إلى أمريكا،،، مع الاعتذار والشكر ،،،
بعد أن تبين لي بالوجهين الشرعي والقطعي أن غالبية الشعوب والجماهير العربية، والأقلام العربية (الحرة) تؤيد التدخل الأجنبي الأمريكي في ليبيا، أقول الأمريكي لأن مجلس الأمن كما يعلم "الحمار العربي" هو مؤسسةٌ أمريكية، لأن أمريكا تبتكر الكثير من الطرق والأساليب للتدخل في شؤون الدول الأخرى عبر مجلس الأمن، وما تلك المشاركة الدولية سوى إضافة مزيدٍ من الشرعية لهذا العدوان، أوه هل قلتُ (العدوان) ؟ تباً للساني الآثم قطعه الله، وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم ؟؟ العفو أمريكا، أقصد شرعنة الإنقاذ الأمريكي للشعوب العربية، أرجو المعذرة .
وبعد أن تبين لي بالوجهين السابقين أن الغالبية تؤيد التدخل الأجنبي الأمريكي في اليمن بناءً على طلب المعارضة اليمنية، والشعب اليمني (المقموع)، قررتُ أن أصحح مفاهيمي (الخاطئة) عن أمريكا، لأنني اقتنعت بمبررات الناس العاديين، وبعض الأقلام التي تكتب في الموضوع، فما أن تسأل أحدهم (وأنت في حالة استنكار للتدخل الأجنبي) إلا أجابك وهو في حالة (ثقة ووعي كامل لما يدور) : (يا أخي وهل تريد أن يبيدهم النظام والكل يتفرج عليهم؟).
فعلاً ما أقساه قلبي، لماذا ما زلت أثق بقدرة الشعوب ذاتياً على التغيير والتصحيح ؟ ولماذا ما زلت أؤمن بالجماهير التي تستطيع تحرير بلدانها من القمع والتعسف والتنكيل دون تدخلٍ أجنبي ؟ هل يقف الزمن عند الثورة الجزائرية (المليون شهيد) التي حررت الجزائر من الاستعمار الفرنسي دون تدخل من أمريكا ؟ أم هل تتوقف الساعة عن الدوران عند انتصار الثورة المصرية على الانكليز، والليبية على الإيطاليين، وبقية الثورات العربية على الاستعمارات الأجنبية ؟
بل هل توقفت عجلة الوقت عندي أمام الثورة الموريتانية التي أطاحت بالرئيس (معاوية ولد طايع) دون تدخل حتى من العرب ؟؟ أم تجمد التاريخ عند ثورة الضباط الأحرار في مصر والتي قلبت العرش الملكي إلى جمهورية ديمقراطية حديثة دون تدخل أجنبي، بل كان التدخل ضد هذه الثورة في عدوان 1956 ؟؟
بالفعل أنا متخلف جداً، ما زلت أعيش زمن الكرامة الذي ولى، ناسياً بل جاهلاً أن الموضة تتغير كل حين، فما زلت بعيداً جداً عن موضة هذه الأيام، اكتشفت هذا مؤخراً، ولكن مازال هناك متسعٌ لتصحيح الخطأ الشنيع الذي ارتكبته، بل الجريمة البشعة التي اقترفها قلمي وفكري بحق أمريكا، وأعوانها .
تباً لي، فقد كنت أؤيد العراق (صدام) ضد أمريكا فهل يغفر العم سام لي ذلك ؟
وألف تباً لي، فقد أيدت (شافيز) أيضاً ضد أمريكا، (وفيديل كاسترو)، وجيفارا،، والله يا سيدة العالم يا أمريكا لم أكن أعلم أن هؤلاء الثوار خونة، فهل تغفري ؟؟
لذا ،، فإني أعتذر لكِ يا سيدة الدنيا، بالأصالة عن نفسي، وبالنيابة عن عائلتي ومدينتي وجميع أبناء شعبي، فلا تؤاخذينا، فنحن مجرد نجسٍ عربي، لا يفهم مصلحته، وأنت سيدة الكون، تعرفين مصالحنا أكثر منا، فما أحراكِ أن تغفري لنا، وما أجدرنا أن نركع لك اعترافاً بذنوبنا وخطايانا، وها نحن نقدم إليكِ أراضينا ونفطنا وشعوباً جاهزةً للركوب، فهل تغفري ؟؟ فنحن لم نتابع (الموضة) فكيف لنا أن نعلم أن الموضة الآن هي استجداء العون من أمريكا بدون خجلٍ كما في الماضي ؟
وها نحن نتقدم إليكِ بالشكر والعرفان، ونلتمس البركات من صواريخك المباركة فوق رؤوسنا في ليبيا والعراق وفلسطين، فهل يتسع صدرك الحنون لآثامنا ؟؟
فأنتِ إلهة الدنيا وتسامحين، ونحن النجس العربي الآثم عبيدك المخلصين، فحتماً ستقدّرين ذلك، فأنتِ تعلمين أن الناقص السافل (مثلنا) لا يستطيع أن يتفهم الأمور من الوهلة الأولى .
ها أنتِ حررتِ العراق من الدكتاتور (صدام) وأحضرتِ للشعب العراقي حكومةً لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، ولم تكلفيهم عناء السفر، فقد أحضرتِ لهم حكومتهم على (دبابتك المباركة) ومجاناً، ولكن هناك جزءاً كبيراً من الشعب العراقي (ناكرٌ للجميل) ويقتل بأيديه (الآثمة) جنودكِ (الأبرياء)، الذين حرروهم ووهبوهم الحرية والديمقراطية على طبقٍ من (دم) أقصد من (نفط)، ـ يا لَلِساني الجانح ـ أقصد من ذهب .
وها أنتِ تحررين ليبيا (المختار) من طاغيتها القذافي، وتلهبين أحياءها ومدنها (وزنقاتها) بنيرانك (المقدسة)، وطائراتك المباركة، لكن بعض الناس الحمير أمثالي، (التي لا تعرف مصلحتها)، استنكروا هذا دون علمٍ منهم أنهم يصطفون إلى جانب الطاغية، كيف لنا أن نعض اليد التي تمتد نحونا كيدٍ، من خلال الموج مُدت لغريق ؟؟
وغداً ستحررين الشعب اليمني من طاغيته، فها هي أصوات المعارضة اليمنية والجماهير الشعبية اليمنية المتكومة في ساحة التغيير، بدأت تناديكِ يا "ست الكل"، وبعدها ستحررين السوريين والبحرينيين، والجزائريين ووووووووو .
وغداً ستكون قواعدك العسكرية منتشرةً في امتداد خارطة الوطن العربي الكبير، وسيكون لكِ في كل دولةٍ عربيةٍ جيش عرمرم، نعلم أن هذا سيثقل كاهلك، ولكن لا أمل لنا إلا بك، فنحن قمنا بالثورة وأنت لا تقبلين لنا أن نتراجع، ونعلم أن وجودك العسكري في دولنا العربية كلها سيبدو وكأنه (استعمار)، أو (احتلال) كما يحلو لبعض المُغرضين أمثالي أن يسموه، ولكني تبتُ لك عن كل ما يشوه صورتك المثلى في قلبي ووجداني .
بعض الخونة السفَلَة سيقول أن إسرائيل هي وراء الاحتلال الأميركي لبلاد العرب أوطاني من الشام لبغدان . ولكن لا تهتمي سيدتنا ، هؤلاء رعاع، لن يهتم لقولهم أحد، فنحن بتنا متحضرين، نعلم جيداً مفهوم الديمقراطية الحقيقية، والحرية الحقيقية .
بالنسبة لإسرائيل، فإنه لا عداء بيننا وبينها، فهي سيدة الشرق الأوسط الجديد والقديم، وهي ابنتك المدللة، وما الخلاف بيننا وبينها سوى خلاف الجار مع الجار، وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم على الجار حتى ظننا أنه سيورّثه، إنها خلافات سطحية على التراب الفلسطيني، تراب ، وهل للتراب قيمة يا سيدة العالم ؟ إنها مشكلة أبناء عم، وموضوعها تافه، إنه خلاف على (الوطن) لا أكثر .
ولكن نحن الفلسطينيين لنا رجاءٌ أخير، فنحن الحلقة الأضعف يا سيدة الكون، وأبناء عمنا اليهود يظلموننا، فهل لنا أن نستجديكِ ونطلب منك العون لنتحرر ؟ لا تفهمينا خطأ أرجوكِ ... لا نريد كامل التراب الفلسطيني، ولا نريد رمي اليهود في البحر، نريد حدود 1967 وحسبنا ذلك، لا نريد سوى القليل من التراب، ليس لنقيم عليه دولة، بل لنزرع فيه زهور البيلسان والقرنفل، قليلاً من التراب كي نغرس فيه أوتاد الخيمة الزرقاء، خيمة اللجوء .
قليلاً من التراب سيدة الدنيا كي يجد الواحد فينا ما يدفنه حين (ينقبر) ....
أمريكا الغالية ،،،، عذراً ،،، وشكراً !!!