منهج في التربية المرحلية للأولاد بالنهج الإسلامي القويم
ورد فيما جاء من كلام علي بن أبي طالب رضي الله عنه ؛ وقد كان معروفا ببلاغته وقربه من مدرسة النبوة منذ صغره حتى رجولته وهذا ما جعله يستنتج من النصوص الشرعية والسنن النبوية خطة لتربية الأبناء
في قولته المعروفة :
( لاعب ابنك سبعاً، وأدبه سبعاً، وصاحبه سبعاً، ثم اترك له حبله على غاربه )
مرحلة ملاعبة الطفل من عقائد وآداب وأخلاق الإسلام:
وربما بتوجيهه للتدريب على العبادات كالصوم والحج عن طريق اللعب ،وهذه الطريقة هي النهج الغربي في التربية الحديثة التي استفاد منها من قيم الإسلام التي لاحظها المستشرقون منهم
والتي تطبق في مرحلة ما قبل التعليم المباشر للطفل منذ أربعة عشر قرنا من الزمان ،
ومما يروى في ذلك ملاعبة النبي - صلى الله عليه وسلم - لأم خالد بنت خالد بن سعيد -رضي الله عنهما- وهي طفلة صغيرة، وكيف علمها دعاء لبس الثوب الجديد في ثنايا اللعب، ولعبه مع سبطيه الحسن والحسين وهما يركبان على ظهره قائلا لهما ( نعم الجمل جملكما ، ونعم الراكبان أنتما )
مرحلة التأديب التربوي المعلم :
- وحد السبع سنين مأخوذ من قوله - صلى الله عليه وسلم
( مُرُوا أَوْلاَدَكُمْ بِالصَّلاَةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرِ سِنِينَ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ في المضاجع رواه أبو داود ، وصححه الألباني
فإذا كان الطفل يعلم الصلاة التي هي أعظم عبادات البدن في سن السابعة يدل هذا على أنه أول سن يصلح فيه التعليم المباشر، وأما ما قبله فيحتاج الأمر إلى التعليم عن طريق اللعب والمحاكاة بالتوجيه الهادف
وهذا ما أيدته الدراسات الطبية الحديثة أن هذا هو سن الإدراك عند معظم الأطفال ولا عبرة بالنادر سلباً وإيجاباً
ومن رحمة الله تعالى بالإنسان من حيث الخلقة أن ينمو عقله تدريجياً منذ ولادته إلى أن يصل إلى سن الإدراك أو التمييز، ثم يستمر النمو إلى أن يزامن درجة النضج الخِلقي مع القدرة على التناسل، وهذه تحصل غالباً عند أربعة عشر عاماً ؛ ومن هنا يأتي التكامل بين الشرع والقدر حيث يستمر تطور النمو العقلي متزامناً مع التأديب، وهو التعليم والتوجيه المشمول بالعقاب الخفيف النادر متى احتيج إليه
وتزخر السنة بنماذج تأديب النبي - صلى الله عليه وسلم- لمن كان من أبناء أصحابه كعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمرو، والحسن، والحسين، وأسامة بن زيد، وأبي هريرة -رضي الله عنهم أجمعين- في هذه السن، حتى كان قلما ارتحل إلا وأردف واحداً من هؤلاء معه على الدابة يعلمه ويؤدبه ؛
ومن ذلك الحديث المشهور الجامع لمعاني الإيمان بالقدر في وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- لعبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وقد صح عن ابن عمر -رضي الله عنهما
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- عَرَضَهُ يَوْمَ أُحُدٍ وَهْوَ ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَلَمْ يجزني، ثُمَّ عرضني يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ فأجازني متفق عليه
ودل هذا على أن التأديب متى أخذ حقه التام ربما حصل النضج الاجتماعي للطفل قبل أن يبلغ أربعة عشرعاماً، كما كان حال عبد الله بن عمر وغيره من صغار الصحابة الذين كانوا يتسابقون إلى مزاحمة الرجال في بدر وأحد
مرحلة المصاحبه والمصادقة :
فإذا تجاوز الصبي الرابعة عشر إلى الخامسة عشر، وصار بذلك في ميزان الشرع رجلاً كامل الأهلية حتى وإن تأخر نموه الجنسي، فينبغي على الأب أن يراعي التطور النفسي الذي طرأ على ولده، ودون أن يرفع يده من ملاحظته وتربيته مع جعل نصائحه تبدو في صورة الصديق لصديقه أكثر من كونها أوامر ملزمة، وعلى هذه العبارة الوجيزة تدور نصائح علماء الطب النفسي في الأسلوب الأمثل لمعاملة المراهقين ، ويجتهد الأبناء في هذا السن أن يقدموا من مهاراتهم المكتسبة بالمران والتدريب الإسلامي المراقب أن يكون خير الأصحاب لوالديهم إذا كانوا قدوة حسنة في تربيتهم وتدريبهم
اترك حبله على غاربه
بتقويم أولادهم ليكونوا رجالا في مرحلة ما بعد البلوغ والمراهقة والتي تبدأ من سن الرشد التام في عمر ما بعد العشرين سنة ؛أي الأعوام التي تلي الملاعبة والتأديب والمصاحبة ؛ وهي حياة الاستقلال بالزواج أو العمل والانتاج والاعتماد على النفس التي تم تربيتهم عليها بمنهج وقيم الدين الإسلامي الحنيف
فكأن كلمة الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه مع إيجازها وبلاغتها وضعت منهجا يعلم المسلمين أن يرجعوا إلى تاريخ حضارتهم الإسلامية في التربية السليمة بدلا من أن يشيروا إلى ما يدعيه الغربيون أنهم واضعوا ومنظروا المنهج التربوي الحديث للعالم لتربية النشء