلاحيات، وستكون في قبضة الكيان الصهيوني تماماً، فهو يسيطر على هوائها ومائهاومعابرها وتجارتها، ولا يستطيع أي مسؤول من السلطة الفلسطينية حالياً، بالرغم منكل مظاهر الدولة الشكلية، أن ينتقل من مدينة إلى مدينة ضمن الضفة الغربية دون أخذ إذن من الاحتلال. فما يجري الحديث عنه هنا ليس دولة، بل مهزلة. لكن، إذا كان الأمر كذلك حقاً، لماذا يرفضها الكيان الصهيوني إذن، ويسعى جاهداً لإحباط الجهدالدبلوماسي للسلطة الفلسطينية في الأمم المتحدة؟ والجواب على هذه النقطة لا يكون بأن الكيان الصهيوني يرفض وجود دولة فلسطينية، خاصة أنها يسيطر تماماً على شروط إخراجها إلى حيز الوجود. الجواب يكمن في أن الكيان الصهيوني يرفض أن يفرض عليه شيء بتاتاً، حتى لو كان تحت سقفه الأدنى. فلا يجوز للسلطة التي تعبت من التسويف أن تتجاوز طاولة المفاوضات للتوجه مباشرة، من فوق رأس الكيان، إلى الأمم المتحدة. فإذا تعلم العرب أن يفعلوا ذلك،فإن ذلك يفتح باباً خطيراً منالمطالبات لا يقبله اليهودي كتاجر ومرابي منذ فجرالتاريخ، ولا يقبله ساسة الكيان الصهيوني لأن الطرف الأخر عليه أن يتعلم أنه يتسولف حسب، ولا يفاوض، ولايملك أوراقاً أصلاً. والكيان الصهيوني يتعامل باستعلاء وعنجهية لأن ذلك جزء من الثقافةالتوراتية التي تعكس ثقافة اليهودي العملي، فهو يريد أن يفاوض وهويوسع المستعمرات، ويعلي الجدار، ويهدم المنازل، ويقتلع الأشجار، دون أن يسأله أحدٌ لماذا. فجوهر المشكلة في التوجه للأمم المتحدة ليست "الدولة"، بل القفز منفوق رأس الكيان... ولعل هذا من حسن حظنا. فالخطورة الحقيقية تأتي من ساسة صهاينة مرنون قادرون على تجاوز الاستعلاء والصلف والعنصرية، ساسة قادرون على ابتزاز كل شيء من المفاوضين العرب والفلسطينيين بقليل من التنازلات، سوى أن هذا الكيان لايريد أن يقدم أي تنازلات.
بالرغم من ذلك فإن الباحث القانوني الفلسطيني في جامعة أريزونا الأمريكية
محمد رياض يقول أن التوجه للأمم المتحدة لم يحدث بعد،وبأن ما يجري لا يعدو عن كونه مسرحية إعلامية. فحسب أكثر من مقالة كتبها محمدرياض، فإن إقرار عضوية دولة في الأمم المتحدة تقتضي في البدايةالتوجه للسكرتارية العامة للأمم المتحدة بطلب عضوية، وتحول السكرتارية العامةذلك الطلب
لمجلس الأمن عبر اللجنة القانونية، فإذا وافق عليه تسعة أعضاء في مجلسالأمن من أصل خمسة عشر عضوا، وإذا لم يتعرض للنقض من أيٍ من الأعضاء الدائمين ،فإن الطلب يحول للجمعية العامة التي يجب أن تقره بأغلبية الثلثين.
فهل تلعب السلطة بقصة طلب العضوية من أجل تحسين الشروط التفاوضية مع الكيان الصهيوني؟ ليس هذا مهماً في الواقع، فالخسائر من جهتنا في الحالتين، سواء سارت السلطةب"المعركة الدبلوماسية" حتى النهاية أو لم تسر، وخسائرنا ستكون أكبر لو اعترفالكيان الصهيوني بالدولة الفلسطينية مما لو لم يعترف، لأن التنازلاتالإستراتيجية والمبدئية والتاريخية التي تعرضها السلطة مقابل "الدولة"، خاصة فيما يسمى "قضايا الحل النهائي"، أكبر بكثير من أي "استقلال" مزعوم.
أخيراً، يزعم البعض أن قبول السلطة الفلسطينية في الأمم المتحدة ولوكدولة
غير عضو في الهيئة العامة سيتيح للسلطة أن تقاضي الكيان الصهيوني أمام المحكمة الجنائية الدولية. لكن هذا هراء ما بعده هراء. فالكيان الصهيوني ليس عضواً في المحكمة الجنائية الدولية، وكدولة غير عضو، لا يمكن رفع أيه قضية ضده في تلك المحكمة إلا إذا تم تحويلها إليها من مجلس الأمن الدولي الذي تتمتع فيه الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا بحق النقض. واقتبس هنا من مقالة نشرتها عام 2008 عن تحويل ملف الرئيس السوداني عمرالبشير للمحكمة الجنائية الدولية: مايغفله من يقولون أن السودان لم يوقع على معاهدة روما، وبالتالي أنه غير ملزَمبالمحكمة الجنائية الدولية وقراراتها، والرجاء الانتباه جيداً هنا، أن البندالثالث عشر من معاهدة روما يقول أن مجلس الأمن الدولي من حقه أن يحول قضاياللمحكمة الجنائية الدولية حيث لا تمتلك المحكمة الجنائية الدولية ولايةقانونية. وقد مارس مجلس الأمن هذه الصلاحية بالفعل في آذار/ مارس 2005، عندماحول ملف دارفور كمجلس أمن دولي إلى المحكمة الجنائية الدولية، حيث لم تكن تستطيع المحكمة الجنائية الدولية التدخل في شأن دارفور مباشرة بدون قرار من مجلس الأمن لأن السودان لم يوقع على معاهدة روما. فتدخل المحكمة الجنائية الدوليةفي قضية دارفور يتم بغطاء قانوني وسياسي من مجلس الأمن أصلاً... إذن اللجوءللمحكمة الجنائية الدولية ضد الكيان الصهيوني مرهون بحق النقض للدول العظمى في مجلس الأمن، والعبرة واضحة...
لكن ماذا عن محكمة العدل الدولية؟ وهي أحد أذرع الأمم المتحدة التي تضم تحت جناحها ممثلين عن الدول الأعضاءفيها؟ الجواب على هذا أيضاً أن ولاية محكمة العدل الدولية، حسب الباحث محمد رياض، تقتصر على الدول التي تعترف بسلطتها، والكيان الصهيوني لا يعترف بالولاية الجبرية لمحكمة العدل الدولية، فإذا تم تحويل أية قضية لمحكمة العدل الدولية بعد ذلك، فإن ذلك يكونلإبداء رأي استشاري غير ملزم، تماما كما حدث في حالة الرأي غير الملزم الذيأبدته محكمة العدل الدولية في قضية الجدار العازل عام 2004.
وعلى كل حال،أحارب منذ سنوات أوهام العمل الدبلوماسي والقانوني والإعلامي الدولي كبديل عماهو أهم: مشروع التحرير القائم على عروبة فلسطين كلها والذين لا يتم إلا بالكفاح الشعبي العربي المسلح، لكنني ذكرت النقاط أعلاه لإظهار مدى خواء قصة إعلان الدولة حتى على صعيد قانوني.
وفي الخلاصة نقول أن هذه المسرحية تعبير عن أزمة المشروع السياسي للدولة
الفلسطينية برمته، وأن هذه الخطوة ستكون أكثر خطراًعلينا لو مرت مما لو لم تمر، لأن تحقيقها يتطلب تنازلات في مجال قضايا الحل النهائي مثل القدس واللاجئين والحدود والمستعمرات والسيادة والمياه تعمق وتكرسالتنازلات التي سبق أن قدمت في مجال الاعتراف بالكيان الصهيوني وحقه في الوجودوالتعاون الأمني ضد المقاومة الفلسطينية.
البديل
24/9/ 2011
http://freearabvoice.org/?p=1417
أيضا:
http://alhoob-alsdagh.ba7r.org/t12039-topic#75016